خلافا لما ذهب إليه «مصطفى بن بادة» وزير التجارة، أبرزت جولة قادت «السلام» عبر أسواق الجزائر العاصمة، بومرداس، البليدة وتيبازة، اتجاه أسعار الخضر والفواكه كما اللحوم وسائر المواد الغذائية إلى الالتهاب مجددا، وإذا كانت الظاهرة مقتصرة في وقت ما على ما هو غذائي، فإنّ الأمر اتسع هذه المرة ولم تسلم منه حتى حفاظات الأطفال!. باتت أسعار الخضروات بأسواق «المدنية»، «بوقرّة» و»بوفاريك» تتراوح بين 50 و70 دينارا، وتشمل اللائحة كل من الطماطم، البصل، فضلا عن الجزر والفلفل الأخضر الذي وصل ثمنه إلى 90 دينارا، بالتزامن مع ارتفاع سعر الخس فجأة من 90 إلى 140 دينار للكيلوغرام، في وقت تبقى البطاطا في متناول الجميع بسعر لا يتجاوز 35 دينارا بعموم الأسواق والمتاجر. ومع بداية العد التنازلي لشهر رمضان عرفت جل أنواع الخضر والفواكه ارتفاعا خياليا بين العشية وضحاها حيث وصل سعر السلطة مثلا إلى 80 دينارا، كذلك هو الحال بالنسبة إلى الفلفل الذي وصل هو الآخر إلى 70 دينارا دون أن ننسي الفاصوليا الخضراء التي وصلت إلى 90 دينارا. وفي السياق ذاته لم تسلم أسعار اللحوم بنوعيها من ارتفاع في الأسعار حيث وصل سعر كيلوغرام واحد من اللحوم البيضاء إلى 350 دينار دون الحديث عن أسعار اسماك التي أصبحت في مقام الكماليات ولا يقدر عليها سوى أصحاب الدخل المرتفع. والمتجول في أسواق الخضر والفواكه يلاحظ الارتفاع الرهيب لأسعارها خاصة ونحن على أبواب شهر رمضان، حيث يشتكى العديد من المواطنين هذه الأيام من الارتفاع الجنوني للأسعار وهذا مالم يتقبله العديد من المواطنين الذين تساءلوا عن مدى واقعية التصريحات الرسمية التي أطلقت بهذا الشأن، وكذا كثرة الحديث عن مقاربة للأسعار وجعلها في متناول المواطنين البسطاء. ويتفق مستهلكون كما تجار على أنّ ظاهرة الضاربة التي تعوّد عليها الجزائريون عشية كل شهر رمضان، لن تتراجع حدتها هذه المرة، حتى وسط تطمينات المسؤول الأول عن قطاع التجارة. وخشية حدوث مفاجآت غير سارة، انخرط الجميع من شباب وكهول وشيوخ ونساء وعواجيز في حركة شراء لم تهدأ، للظفر بكميات من الخضر والفواكه الطازجة بأسعار في متناولهم، وهو ما أكده أحمد رب أسرة، وكذا ليلى العاملة بمشفى ورياض الموظف في بنك خاص وغيرهم، في وقت أبدى متخصصون تشاؤما من احتمال تغير أوضاع السوق، تبعا لجود من يسمونهم «المتحكمون» في أسواق الجملة. ويرجع مراقبون أسباب الالتهاب المفاجئ للأسعار إلى المضاربين من المنتجين والموليين الرئيسين للأسواق الجملة الذين رفعوا الأسعار بمجرد اقتراب شهر رمضان، مغتنمين بذلك فرصة إقبال المواطنين على اقتناء المستلزمات استعداد لشهر الرحمة لإلهاب السوق، كما يجمع المواطنون على أن الوسيلة الوحيدة لمواجهة هذا الارتفاع تكمن في مقاطعة المواد الغذائية المرتفعة، بما فيها اللحوم حتى يتم خفض أسعارها. وسبق أن أكّد «الطاهر بولنوار» الناطق باسم اتحاد التجار ل «السلام»، أنّ الجزائر تعاني من عجز معتبر في الخضروات واللحوم عشية شهر رمضان، وقدّر متحدث باسم الاتحاد أنّ نسبة العجز تربو عن 30%، ما قد يزيد من حدة المضاربة التي تكتوي بها جيوب الجزائريين في شهر الصيام من كل عام. كما رجح المتحدث عدم انخفاض سعر اللحوم خاصة الحمراء منها في شهر رمضان المقبل في ظل العجز الكبير الذي تعرفه أسواقها المحلية بسبب ضعف الإنتاج، مشيرا إلى الإنتاج السنوي للحوم البيضاء والحمراء لا يتجاوز 600 ألف طن سنويا في الوقت الذي يستدعي فيه الاستهلاك المحلي توفير ما قدره مليون طن سنويا.