تتمايز ولايات الغرب الجزائري بترسانة من العادات والتقاليد الخاصة باحتفالات الأعراس والمناسبات، على غرار ما تتميز به مدينة تلمسان التي لا تزال محافظة على تفاصيل عدّة في طرق التحضير لمراسم الزفاف. تبدأ الفتاة التلمسانية التحضير لجهازها بشراء مختلف المستلزمات حيث تحرص العائلات على شراء الحلي الذهبية للطفلة منذ صغرها لتكون جاهزة عند بلوغها سن الزواج، ومن العادات التي تزال سائدة في عدة مناطق من تلمسان ما تعلق بالمهور، حيث تشترط بعض الأسر مهورا غالية على كل من يتقدم لخطبة ابنتهم أين تعرف على أنها عادة لا تستطيع العديد من الأسر التلمسانية الإستغناء عنها، ومن معتقداتهم فإن ذلك يعكس قيمة الفتاة التلمسانية أمام زوجها المستقبلي وكذا قيمتها عند أهلها، وهو ما توارثته معظم العائلات القاطنة ببعض ولايات الغرب الجزائري عن آبائهم وأجدادهم السابقين. وتعتبر الأسر القاطنة ببعض المناطق من تلمسان أن التمسك بتلك التقاليد خلال حفلات الزفاف، هو محافظة على التراث القديم الذي يعطي ميزة خاصة للمجتمع التلمساني تجعله مختلفا في تقاليده عن باقي الولايات الأخرى، إضافة إلى حرصهم على ارتداء العروس الأزياء التقليدية المعروفة بتلمسان على غرار القفطان والجبة وعزف الموسيقى الأندلسية خلال المناسبات. ويلاحظ من خلال تلك العادات أنها تشترك بعض تقاليد الاحتفالات المغربية بالنظر إلى الإحتكاك القائم بالنظر لقرب المسافة بين تلمسان والمغرب، ومن أجل الوقوف أكثر عند تلك الطقوس الاحتفالية تحدثنا مع فاطمة التي تنحدر من ولاية تلمسان، والتي أكدت لنا أن جميع عادات ولايات الغرب تتشابه فيما بينها إلى حد كبير. إلاّ أنّ ولاية تلمسان تتمتع بموروث خاص بها حيث أنّه بين عادات المجتمع التلمساني، حرص الأمهات على توفير مختلف مستلزمات الفتاة منذ ولادتها وجمع المجوهرات المصنوعة من الذهب والجوهر حسب ما تقتضيه عادتهم، لأنّ ذلك حسب ما أكدته المتحدثة سيجعل العروسة في غنى عن الطلب من زوجها في السنة الأولى من الزواج. وغالبا، فإنّ الفتاة تتزوج في سن مبكر كون المجتمع التلمساني يعتبر البنت التي بلغت سن الثلاثين في تعداد العوانس، كما تضيف ذات المتحدثة أن هناك عادة متوارثة بتلمسان تسمى "النعيت"، حيث أنّ كل فتاة تُخطب منذ صغرها من خلال قول إن فلانة لفلان رغم أنهما صغيران. كما تعطي العائلات التلمسانية الأولوية في طلب يد الفتاة لأفراد عائلتهم المقربين كأبناء العم أو أبناء الخال، إلاّ أنّ العصرنة والتغير الذي طرأ على المجتمع جعلا الكثير من أهل مدينة تلمسان يتساهلون في مسألة زواج الفتيات مع شباب غرباء ولا تشترط أن يكون من أقاربها، إلا أن الكثير منهم ما زالوا يشترطون مهورا غالية وهو ما يلقى رفضا كبيرا. أما عن مميزات العرس التلمساني، فتشير فاطمة إلى وليمة العرس التي يتنافس فيها أهل العروسين من خلال تحضير أشهى الأطباق، كطبق الكسكسى المزين بالمكسرات والبيض إضافة إلى طاجين الزيتون باللحم والحريرة. إكثار العروس من شراء الأغطية والأثواب عادة منتشرة تحرص كل عروس تلمسانية على شراء عدد كبير من الأفرشة والأغطية الفخمة إضافة إلى حوالي 12 غطاء خاصا بالفراش، و20 وسادة وثلاثة أنواع من تجهيزات غرف الإستقبال وكل مستلزماتها من أغطية الموائد المطرزة، إضافة إلاّ أنها تحرص على شراء ما لايقل عن عشرين ثوبا وجبة تسمى باللهجة المحلية ب"البدعية" الخاصة بمختلف فصول السنة. هذا ما أكدته فريدة ذات الأصول التلمسانية وهي تتذكر تجهيزات