المتايع لتطورات مدينة وهران، في العقد الثاني من الألفية الثالثة، يلاحظ التحولات العميقة لعاصمة الغرب وما تختزنه الباهية من قدرات استثمارية تمكنها من الانبعاث واحتلال موقع متميز في البلاد، سيما وأنّ الجميع يجزم بقدرة وهران على التحول إلى قطب اقتصادي منتج بعد كل الذي طالها على مدار أعوام طويلة. ولاية وهران التي تطمح لكي تكون في مصاف الحضائر الكبرى، حققت قفزة نوعية في مجال عصرنة الهياكل القاعدية للطرقات والموانئ والمطار لضمان خدمات متطورة في مجال النقل وتوفير الظروف المناسبة للنشاط الاقتصادي والتجاري تتماشى والمؤهلات الضخمة التي تزخر بها المنطقة. وبما أن ميناء وهران التجاري يعتبر القلب النابض لعاصمة الغرب الجزائري، فإن هذه المنشأة تعيش فترة حاسمة من تاريخها لاستفادتها من عملية توسيع نهائي الحاويات الذي خصص له غلاف مالي قدر ب11 مليار دج في إطار المخطط الخماسي الجاري حسب مصالح الولاية. وستتم عملية التوسيع التي تهدف الى تخفيف الضغط على النهائي الحالي على مرحلتين الأولى تشمل توسعة على مساحة 23 هكتارا، فيما تمتد المرحلة الثانية على 31 هكتارا فضلا عن انجاز هياكل أخرى كرصيف جديد في المرحلة الاولى من التوسعة لتمكين هذا الميناء من استقبال الحاويات الكبيرة وكذا السفن التجارية الكبرى. ويتربع نهائي الحاويات حاليا على مساحة تقدر ب12 هكتارا ويتوفر على خمسة مراكز للرسو ويتسع ل4600 حاوية. كما تشهد عملية تدعيم مكسر الأمواج لميناء وهران على مسافة 1.2 كلم تقدما في الانجاز، حيث لم يبق منها إلا حوالي كلم واحد لإتمام العملية. وفي اطار المخطط المدير للتهيئة العمرانية سيتم انجاز طريق جديد يؤدي إلى الميناء على طول 12 كلم والذي يبدأ من المدخل الشرقي للميناء الى غاية كنستال، حيث دخلت الدراسة الخاصة بهذا المشروع مرحلة الانتهاء والمصادقة حسب رئس مصلحة تنمية الهياكل القاعدية بمديرية الأشغال العمومية. ومن جهته سيحظى ميناء أرزيو الذي يعد قطبا بتروكميائيا بعملية توسعيه مما سيسمح بتحسين معالجة مختلف البضائع ورفع من طاقة هذه المنشأة التي تغطي نسبة 46 بالمائة من مختلف البضائع عن طريق النقل البحري على مستوى الوطني، و62 بالمائة من نشاطات النقل الخاصة بالمحروقات حسب مؤسسة هذا الميناء. ويتضمن المشروع انجاز حوض داخلي يتربع على 25 هكتارا من اليابسة وثلاثة أرصفة على طول 800 متر طولي حسب أحد مسؤولي مؤسسة ميناء أرزيو الذي يتوفر حاليا على ثلاثة أرصفة لم تعد تستوعب الأنشطة التجارية. ولإنعاش قطاع الصيد البحري بالجهة الشرقية للولاية ستتدعم منطقة كريستال بميناء للصيد تقدر طاقته الاستيعابية ب12 قارب صيد و35 من الحرف الصغيرة و40 مركبة للترفيه. ويعتبر هذا الميناء الذي يعرف تقدما كبيرا في الأشغال أول منشأة مرفئية للصيد البحري تنجز في عهد الاستقلال على مستوى الولاية التي تتوفر حاليا على مينائي للصيد بوهران وأرزيو . وبالنظر إلى ما تتوفر عليه عاصمة