تعتبر مهنة التمريض مهنة صعبة تتطلب التفاني والإتقان والحرص على إحاطة المريض بعناية فائقة ليشعر بالراحة، وأنه بين أيد أمينة حال غياب الطبيب، إلا أن أسلوب التعامل يختلف من ممرضة إلى أخرى ما جعل بعض المرضى يخرجون بذكريات طيبة مع ممرضيهم، في حين طبعت صورة سيئة عن بعضهم في أذهان آخرين. تتطلب مهنة التمريض التكوين المهني الجيد في هذا المجال والتحلي بمميزات خاصة تؤهل ممتهنها لتقديم خدمة جيدة للمريض وكذا طريقة تعامل خاصة معه، إلا أن ما هو متداول بين بعض المرضى الذين قضو فترة معينة بالمستشفيات أن بعض الممرضات لا يمتلكن ثقافة التعامل الجيد مع المرضى الذين تحتاج وضعيتهم إلى حسن التعامل، وكذا إلى صدر رحب يقدم خدمات متعددة لهم ويخفف الآلام عنهم. كريمة إحدى السيدات اللواتي خضعن لعملية قيصرية والتي تقول إنها عانت الأمرين بأحد المستشفيات، حيث لم تجد أحدا يعينها على قضاء حاجتها حيث تقول "لم أجد من أستعين به خاصة وأن كيس الفضلات قد امتلأ إلى آخره، وأن قارورة المصل نفدت دون أن تمر أي ممرضة كما أن صوت ندائي لإحداهن لم يأبهن له". منيرة هي الأخرى إحدى المريضات اللواتي قضين وقتا طويلا في المستشفى والتي تقول إن بعض الممرضات يعتبرن ألمهن دلالا. فاطمة سيدة تقيم في أحد المستشفيات تحاول قدر الإمكان إخفاء آلامها وشدة مرضها، إضافة إلى الجروح التي تسبب فيها زوجها الذي تركها مباشرة بعد مرضها ولم يتقبل أن يتحمل وضعيتها الصعبة، وتضيف أن ما زاد من ألمها أنها يتيمة ولا تجد من يزورها بالمستشفى، ولحسن حظها أنها وجدت من يقدم لها بعض المساعدة من أقارب المرضى الذين يزورون ذويهم الذين يتواجدون معها في نفس الغرفة، أما عن الممرضات فتقول "بعض الممرضات يراقبن حالتنا في الصباح ويهملوننا في المساء بالرغم من حاجتنا الماسة لهم"، وتضيف أنها لا تقوى على القيام من فراشها وهو ما يضطرها إلى طلب المساعدة من أقارب المرضى المجاورين لها عوض أن تقدمها لها إحدى الممرضات. أما سليمة فهي إحدى الأمهات اللواتي كن متواجدات بالمستشفى كانت وضعيتها تدعو للشفقة وكادت أن تصاب بالجنون، بعد أن شاهدت فلذة كبدها وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة أمام أعينها، وقد تعالى صراخها بكافة أرجاء المستشفى وكانت تضع اللوم على غياب مراقبة الممرضة عن التكفل بوضعية ابنها الصعبة، وتضيف أنها بالرغم من مناداتها المتكررة لها إلا أنها لم تلق اهتماما منها إلى أن تعرض ابنها لسكتة قلبية وضعت حدا لحياته، وتضيف أن إهمال تلك الممرضة لمراقبته بشكل جيد كانت سببا في فقدانها لطفلها الوحيد الذي لم يتجاوز سنه ال10 سنوات، وقد أغمي عليها من شدة الصدمة. "صافية. ع" مثال عن الممرضات الملتزمات بأخلاقيات مهنة التمريض وإن كانت بعض ممتهنات هذه المهنة يحملن هذا الاسم فقط ولا يؤدين المهام الإنسانية التي وكلت لهن على أكمل وجه، للعناية بتلك الأجسام الضعيفة التي لم تعد تقوى على تأدية حاجتها الخاصة