تناول سعيد جاب الخير الصحفي والباحث في التصوف، خلال فضاء لقاء الاثنين بميدياتاك «ديدوش مراد» ، دور الطرق الصوفية في تأسيس المدارس الفنية الجزائرية، قال فيها أن الطرق الصوفية تعرضت لاضطهاد كبير ومشاكل كادت تطمس هذه الثقافة العريقة لولا الجهود وحرص بعض الشيوخ على المحافظة عليها وتطويرها وأبرزهم الشيخ، محمد العنقا، والفنان الكبير، أحمد بشطنجي، المنتمي للطريقة الحنصلية والذي جعل زاوية حنصلة معهدا للموسيقى وتعلم التراث الصوفي في مدح الرسل والصحابة وبالتزامن مع تواصل فعاليات الاحتفال بيوم الفنان، عرّف جاب الخير الطرق الصوفية على أنها مدارس في التربية الروحية المنبثقة من جذور التاريخ وأحد الأبعاد الدينية المتمثل في الإحسان، وسمي تصوفا إما نسبة للصوف لأن الأنبياء اشتهروا بلباسه، وإما نسبة للصفاء الروحي أو أنها ترجع إلى أهل الصفة وهم مجموعة من الصحابة الفقراء كانوا يعتكفون بالمسجد النبوي للذكر والتسبيح والتحميد. وعن دور الطرق الصوفية في تأسيس فن الغناء قال جاب الخير، استنادا لما جمعه في أبحاثه حول هذا الفن الروحاني العريق، أن الصوفية قامت بحركة مقاومة هادئة سلاحها الكلمة واللحن والآلة التي استعملت لردع محاولات الاستعمار الهادفة لمحو الثقافة الجزائرية ومن بينها الفن الروحاني الصوفي حيث قام جيل الشباب آنذاك وشيوخ هذه الثقافة بإحداث تطوير فيها تمثل في إدخال الشيخ محمد العنقا بعض الآلات الجديدة كالبيانو والطار والقانون والكمنجة... فأصبح المدح يؤدى في شكل جوق نال اهتمام الشباب باعتباره نوع جديد سمي «بالشعبي» في حصة إذاعية استضافت مؤسسه العنقا. وأشار سعيد جاب الخير، في معرض حديثه إلى أنواع الطرق الصوفية المتمثلة في الحضرة والهبرية العادولية التي تختلف في أمور طفيفة تتمثل في الورد كالبدء بالتهليل أو التسبيح أو التكبير. إضافة لفن العيساوى والحنصلية بقسنطينة الذي أدخل عليه فن المالوف والنوبة في القرن العشرين لتأخذ القصائد الصوفية شكلا سماعيا بإدخال الطار، الدربوكة، العود، والكمان الذي أضيف مؤخرا، كما أفاد أن الفن القناوي أصله صوفي نابع من الحضرة وهي طريقة «سيدي بلال»، والأهاليل «أهل الليل» كفن صوفي ينتمي لمنطقة تميمون بولاية أدرار والذي صنف كتراث عالمي من طرف منظمة «اليونسكو» . ليختم الباحث مداخلته بالتأكيد على ضرورة الرجوع لمنابع الصوفية لما تحمله من تعاليم دينية وتهذيب للنفس وكذا الحث على الحفاظ على أصل التراث من خلال توثيقه حتى لا يخرج عن محتواه. للتذكير ينتمي سعيد جاب الخير، الصحفي والباحث في التصوف إلى الطريقة الرحمانية، اهتم بهذا الفن تأثرا بوالده المولع بمجال القصيد والفن الشعبي.