شنت الجماعات الجهادية المسيطرة على شمال مالي حملة ضد النساء غير المحجبات في تمبكتو وسط هلع السكان، كما تم سجن كل امرأة ترفض الدخول إلى منزلها في المساء. ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن سكان المدينة أنّ الإسلاميين المتشددين الذين يسيطرون على مدينة تمبكتو باشروا أول أمس الخميس توقيف النساء اللواتي لا يرتدين الحجاب وأمروا ب"اقتياد" كل امرأة توجد في الشارع في وقت متأخر من المساء إلى السجن، وقال المهدي سيسي أحد سكان حي دجينغيري بير إن "الاسلاميين يجولون في سوق المدينة ويعتقلون الفتيات اللواتي لا يرتدين الحجاب". اشترطت الجماعات الجهادية المتشددة التي تسيطر على شمال مالي تعهدا من الرئيس تراوري بتطبيق الشريعة الإسلامية للدخول في مفاوضات مع سلطات باماكو، بعد الدعوة التي أطلقتها للحوار أول أمس حيث أعلن مسؤول محلي في مدينة غاو شمال مالي الخاضع لسيطرة الاسلاميين لوكالة الأنباء الفرنسية، إن الاسلاميين يوافقون على التفاوض مع حكومة باماكو شرط “أن تطبق مالي الشريعة”، وذلك ردا على الدعوة إلى الحوار التي أطلقها الرئيس المالي مساء الجمعة. وقال أليوني توري أحد المسؤولين الاسلاميين في غاو ردا على سؤال لوكالة فرانس برس “نوافق على مد اليد إلى تراوري بشرط واحد وهو أن تطبق مالي الشريعة، شريعة الله، إنه الشرط الوحيد”. وأضاف “إذا أراد الناس في الجنوب التفاوض مع تطبيق الشريعة، فنحن موافقون. لكن إذا كانوا يريدون الحرب، فإننا أيضا موافقون. والله على كل شىء قدير”. وعرض الرئيس المالي الانتقالي ديوكوندا تراوري مساء الجمعة الحوار والتفاوض على المجموعات الاسلامية التي تحتل شمال البلاد، داعيا في الوقت نفسه الماليين إلى الوحدة المقدسة حول جيشهم لشن الحرب إذا لم يعد هناك من خيار آخر. وقال تراوري في رسالة إلى الأمة بثها التلفزيون “ما دمنا نستعد للحرب فسنخوضها إذا لم يبق لنا خيار آخر، لكننا نؤكد مجددا هنا أن خيارنا الأول يبقى الحوار والتفاوض، مشددا “خيارنا الثاني يبقى الحوار والتفاوض وخيارنا الثالث يبقى الحوار والتفاوض”. وعشية الذكرى الثانية والخمسين لاستقلال البلاد تحدث تراوري مطولا عن المأساة التي تعيشها مالي وقال “حتى وجودها بات مهددا” مع “13 دائرة في أيدي قوات معادية ما يشكل ثلثي أراضي” البلاد، كما عبر الرئيس المالي عن أمله بإجراء انتخابات رئاسية مقبلة تسمح باختيار رئيس جديد للبلاد خلال عام. وفي السياق ذاته عرج المتحدث باختصار إلى طلب الدعم الرسمي الذي وجّهه إلى مجموعة دول غرب إفريقيا “إكواس” لنشر قوة إفريقية، مجددا تشديده على مطالبة مالي بضمان أمن المؤسسات الانتقالية في باماكو بمعدّات ووسائل طلبها الجيش المالي، مؤكدا رفضها لفكرة انتشار قوات شرطة ووحدات مقاتلة للجيش بدون هدف-على حد تعبيره- وفي غمرة الانقلاب العسكري في 22 مارس الذي أطاح بالرئيس السابق أمادو توماني توري، سيطر اسلاميون مسلحون من تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي وجماعة أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا في أفريل على شمال مالي. وركز تراوري الذي كان رئيسا للجمعية الوطنية قبل أن يتم تنصيبه رئيسا انتقاليا في أفريل، كل خطابه على ضرورة تحرير المناطق المحتلة عبر التفاوض أو بالقوة. ومن دون تمييز بين الحركات، قال “إدعو المجموعات المسلحة الناشطة في شمال بلادنا إلى الموافقة على سلوك طريق الحوار والتفاوض في شكل صادق وبناء”. وأكد أنه “يدرك أنه رئيس بلاد تعيش حالة حرب”، داعيا الأمة إلى “الاتحاد المقدس” خلف الجيش. وأمل الرئيس المالي بإجراء انتخابات رئاسية مقبلة تتيح اختيار رئيس جديد خلال عام. وأعرب مجلس الأمن الدولي عن استعداده الجمعة للبحث في “اقتراح واقعي” لنشر قوة إفريقية في مالي. لكن مجلس الأمن طلب من مجموعة دول غرب إفريقيا توضيح الأمور مع باماكو لتقديم خطة عسكرية قابلة للتطبيق تتضمن تفاصيل عن “أهداف ووسائل وكيفية” نشر قوة إقليمية كهذه في مالي. إلا أن باماكو ومجموعة دول غرب إفريقيا لم تتفقا بعد على اقتراح واضح لتقديمه إلى الأممالمتحدة. وطلبت مجموعة دول غرب إفريقيا من باماكو إعادة النظر في صيغتها لأن اثنتين من النقاط الثلاث التي أشارت إليها باماكو تطرحان مشكلة ولا تتيحان إنجاز تدخل “فعال”.