بمفردها بعد أن نخرها المرض، هناك أخريات يعتبرن تلك المهام من أفعال الخير التي يستوجب القيام بها على أكمل وجه، خاصة وأنها مرتبطة بأخلاقيات المهنة التي توجب العناية بكافة المرضى المتواجدين على فراش المرض دون استثناء، وهو ما ينطبق على "صفية. ع"، وهي إحدى العاملات بتلك المهنة الشريفة بشهادة المرضى المتواجدين في المستشفى الذي تعمل به، والتي لمسنا إتقانها لعملها في مجال التمريض عندما قصدنا القسم الذي تعمل به، وما لفت انتباهنا هو الابتسامة العريضة التي لا تفارق وجهها، وقد أكدت خلال حديثها أنها حرصت على التكوين بهذا المجال بأحد المعاهد الخاصة بالتمريض، وقد تعلمت جميع التقنيات الخاصة بهذا المجال لتمتلك خبرة كبيرة بالتمريض، خاصة أنها قد استفادت من تربصها بأحد المعاهد الأجنبية الخاصة بهذا المجال، وقد أرجعت حبها الشديد للتمريض لرغبتها في العمل بتلك المهنة منذ صغرها، بعد أن كانت ترافق والدها الذي كان يعمل بنفس العمل لتتوارث عنه إتقان العمل وتمسكه بأخلاقيات التمريض، حيث أكدت أن تحليها بالصبر قد ساعدها كثيرا في عملها، خاصة أن معاملة المريض تتطلب حسب قولها بالدرجة الأولى أن تكون الممرضة على دراية كبيرة بعلم النفس، وهو ما جعلها تتكون في هذا المجال لتقدم عناية خاصة لجميع المرضى المتواجدين بالقسم الخاص بعملها دون استثناء، وتضيف ذات المتحدثة أنها قد خصصت جميع وقتها لخدمة هؤلاء المرضى خاصة الذين يحتاجون إلى من يخفف عنهم جروحهم، بعد أن وجدوا أنفسهم بمفردهم وقد امتنع أقاربهم عن زيارتهم بالمستشفى. وعن مهنة التمريض تقول صفية إنها تتطلب المداومة والمراقبة الجيدة للمريض وعدم إهماله، وهو ما يتطلب منها أن تسهر الليالي لمراقبة جميع المرضى وتقدم لهم خدمات متعددة، وقد كشفت أن عملها في التمريض لا يقتصر على قسمها بالمستشفى بل أنها تنتقل لجميع الأقسام بعد انتهائها من مهامها بالجناح الخاص بها، لترعى المرضى المتواجدين بأقسام أخرى في غياب بعض الممرضات اللواتي يتهربن من مهامهن على حد قولها ويتعاملن مع مرضاهم بقسوة شديدة، وهو ما يزعجها ليدفعها عطاؤها الكبير في التمريض وحنانها وطيبة قلبها إلى تنفيذ أعمال إضافية لتخفيف جروح المرضى الذين يثيرون الشفقة وهم ينادون ممرضات دون أن يجدوا أي مساعدة، وقد كشفت صفية أنها تقدم مساعدات خيرية لكافة المرضى المتواجدين بالمكان من الوجبات التي تحضرها بمنزلها في فترة عطلتها وأغطية، كما أنها تحاول معرفة ما تحتاجه المريضات من أدوات خاصة لتجلبها لهن في اليوم الموالي لتدخل الفرحة على وجوههن الحزينة، كما أنها تقوم بمهام التمريض لخدمة جيرانها وأقاربها بمجرد علمها بمرضهم ولا تتقاضى أي أجر منهم ويكفيها ثوابها عند الله على حد قولها، وقد أكد جميع المرضى أن صفية تتحلى بمميزات خاصة وصفات حميدة جعلتها تتميز بين قريناتها من الممرضات، خاصة أن معاملتها الحسنة وعطاءها الواسع لخدمتهم جعلهما يكنون لها احتراما وحبا كبيرين ميزها عن غيرها.