دعت الجزائر أمس إلى استغلال الفرص المتاحة حاليا لإيجاد مخرج سلمي لأزمة مالي، في الوقت الذي أعلن رئيس حكومة باماكو استعداده للحوار مع حركتي أزواد وأنصار الدين اللتان تمثلان سكان الشمال، وقال وزير الخارجية مراد مدلسي على هامش احتفالات بالذكرى الخميس لانضمام الجزائر إلى منظمة الأممالمتحدة "لم يفت الأوان لاستغلال كل الفرص المتاحة لبسط السلم والأمن والحفاظ على الوحدة الترابية لمالي"، مضيفا أن "الجزائر متمسكة بخيار الحوار" لحل الأزمة. وأشار مدلسي أن "حربا شرسة يجب أن تشن ضد المجموعات الإرهابية في المنطقة ممثلة في تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد المنشقة عنه بالموازاة مع مشاريع للتنمية في شمال مالي". من جهته أعلن رئيس وزراء مالي شيخ موديبو ديارا من واغادوغو أن الحوار مع جماعة أنصار الدين والحركة الوطنية لتحرير أزواد أمر "لا مناص منه"، وقال بعد لقائه رئيس بوركينا فاسو وسيط مجموعة غرب إفريقيا في الأزمة المالية بليز كومباوري "الحوار أمر لا مناص منه، وأعضاء الحركة الوطنية لتحرير أزواد وأنصار الدين هم مواطنونا، إنهم ماليون" معبرا عن أمله في أن تتوافر شروط الحوار "في أسرع وقت". واعتبر ديارا أن الحوار المقبل الذي يفترض أن يؤدي إلى "سلام دائم" وإلى مجتمع تتساوى فيه "المجموعات العرقية" سيتيح تحديد "المطالب المشروعة" من تلك غير المشروعة. وأكد أن هذه المشاورات لن تشمل الارهابيين ومهربي المخدرات لأن معظم هؤلاء ليسوا مواطنين ماليين. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند طلب من نظيره المالي ديونكوندا طراوري نهاية الأسبوع فتح باب الحوار مع الحركات التي تنبذ العنف في الشمال، في تحول كبير يتطابق مع الطرح الجزائري الداعي إلى فسح المجال للتفاوض قبل أي تدخل عسكري. وأعلن الإليزيه في بيان أن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند تشاور الخميس هاتفيا مع الرئيس المالي ديونكوندا تراوري طالبا "تكثيف الحوار" مع "ممثلي سكان شمال (مالي) الذين يرفضون الارهاب". وذكر هولاند بأن بلاده تأمل في "تكثيف الحوار السياسي بين السلطات المالية وممثلي سكان شمال مالي الذين يرفضون الارهاب". وكانت مجموعة دول غرب أفريقيا (إكواس) قررت نشر قوة أفريقية قوامها 3300 جندي شمال مالي عقب قمة بأبوجا النيجيرية الأسبوع الماضي، وسيتم إحالة المشروع لمجلس الأمن الذي منح المجموعة مهلة 45 يومًا لتقديم مخططها حول التدخل في شمال مالي تنتهي في ال 26 نوفمبر الجاري. وردت الجزائر على القرار بالتأكيد أن "التدخل العسكري سيكون خطأ كارثيا" وحذرت من "العواقب غير المحسوبة لهذه الخطوة على مالي والمنطقة برمتها". وأوضح بيان لوزارة الخارجية أن الجزائر اختارت طريق الحوار بين الحكومة المالية والمتمردين في الشمال لحل هذه الأزمة، كما ذكرت أن اللائحة الأممية رقم 2017 التي تعد الأساس القانوني الوحيد الذي يستند إليه المجتمع الدولي تدعو السلطات المالية والجماعات المتمردة إلى البدء في مسار تفاوضي ذو مصداقية، من أجل حل سياسي قابل للتطبيق في إطار احترام السيادة والوحدة الترابية لمالي". وتتنازع حركتا تحرير أزواد وأنصار الدين النفوذ في شمال مالي مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة التوحيد والجهاد المنشقة عنه منذ أفريل الماضي، تاريخ سقوط شمال البلاد تحت سيطرة هذه المجموعات غداة انقلاب عسكري أطاح بالرئيس المالي توماني توري وانسحاب الجيش النظامي من الشمال.