عرس ابنتها، فقد حرصت على توفير كل المستلزمات، وتضيف أن من بين العادات التي تتمسك بها عائلة العروس هو الإحتفال بزفافها سبعة أيام متواصلة. كما أنه من ضمن العادات القديمة الموروثة التي تحرص معظم العائلات على التمسك بها خلال الزفاف، هو جعل العروس تجلس على كرسي عند وصولها إلى منزل زوجها، ثم يؤتى بعدها بسينية دائرية تسمى "بالعكري" مكونة من حذاء تقليدي مذهب، قارورة عطر، علبة مساحيق التجميل لتغطى بعد ذلك بوشاح من الحرير يسمى "عبروق"، ثم توضع لها دائرتان على خديها بأحمر الشفاه وتنقط بكريم أبيض حتى وصول زوجها الذي يأتي على حصان مرتديا البرنوس التقليدي الأبيض، حيث تستقبله والدته وتلبسه "المسكية " وهو نوع من الحلي الذهبية. وترافق العروس ليلة وضع الحنة، صديقاتها أو قريباتها ويُشترط أن يكن عازبات لترش عليهن النسوة السكر كفأل يجلب لهم الحظ في الزواج، كما تتناول العروس الحليب والتمر لتحل السعادة عليها مع بداية حياتها الزوجية. وتضيف المتحدثة أنّ العروس في اليوم السابع من الزواج ترتدي القفطان التقليدي مع الحزام والفوطة ومنديل الفتول كرمز يدل على أنها أصبحت متزوجة. الشدّة والقفطان أبرز أزياء العروس التلمسانية يختلف الزي التقليدي الذي ترتديه كل عروس تلمسانية خلال حفل زفافها عن الولايات الأخرى ويسمى بالشدّة التلمسانية، وأهم ما يميز هذا الرداء أنه مصنوع من خيوط ذهبية وعقود من اللؤلؤ، إضافة إلى التاج المذهب الذي تضعه العروس على رأسها. وأهم ما يميّز العروس التلمسانية عن غيرها هو ارتداء عدد كبير من المجوهرات الثمينة إضافة إلى ارتداء الجبة والكاراكو التلمساني والبلوزة وأنواع مختلفة من اللباس من نوع "القفطان". كما تحرص على ارتداء أزياء تقليدية خاصة بولايات أخرى على أن تحيي حفلتها بالموسيقى الأندلسية، وهو ما أكدته فريال فتاة مقبلة على الزواج والمنحدرة من ولاية مغنية، وهي تسعى للحفاظ على تراث وتقاليد منطقتها بالرغم من انتقالها للسكن بالعاصمة. وتضيف فريال أنّ أقاربها جلبوا لها ما يُعرف ب "الكعك التلمساني" من مغنية، كعادة مازالت عائلتها تتمسك بها حتى الآن ليتم تفريقها على الحاضرين خلال حفل زواجها. جلوس العروس على العمارية عادة سائدة في العرس التلمساني تعتبر العديد من العائلات المنحدرة من ولايات الغرب إحضار العمارية خلال حفل الزفاف من الضروريات التي لا يمكن الاستغناء عنها خاصة أهل مدينة تلمسان. ومن المعتقدات السائدة حول هذه العادة أنها تجلب للعروس حظا سعيدا عند الجلوس عليها، يضمن لها السعادة والهناء في حياتها الزوجية، وهو ما يسود في أغلب الأعراس التي تقام بولايات الغرب. هذا المعنى أكدته لنا إحدى السيدات التلمسانيات التي حرصت على كراء العمارية بمبلغ كبير خلال حفل زفاف ابنتها، وحسب قولها فإن سكان العديد من ولايات الغرب أخذوا الكثير من العادات المغربية بحكم قرب المسافة، حتى أنّ العمارية تعود إلى أصول مغربية وتختلف أشكالها وأحجامها حسب ثمنها. ويفضّل بعضهم أن تكون على شكل كرسي ملكي مصنوع من النحاس ومنقوش عليه زخارف مختلفة ويغلف بقماش مزخرف بخيوط ذهبية، لتجلس عليه العروس ثم يرفعها سبعة رجال من أقاربها يرتدي كل واحد برنوسا أبيض، ويرددون مدائح شعبية ودينية أشهرها "الصلاة والسلام على رسول الله" وبعض الأغاني المغربية ويتجولون بقاعة الإحتفال وهم يحملونها، كما تتبعهم قريباتها وهن يرتدين القفطان ويحركون أصابعهم بما يعرف بعادة "تبراز" لحماية العروس من الحسد والعين.