الغرب الجزائري من مؤهلات سياحية كبيرة فان الحاجة الى استحداث ميناء للنزهة أصبحت واقعا، حيث تعتزم ولاية وهران انجاز مثل هذا الفضاء على مستوى منطقة المقطع بأقصى شرق الولاية. وفي هذا السياق قدمت مديرية الاشغال العمومية طلبا الى وزارة المالية لتسجيل عملية تتعلق باعداد دراسة جدوى خاصة بانجاز أول ميناء للنزهة بوهران. والجدير بالذكر أن أكثر من 900 قارب نزهة ينشط على مستوى وهران إلى جانب أن الولاية معروفة بصناعة السفن لاسيما منها تلك الموجهة للترفيه. تحقيق الطموحات مرهون بتدعيم القدرات أما فيما يتعلق بمنشآت النقل الجوي فقد استفاد المطار الدولي “السانية” لوهران الذي أصبح ابتداء من 16 أفريل 2012 يحمل اسم أول رئيس للجمهورية الجزائرية الراحل أحمد بن بلة، من عمليات لتدعيم قدراته وفق التطورات التي تعرفها الملاحة الجوية وتماشيا مع طموحات الولاية في ترقية سياحة الأعمال. وفي هذا الاطار تدعمت هذه المنشأة التي تعتبر ثاني مطار دولي بالجزائر بمدرج ثان على طول 3 ألاف متر طولي والذي دشنه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة سنة 2007. وأمام الحركة الجوية التي ما فتئ يعرفها المطار وفتح فروع لشركات طيران أجنبية فقد استفاد هذا الهيكل من عملية ثانية هامة تم تجسيدها وتتعلق بتوسيع مدرج آخر من 3000 متر طولي الى 3600 متر طولي. وللإشارة، فقد استقبل مطار “أحمد بن بلة” الدولي خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية 200 ألف مسافر عبر الخطوط الدولية (ذهابا وإيابا) وزهاء 150 ألف مسافر عبر الخطوط الداخلية. كما سيتم تدعيم المدرج القديم الذي يمتد على طول 3000 متر لتمكينه من استقبال الطائرات من الحجم الكبير، حيث تم تعيين المؤسسة المكلفة بالعملية على أن تنطلق الأشغال مع نهاية السنة. حتمية مسايرة الحركة الاقتصادية والسياحية ذكر فيصل شارون، رئيس مصلحة تنمية الهياكل القاعدية بمديرية الأشغال العمومية، أنّ ما تم انجازه من مشاريع في مجال الهياكل القاعدية المتعلقة بشبكة الطرقات بعاصمة غرب البلاد في ظرف السنوات العشرة الأخيرة “تجاوز ما كان موجودا عليه في السابق”. ولتطوير شبكة الطرقات التي تعتبر عصب الحياة لمنطقة تتوفر على مؤهلات اقتصادية وتجارية وسياحية هائلة تم -على سبيل المثال- انجاز 50 محولا جديدا من بينها المحولان الغربي والشرقي قرب جسر زبانة، ناهيك عن برمجة عشرة أنفاق أرضية منها 5 في طور الانجاز وكذا 12 منشأة فنية حديثة. ومن أضخم المشاريع المهيكلة التى استفادت منها وهران ابتداء من سنة 2002 الطريق السيار الاجتنابي الجنوبي الذي جاء لفك الخناق على حركة المرور، حيث يمتد من تقاطع منطقة “الحاسي” الى “كنستال” على مسافة 21 كلم، وكذا اتمام الطريق الازدواجي الوطني رقم 11 بالمقطع إلى غاية الحدود مع ولاية مستغانم 8ر2 كلم والذي ساهم كثيرا في تخفيف الضغط لا سيما في موسم الإصطياف. وبفضل اتمام الطريق الازدواجي الرابط