أسدل الستار أول أمس، على الطبعة الثلاثين من الأولمبياد المقامة بالعاصمة البريطانية لندن، وسط خيبة كبيرة لدى الوفود الجزائرية، رغم نيل العداء "توفيق مخلوفي" الميدالية الذهبي في سباق 1500 متر والتي يحاول من خلالها القائمون على شؤون الرياضة الجزائرية إخفاء الإخفاق الذريع الذي عاشه 35 مليون جزائري والحرقة تملأ قلوبهم. ورغم أن مخلوفي حقق إنجازا باهرا بحصده معدن الذهب بعد سباق رائع وتكتيك متميز مكّنه من الفوز بكل راحة بعد انفراده بالمقدمة في آخر 400 متر، مبتعدا عن أقرب منافسيه بمسافة مريحة ليعيد للأذهان الأيام الملاح للرياضة الجزائرية وألعاب القوى بشكل خاص بالأمجاد التي صنعتها "حسيبة بولمرقة" في ألعاب برشلونة 1992، "نور الدين مرسلي" أطلانطا 1996، وآخر ميدالية ذهبية في أولمبياد سيدني الأسترالية في بداية الألفية الثانية مع العداءة "نورية بنيدة مراح"، ولعل القاسم المشترك بين هؤلاء أن جميعهم مختصون في سباق 1500 متر، ما يؤكد بالمرة قوة العدائين الجزائريين في هذا الاختصاص. ترتفع أصوات في الشارع الرياضي الجزائري مطالبة الجهات المختصة بالتحقيق فيما صار يسمى "فضيحة أولمبياد لندن" التي شهدت خيبة جماعية في أكثر من رياضة، باستثناء مخلوفي الذي حبس الأنفاس وعرف كيف يرد بطريقته الدّين للمنظمين ويعيد البسمة للجزائريين. ويصرّ كثيرون على أنّ ما حدث في الأراضي البريطانية من مهازل جزائرية في المصارعة، السباحة والرماية فضلا عن كرة الطائرة وغيرها، يضع كل هؤلاء الرياضيين مسؤولين أمام الأمر الواقع، ويجبر الوصاية على ضرورة التحرك لوقف المهازل على الأقل ومحاسبة المذنبين. مثلما هو عليه الحال في المغرب، بعدما استدعت لجنة برلمانية مغربية وزير الرياضة المغربي للمساءلة أمامها بسبب ما اعتبرته كارثة رياضية مغربية بلندن بعدما اقتصر حصاد المنتخب المغربي على برونزية العدّاء عبد العاطي إيقيدير في سباق ال 1500 متر، مقابل تخصيص ميزانية 40 مليون دولار، في حين أظهرت مذكرة صادرة عن وزارة الداخلية بأن الألمان لم يحققوا هدفهم في أولمبياد لندن والمقدرة بالحصول على 86 ميدالية، حيث اكتفت ألمانيا ب 42 ميدالية، منها 10 ذهبيات و18 فضية و14 برونزية. وأظهرت المذكرة، بأن الآمال كانت كبيرة في حصول ألعاب القوى والسباحة والدراجات على ثماني ميداليات، بينما كان من المتوقع أن تظفر رياضة التجديف بأربع ميداليات ولم يحققوا سوى ميداليتين. وقال "توماس باخ" رئيس اتحاد الرياضات الأولمبية الألمانية في بيان "نتفق تماما مع وزارة الداخلية بأنه لا يوجد توافق بين الميداليات وتوزيع الأموال العامة"، بينما قال وزير الداخلية هانز بيتر فريد ريش "إن الوزارة ستجري تحليلا شاملا عقب نهاية الأولمبياد، لنستخلص النتائج الضرورية الخاصة بالتمويل الرياضي". ويحدث كل ذلك، في ظل احتفال العرب مجتمعين بحصولهم على 11 ميدالية في الألعاب الأولمبية، منها ذهبيتان اثنتان، واحدة كانت من نصيب السبّاح التونسي "أسامة الملولي" والثانية حظي بها العدّاء الجزائري "توفيق مخلوفي". حصر "رشيد حنيفي" رئيس اللجنة الأولمبية الجزائرية كل تكهناته في رياضة الجيدو التي مثلتها "صورية حداد" صاحبة برونزية بكين 2008 في وزن أقل من 52 كلغ، والتي أقصيت من الدور الأول لتخرج من الباب الضيق بعد خطأ لا يغتفر، خاصة في هذا المستوى، شأنها شأن زميلتها "صونيا أصلاح" التي انهزمت في الدور الأول في وزن أكثر من 78 كلغ. ولم تشكل رياضة الفن النبيل الاستثناء، حيث عاد الملاكمون خاوي الوفاض ولو أن كل الآمال كانت معلقة على بن شبلة والبقية ليتحجج القائمون على رياضة الملاكمة بانحياز التحكيم. وسيختبئ المسؤولون على الرياضة بمن فيهم رؤساء الاتحاديات والمدربين وراء إنجاز ابن مدينة سوق أهراس ويتذرعون به في وقت لم يكن مرشحا لديهم بتشريف الألوان الوطنية ورفع الراية في سماء لندن، ليعزف على إثرها النشيد الوطني قسما رغم أنف البريطانيين وجريدتهم "دايلي تيلغراف" التي أساءت للنشيد بعدما صرفت الدولة ما قيمته 50 مليار سنتيم على 39 رياضيا شارك في الألعاب كانوا بمثابة ألواح، أين دخلوا المنافسات المختلفة في أحد عشر اختصاصا لأجل المشاركة لا غير ليعودوا وتعود معهم الرياضة الجزائرية بخفي حنين وبمهزلة جديدة، بعد تلك التي صنعها الرياضيون في ألعاب أثينا 2004 ليكون مخلوفي حافظ ماء الوجه.