كشف أمس حقوقيون ل»السلام» أمس، عن المساعي الحثيثة المبذولة من رواد هذا المجال رفقة عدد كبير من المؤرخين و رؤساء الهيئات المختصة و المهتمة بالتاريخ الجزائري، لمواصلة الضغط على السلطات الفرنسية بشتى الوسائل والسبل القانونية المتاحة قصد دفعها للكشف عن الأرشيف الاستعماري الذي تأبى هذه الأخيرة إطلاع السلطات الجزائرية على فحوى بعض مستنداتهن التي من الممكن أن تفضح الكثير من جرائمها الشنعاء الممارسة من طرف جيشها ضد الشعب الجزائري إبان ثورة التحرير المبجلة. وأكد بوجمعة غشير رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في اتصال خص به «السلام» سعي عدد من المؤرخين و بعض الهيئات المهتمة بالتاريخ الجزائري على التنسيق بين الطرفين قصد الوصول إلى تحقيق و لو تقدم طفيف نحو مسار الضغط على السلطات الفرنسية للكشف عن بعض أرشيفاتها السوداء المتعلقة بفترتها الاستعمارية بالجزائر في ظل استمرار التزامها بمبدأ التحفظ عليها رغم تجاوز الفترة القانونية للإفراج عنها، موضحا أن الأمر راجع إلى الأهمية الكبيرة التي تحضا بها بعض مستندات هذا الأرشيف بالنسبة للسلطات الفرنسية التي تمارس عليها حماية خاصة، داعيا إلى ضرورة تبني السلطات المحلية في هذا الشأن لمبدأ التفاوض بين الطرفين بعيدا عن المسعى القانوني الذي يخدم الجانب الفرنسي بحكم الثغرات التي تشوبه. كما أوضح غشير بخصوص رابطته أن هذه القضية لم تدرج بعد في جدول أعمالها، نافيا بالمناسبة تنسيق إدارته مع أية جهات أو منضمات قانونية في هذا الشأن. وبالمقابل وعلى طرف النقيض شددت أمس، المحامية فاطمة الزهراء بن براهم في حديثها مع «السلام» على ضرورة التركيز على الجانب القانوني كورقة ضغط مهمة يمكن للسلطات الجزائرية الاستعانة بها للتقدم في قضية إجبار فرنسا على الاعتراف بجرائمها في الجزائر، من خلال جمع أدلة قانونية و ذلك عن طريق البحث في أرشيف المعاهدات القانونية المبرمة بين الدولتين في تلك الفترة وحتى مع منظمات دولية استنكرت بعضها عددا من جرائم الإبادة التي مارسها الجيش الفرنسي ضد الشعب الجزائري وبأدلة تعمدت أيدي خفية على دحضها. وبخصوص مبادرة القناة الفرنسية الثالثة التي برمجت 3 أيام لعرض بعض الأشرطة المصورة والأفلام القصيرة واللوحات الزيتية الخاصة بالثورة الجزائرية أكدت المتحدثة أنها مجرد حراك روتيني تعودت فرنسا على المبادرة به منذ سنوات قليلة تزامنا مع الاحتفال بخمسينية الاستقلال الجزائري بحكم التاريخ المشترك بين البلدين - على حد قول المتحدثة -، معتبرة في الشأن الخاص المتعلق بتنصيب السلطات الفرنسية لأول مرة ل 5 جزائريين ضمن برلمانها مجرد تمويه ومحاولة لتعويض الكثير من الحركي الذين يعتبر هؤلاء الخمسة شريحة منهم عن سياسة التهميش التي مارستها السلطات الفرنسية اتجاههم لسنوات كثيرة، مؤكدة أنهم لولا امتلاكهم للجنسية الفرنسية التي تلزمهم بواجبات المجتمع الفرنسي لما تمت الموافقة على تقليدهم لمثل هذه المناصب. من جهته، شدد لخضر بورقعة الرائد المجاهد بجيش التحرير الوطني عن الولاية الرابعة وعضو اللجنة المركزية السابق في جبهة تحرير الوطني على ضرورة اعتراف فرنسا عن جرائمها التي ارتكبتها بالجزائر إبان الحقبة الاستعمارية التي دامت أكثر من 132 سنة. واعتبر بورقعة في كتابه»شاهد على اغتيال الثورة»الذي أرخ فيه الحقبة الاستعمارية الممتدة من «1959 إلى 1962»عن الولاية الرابعة بان الأرشيف يعتبر نقطة حساسة بالنسبة للعدو الفرنسي، مبرزا عظمة الثورة الجزائرية التي ضح من أجلها أكثر من مليون ونصف مليون شهيد، مشيرا إلى أخلاقيات الواجب والقانون الواجب على دولة فرنسا الاعتراف بها من خلال إعادة أرشيف للجزائر على اعتبار انه يعد جزءا من ذاكرة البلاد وتاريخها والذي يؤرخ لجزء هام من تاريخ وحضارة الجزائر المجهول.