الجزائريون بصوت واحد في مسيرات الجمعة التاسعة: خرج ملايين الجزائريين في الجمعة التاسعة من الحراك الشعبي في مسيرات حاشدة عبر كل ربوع الوطن، للمُطالبة بضرورة تخليص أو تطهير الجزائر من كل ما هو فرنسي، ورحيل كل رموز النظام البوتفليقي الذين لهم إمتداد باريسي، وإسقاط باقي الباءات، مؤكدين رفضهم لأية ترقعيات من طرف السلطة على شاكلة تنحية “باء” بلعيز، وتعويضها ب “فاء” فنيش. بعد مليونية الطلبة يوم الثلاثاء الماضي، وانتفاضة الآلاف من نقابيي الإتحاد العام للعمال الجزائريين، الأربعاء الماضي، ضد الأمين العام، عبد المجيد سيدي السعيد، فضلا عن مظاهرات وتجمعات نظمها طيلة الأسبوع الماضي كل من القضاة والمحامين، الموثقين، وكذا المحضرين القضائيين، فضلا عن رؤساء البلديات، وذوي الإحتياجات الخاصة، جدد الجزائريون أمس خروجهم إلى شوارع كل الولايات للتعبير عن تمسكهم بمطلب التغيير الجذري للنظام ولسان حالهم “لا مناص من يتنحاو قع”، كما شددوا خلال المسيرات المليونية على ضرورة إسقاط باقي الباءات، في إشارة منهم إلى كل من عبد القادر بن صالح، رئيس الدولة، نور الدين بدوي، الوزير الأول، ومعاذ بوشارب، رئيس المجلس الشعبي الوطني، علما أن الطيب بلعيز، إستقال الثلاثاء الماضي من منصبه كرئيس للمجلس الدستوري، وعين مكانه، كمال فنيش، كما عرفت مسيرات الجمعة التاسعة مطالبة واسعة من جزائريين بولايات عدة بضرورة التحرر الكلي من الإستعمار الفرنسي، وتطهير الجزائر وتخليصها من كل ما يمت بصلة لهذا البلد الغربي المعروف بتاريخه الإستعماري، والذّي عمد من حكموه على مر العقود الماضية وفي إطار أجندات وخطط خبيثة الدور الكبير في الأوضاع التي آلت إليها البلاد خاصة ما تعلق بإستنزاف ثرواتها وخيراتها، وذلك بإيعاز من عملائها من أبناء جلدتنا. ففي العاصمة على سبيل المثال لا الحصر، إحتشد صباح أمس الآلاف بساحة البريد المركزي وسط تواجد أمني مكثف لكن عكس الأسبوع الماضي لم يتم منع المتظاهرين من إحتلال السلالم الشهيرة، وبعد منتصف النهار تراجعت التعزيزات الأمنية، بدليل غياب شبه تام لقوات الشغب وشاحناتهم الخاصة سواءً بالبريد المركزي، أو في ساحة “أودان”، أو على مستوى نهج محمد الخامس. غلق “غار حراك” لأول مرة منذ بداية المسيرات السلمية في السياق ذاته، وفي خرجة غير مألوفة، قامت قوات الأمن بغلق النفق الجامعي أو “غار حراك” كما بات يسمى، لأول مرة من بداية المظاهرات، الذي غص أمس في مظاهر مثيرة للريبة، بعناصر الشرطة العلمية التي أجرت عملية تفتيش دقيقة على مستواه. حواجز أمنية على مستوى كل مداخل العاصمة و على غرار الجمعة الماضية، وجد المواطنون القادمون من مختلف ربوع الوطن، صعوبات كبيرة في الدخول إلى العاصمة، على خلفية الحواجز الأمنية المنصبة على مستوى كل مداخل العاصمة وعلى الطريق السيار، مثلا من البويرة حتى العاصمة. “سباب عدابنا شياتين في بلادنا” و“نحن شعب لا نستسلم .. ننتصر أو ننتصر” .. أبرز شعارات الجمعة التاسعة وكما جرت عليه العادة، إبتكر الجزائريون شعارات جديدة تتلاءم وطبيعة المطالب المرفوعة من جمعة لأخرى، وفي هذا الصدد أجمع المواطنون عبر مختلف ولايات الوطن على ترديد الشعارات التالية “سباب عدابنا شياتين فرنسا في بلادنا”، “نحن شعب لا نستسلم .. ننتصر أو ننتصر”، “سلمية سلمية.. مطالبنا شرعية”، وأيضا “ماشي عنصرية خاوة خاوة” في رد مباشر منهم على دعاة التفرقة، و”يا عميروش أرتاح حنا نكملو الكفاح”، “نحيو العصابة نولو لاباس”، و”يتنحاو قع” حاضرة بقوة كالعادة. أهم ما ميز مسيرات أمس تخللت مسيرات أمس سواء في العاصمة، أو بباقي ولايات البلاد، بعض الحوادث أو المحطات المميزة، على غرار مشاركة رئيس بلدية أغريب، بولاية تيزي وزو، وبوشاحه الرسمي في المسيرة بساحة البريد المركزي بالعاصمة، كما أنّ مواطنا من ورقلة كرم الشهيد قائد طائرة بوفاريك، التي سقطت في ال 11 أفريل من السنة الماضية 2018، هذا ووجهت متظاهرة في العاصمة رسالة لعناصر الشرطة والدرك، ورفعت لافتة كتب عليها (نداء إلى رجال الشرطة والدرك، فخامة الشعب لا يقصد الإساءة إليكم بل يقصد الخونة الأربعة)، ومواطن يقيم “عقيقة” إبنته في المسيرة بساحة البريد المركزي، ويعد بذبح خروف لعمال النظافة، كما حمل متظاهرون الورود البيضاء ردا على قمع المسيرات في الجزائر العاصمة، ومواطنون ب “السترات البرتقالية” يشرفون على تنظيم حركة المرور في شوارع العاصمة، وآخرون قرروا قطع 60 كلم سيرا على الأقدام من خراطة نحو مدينة بجاية للمشاركة في مسيرة الجمعة التاسعة ضد بقايا نظام بوتفليقة، كما سجلت المجاهدة جميلة بوحيرد، حضورها في مسيرات أمس بالعاصمة التي عرفت أيضا حضورا قويا لملصقات خاصة بالربيع الأسود تخليدا لضحايا أحداث 2001، وفي قلب المسيرات بالجزائر العاصمة، فضل سواح سويسريون إجراء جولة في وسط المدينة، حيث كانوا يتجولون بكل حرية وطمأنينة دون خوف من صخب المظاهرات، هذا وعرفت مسيرات أمس بولاية المسيلة رفع أطول راية وطنية عبر الوطن بلغ طولها 300 متر إمتدت من ساحة النصر بعاصمة الولاية إلى مقر الولاية، كلف تصميمها 12 مليون سنتيم، ومسعفون جاهزون للتدخل في حال تعرض أي من المتظاهرين لأي إصابة، أما مظاهر التضامن والألفة فكانت حاضرة كالعادة وبقوة من خلال الطعام في الشوارع وكذا المياه والحلويات التي وزعت على المتظاهرين من قبل المواطنين في مختلف الولايات.