بين بلديتي مسرغين وبوتليليس على طول 6ر20 كلم تم القضاء على أكبر نقطة سوداء بالجهة، والتي تسببت في حصد الكثير من الأرواح واعاقة آخرين من جراء حوادث المرور. ولتثمين المؤهلات السياحية بالطنف الوهراني الغربي الذي يعتبر منطقة جذب السياح القادمين من مختلف ولايات الوطن يفوق تعدادهم مع كل صيف 14 مليون مصطاف، تم تحديث 16 كلم من هذا الطريق فيما يبقى انجاز شطر 5ر1 كلم على مستوى الطنف العلوي لهذه المنطقة السياحية. وقد دخل هذا الشطر من العملية مرحلة متقدمة حيث أن دفتر الشروط يوجد في طور المصادقة عليه ويتوقع تسليمه مع موسم الاصطياف المقبل حسبما أشار اليه نفس المصدر. كما تم تدعيم الطريق المؤدي من وهران حتى حدود ولاية مستغانم على طول 30 كلم، وكذا ازالة نقاط الضغط عبر ملتقيات الطرق الكبرى -الباهية وجمال الدين وعين البيضاء وغيرها، فضلا عن ترقية بعض الطرق الولائية إلى وطنية. وجاء مشروع انجاز مدخل أرزيو على طول 13 كلم الذي يعد “استراتيجيا” لتدعيم المدخل الأول للمنطقة التي تتوفر على أكبر مركب بتروكيميائي وتأمينها في حالة وقوع أي حادث، وكذا انجاز مدخل “رأس العين” بطول 3 كلم الذي حل كثيرمن النقاط السوداء وساهم في تسهيل حركة تنقل المواطنين وتخفيف الضغط على وسط مدينة وهران. كما تم تعبيد 300 كلم من الطرقات الحضرية مند سنة 2007، علما أن شبكة الطرقات الولاية تتشكل من 1074 كلم موزعة على 186 كلم من الطرق الوطنية و22 كلم طرق سيارة و592 كلم مصنفة كولائية و274 كلم بلدية. مشاريع استراتيجية.. لأفاق جديدة من بين المشاريع الاستراتيجية التي ستأتي لتعزيز شبكة الطرقات بولاية وهران، طريق سيار اجتنابي آخر يبلغ طوله 21 كلم ويحتوي على 14 محولا وينطلق من حي بلقايد الى غاية الطريق السيار المؤدي إلى الكرمة، حيث ستنطلق الأشغال به في سنة 2013. كما سيفتح الطريق الساحلي الشرقي من أرزيو الى بلدة كريستل على طول 45 كلم، والذي أنجز منه 5ر9 كلم أفاقا اقتصادية جديدة لوهران، حيث سيكون بمثابة “كورنيش” ثان سيعطي نفسا جديدا لهذه المنطقة العذراء وسيساهم في انعاش الحركة السياحية بها، فضلا عن أنه سيسمح بفك العزلة على هذه المنطقة وخلق مناصب شغل جديدة. وقد تم اختيار 3 مؤسسات وطنية لإنجاز 25 كلم من هذا الطريق، فيما يتم حاليا رفع بعض التحفظات الخاصة لدفتر الشروط المتعلق بالجزء المتبقي للمشروع وذلك تماشيا مع قانون الصفقات العمومية، حسبما أوضحه رئيس مصلحة تنمية الهياكل القاعدية. كما يعرف الطريق الاجتنابي مرسى الكبير - عين الترك الممتد على مسافة 5 كلم، تقدما كبيرا في الأشغال وسيكون جاهزا مع نهاية السنة المقبلة، حيث يعرف هذا الطريق أشغال تسطيح هامة. ومن أجل حماية مستعملي هذا الطريق من سقوط بقايا الاحجار من الجرف تم انهاء دراسة مشروع حماية الجرف على مستوى الطنف الوهراني من برج “لامون” الى غاية عين الترك على 10 كلم، علما أنه تم حماية ما يعادل 45 ألف متر مربع.