يتميز المجتمع التارقي بعادات وتقاليد خاصة تتجسد عموما في نمط معيشته وطريقة لباسه فبمقابل الرجل الأزرق نجد المرأة التارقية التي لاتزال محافظة على لباسها التقليدي اليومي أو المناسباتي، فالمرأة في منطقة التوارق تشكل حلقة وصل أساسية في الحفاظ على تقاليد المنطقة. "السلام اليوم" اغتنمت فرصة زيارة ومشاركة إحدى نساء منطقة التوارق بصالون الزواج المقام مؤخرا بفندق الهيلتون من أجل الخوض أكثر في عالم "تارقيات"، حيث أكدت لنا "أمينة بوراي" حرفية ومختصة في خياطة الألبسة التقليدية الصحراوية أن المرأة التارقية لاتزال تقاوم الطبيعة الصعبة وتبذل جهودا كبيرة لمساعدة أخيها الرجل، حيث نجدها تختص في نصب الخيم وتجهيزها بكل المستلزمات، فقد أرغمتها ظروف الحياة وسفر الرجل من منطقة إلى أخرى بالصحراء الشاسعة وغيابه عنها لأيام جعلها تعتمد على نفسها في القيام بشؤون العائلة فتجدها تهتم بقضاء مختلف الحاجيات لتقوم بدورها كامرأة إضافة إلى دور الرجل كتربية الحيوانات واستخراج الماء وغيرها من الأمور، كما تجيد مختلف الصناعات التقليدية التي تعتمد فيها على أوراق النخيل، جلد الماعز والأغنام ومختلف المواد الأولية. إلا أنه ورغم المهام التي تتكفل بها المرأة التارقية، غير أن ذلك لم يمنعها من أن تكون في أبهى حللها وتعطي لنفسها عناية خاصة، حيث تعرف المرأة التارقية بالعديد من الملابس التقليدية وأهمها لباس الملحفة الذي تشترك فيه مع أغلب نساء الصحراء. وعن الملحفة تؤكد المتحدثة أن لهذا اللباس العديد من المميزات الجمالية من جهة، والصحية من جهة أخرى، حيث تعتبر الملحفة من أكثر الملابس انتشارا في الأسواق وتصنع عموما من القماش الذي يدبغ بمختلف الألوان ليصبح جاهزا للبيع حسب الطلب وذلك بالمتر الواحد، حيث تطلب المرأة الطول الملائم حسب حجم جسمها. وعن مكانة هذا اللباس في حياة المرأة الصحراوية عموما والتارقية خصوصا تقول "أمينة": "للملحفة عدة مزايا فهي سترة للمرأة، حيث تتمكن من تغطية كل جسمها، كما أن الملحفة لاتزال مفخرة للمرأة التارقية وهي سترة لها، وحسب ا جرت التقاليد فإن المرأة في المجتمع التارقي ترتدي الملحفة منذ بلوغها، حيث يربط هذا اللباس على مستوى الصدر ويلف على الجسم مرورا بالرأس لتعطى المرأة حلة جميلة". أما عن الأهمية الصحية للملحفة فتقول المتحدثة أنها تقي المرأة التارقية من جو الصحراء وشمسها اللافحة. هذا وتكون الملحفة ذات ألوان مختلفة منها الألوان الداكنة التي تخصص للنساء الكبيرات في السن، أما الألوان الفاتحة فهي خاصة بالفتيات، كما نجد الملاحف التي تخصص للأيام العادية ومنها ما هو خاص بالمناسبات والتي تكون مزركشة، تقول حول نفس اللباس: إن هذا اللباس أكثر ديناميكية، فهو لا يعيق المرأة في تنقلاتها وأشغالها، وهو جد مريح لها لتزيد تلك الحلي الفضية المرأة التارقية جمالا وبهاء سواء الأقراط أو الأساور والسلاسل المزينة ب"الخامسة". حفلة خاصة للتارقية بمناسبة بلوغها تحظى المرأة التارقية بمكانة كبيرة في مجتمعها، حيث تقول "أمينة" أن الفتاة التارقية عند وصولها سن البلوغ يقام لها احتفال خاص، حيث ترتدي الفتاة أجمل الثيات والمجوهرات، وبخصوص هذا الاحتفال: "يعتبر هذا السن للفتاة مرحلة جد هامة تكون بموجبها جاهزة للزواج، وعند زواج هذه الفتاة فإنها تحظى بمعاملة خاصة من زوجها الذي لا يمكنه أن يرفع يده عليها أو يسيء معاملتها، لأن هذا مذلة كبيرة له في حال أخبرت الزوجة أهلها وانتشر الخبر بين أعيان القبيلة فيفقد قيمته كرجل". المرأة التارقية تحتفل بطلاقها هذا وتقول المتحدثة أن المرأة التارقية تحظى باحترام كبير والدليل على ذلك بعض التقاليد السائدة في المجتمع التارقي والمتعلقة بطلاق المرأة، وفي هذا الجانب تقول المتحدثة: "إن المرأة التارقية بالرغم من أنها محافظة جدا، إلا أن مسألة الطلاق لديها هي حل يمكن انتهاجه دون معارضة من المجتمع". عادة ما تقيم المرأة التارقية احتفالا بمناسبة طلاقها ويكون الاحتفال عند بعضهن بنفس طريقة الزواج وبنفس الحفاوة، وعن الهدف من وراء هذا الاحتفال تقول الحرفية "أمينة بوراي": "إن هذه العادة نادرة جدا في المجتمعات الأخرى ،وبالكاد نسمع عنها، إلا في المجتمع التارقي، حيث تعودت نساء قبائل التوارق على الاحتفال بعد انقضاء عدتها، والهدف من وراء هذه الطقوس أن يشيع خبر طلاقها في قبيلتها كدليل على حصولها على حريتها وجاهزيتها للارتباط مرة أخرى".