يعاني قطاع الصحة في ولاية أدرار، من نقائص عديدة كشفت عنها لجنة الشؤون الاجتماعية والثقافية للمجلس الشعبي الولائي، والتي ربطتها بتدهور الخدمات الطبية المقدمة للمريض على مستوى قطاعات الصحة الثلاثة، أدرار، رڤان، تيميمون، حيث يعاني المواطنون من الضعف الكبير في التأطير الطبي والتخصصات الطبية اللازمة بالمنطقة. يتوفر القطاع الصحي بولاية أدرار، على ثلاثة مستشفيات إلى جانب المؤسسة المختصة في الأمراض العقلية، وتعاني هذه المستشفيات من نقائص عديدة بدءً بانعدام التأطير البشري، حيث أصبحت جلّ قاعات العلاج حسب تقرير اللجنة هيكلا بدون روح نظرا لانعدام أبسط التجهيزات الطبية، ناهيك عن قدم الوسائل التي لم تجدد منذ سنة 1975 بالإضافة إلى تدهور ظروف الإقامة وعدم وجود محطات لتصفية المياه وضعف التكفل بالوجبات الغذائية، التي غالبا ما تكون منعدمة في العديد من المؤسسات الطبية وإن وجدت فهي ناقصة كمّا وكيفا -حسب رأي الأطباء- وكشف واضعو التقرير أن أغلب قاعات العلاج مغلقة أما المتوفرة منها فهي مهددة بزحف الرمال في المناطق النائية، حيث يضطر المرضى إلى قطع مسافة 150 كلم ذهابا وإيابا للعلاج، والكثير منهم يلفظون أنفاسهم في الطريق قبل الوصول إلى المستشفى وخاصة الأمهات الحوامل، علما أن الولاية بكاملها تفتقر إلى أطباء مختصين في طب النساء في القطاع العمومي اللهم اثنين في القطاع الخاص ومقر الولاية، مما نجم عنه كثرة هذه الحالات “الوفاة” عند النساء الحوامل بالمناطق النائية بالولاية. ويعتبر القطاع الصحي في أدرار الذي يتسع لأكثر من 240 سرير أكثر المؤسسات الاستشفائية تدهورا وتضررا من هذا الوضع، لأنه يتكفل حاليا حسب اللجنة ب5.6 بالمائة فقط من سكان الولاية ويضم 8 بلديات من مجموع 28 بلدية تشكل إقليم الولاية. وتظل مصلحة الأمومة الريفية منعدمة في المناطق النائية. وقاعات العلاج في وضعية كارثية وهي تحتاج إلى إحداث ترميمات لتأدية مهامها، حيث تفتقر إلى كل الضروريات بدءً بالمياه الصالحة للشرب، وتبقى مدينة أدرار والمناطق المتاخمة لها الأكثر تضررا من غياب التغطية الصحية، كيف لا؟ ومصلحة الأمومة بالمستشفى تعاني هي الأخرى لكون جهازان هامان للأشعة معطلين والممارسين الطبيين يتعاملون بالأشياء والأدوات التقليدية، بحكم الكثافة السكانية والهياكل الاستشفائية ذلك لأن هذه الأخيرة لم تستفد من مستشفى جديد إلى حد الآن، بل اقتصرت الأعمال على تحصيل مبالغ ضخمة لإحداث توسيعات فقط، كما يسجل نقص في الأطباء المختصين في هذا المجال، وتوظيف أطباء آخرين أقل أهمية كمربي العضلات وما يشبه ذلك. كما يعيش القطاع الصحي في أدرار. حسب بعض العاملين به وضعية مزرية نظرا لعدم وجود مصلحة عزل الأمراض المعدية رغم أن المنطقة مصنّفة كمنطقة وبائية، بالإضافة إلى غياب تقنيين لإجراء التحاليل الطبية والمخبرية، فيما لم تعد مصلحة المراقبة والأوبئة قادرة على تقديم أدنى الخدمات حسب العاملين بها، نظرا لعدم وجود سيارة التي تستغل لأغراض خاصة مما عطل الفرق الطبية عن الخرجات الميدانية، علما بأن التحاليل المخبرية تجري على مدى شهر كامل للمريض نظرا لغياب المواد الإنسانية وهذا راجع حسب تقرير مكتب التنسيق الولائي لعمال الصحة، إلى سوء التسيير والتوزيع وهو ما يستدعي حسب أصحاب التقرير إسناد المسؤولية إلى إطارات من المنطقة والكف عن التعيينات العشوائية التي لا تخضع لأي مقاييس. أما بالنسبة لعيادات الولادة المنتشرة عبر ربوع الولاية فهي كلها عبارة عن هياكل فارغة تعاني من نقص كبير في اختصاصي أمراض النساء والقابلات، إلى جانب نقص التجهيزات الطبية الضرورية مثل طاولات الوضع وطاولات أمراض النساء وأجهزة الحضن والتعقيم وعلب الولادة والتدفئة، إضافة إلى غياب أجهزة حرق اللواحق، هذه الوضعية أجبرت جلّ الأخصائيين على مغادرة المستشفى للالتحاق بالقطاع الخاص، مما جعل ذات المصادر تطالب بضرورة توفير التغطية الصحية اللازمة لسكان المناطق النائية ووضع حد لتنقلات المواطنين التي تكلفهم مبالغ مالية ضخمة، وشددت على ضرورة إحداث قاعات علاج متنقلة على مستوى كل القطاعات الصحية الثلاثة لتوفير الخدمات اللائقة لسكان القصور، وكذا توفير سيارات الإسعاف وفتح دار الأمومة الريفية في كل المناطق. مرضى السكري يعانون بدورهم في ولاية يزيد فيها أصحاب هذا الداء عن الآلاف، حسب إحصائيات مديرية الصحة والسكان، ويشتكي مرضى السكري من صعوبة إجراء التحاليل بسبب قلة المخابر وانعدام المخبر الخاص بمرضى السكري، مما يؤدي في بعض الأحيان إلى مضاعفات خطيرة بالنسبة للمريض الذي يسير لمسافات بعيدة وينتظر لساعات طويلة من أجل إجراء التحاليل. وللعلم فإن مرضى داء السكري في أدرار، استفادوا من دار لهم منذ سنة 1997 كان يفترض أن تتوفر فيها جميع شروط الراحة والخدمات الصحية اللازمة، ولكن هذه الوعود لم تحقق ليشرف عليها أطباء عامون مكونون في ظل غياب الأساتذة المختصين بالمستشفى، مع ارتفاع حالات المرضى بالولاية 1500 مريض بداء السكري يجرون التحاليل بمخبر خارجي ويأتون من مناطق بعيدة عن مقر الولاية، مما دفع بأغلبيتهم إلى الاعتماد على الطب الشعبي والتداوي بالأعشاب والاستماع إلى الخرافات، بسبب صعوبة التنقل إلى المراكز الصحية القليلة.