تكاد الحياة أن تتوقف بدءا من الساعة السادسة مساء بمدينة يطلق عليها اسم عاصمة الهضاب العليا، حيث يجد سكانها صعوبة كبيرة في التنقل أو ممارسة حياتهم من بيع وشراء أو التنزه عبر فضاءاتها الترفيهية. فقد أثبتت الأيام أن كل محاولات خلق حركية بالمدينة خلال ساعات الليل قد باءت بالفشل بداية من النقل إلى الحركة التجارية والثقافية وذلك بالرغم من الضيق الذي أضحت تحتظي به مدينة سطيف باعتبارها قطبا اقتصاديا واجتماعيا واعدا يؤمه آلاف الزوار من مختلف مناطق الوطن وحتى من بعض دول الجوار. فساكن المدينة أو الزائر يجد صعوبة كبيرة في التنقل مع غروب الشمس، حيث يتوقف نشاط أصحاب سيارات الأجرة وكذا الناقلين الخواص بدعوى انعدام المردودية فيما يبقى هذا النشاط مقتصرا على أصحاب السيارات غير المرخصة "فرود" الذين كثيرا ما يفرضون منطقتهم في مثل هذه الحالات. ونفس الانطباع ينطبق على المحلات التجارية حيث تغلق قبل السادسة في معظم الحالات، بما في ذلك المحلات الواقعة على امتداد شارعي أول نوفمبر و08 ماي 45 إلى درجة أن التسوق يكاد يكون منعدما باستثناء بعض الباعة الفوضويين من أصحاب الطاولات الخاصة ببيع الخضر والفواكه الذين يتواصل نشاطهم إلى الثامنة على أقصى حد. وحتى المطاعم التي تزخر بها عاصمة الهضاب العليا خاصة منها قلعة التسلية والترفيه والتي يؤمها الآلاف خلال ساعات النهار، فإنها تسارع بدورها إلى غلق أبوابها قبيل الثامنة لتسكن الوحشة أرجاء المدينة في مشهد مقزز. وحتى المعالم الأثرية والتاريخية التي تزخر بها المدينة على غرار معلم عين الفوارة والقلعة البيزنطية ومقام الشهيد إلى جانب قلعة التسلية والترفيه لم تسلم من هذه الظاهرة، حيث تبقى خاوية على عروشها بدءا من السادسة مساء، فيما تعرف حركية متنامية طوال ساعات النهار خاصة بالنسبة لمعلم عين الفوارة الواقع بوسط المدينة والذي يؤمه آلاف الزوار من داخل وخارج الولاية. مصدر بالأمانة الولائية لاتحاد التجار والحرفيين كشف بأن كل المحاولات الرامية إلى إلزام التجار خاصة منها أصحاب المطاعم والمحلات التجارية إلى ابقاء محلاتهم مفتوحة ولو إلى حدود الساعة العاشرة ليلا قد باءت بالفشل بدعوى قلة الزبائن، ونقص التغطية الأمنية مشيرا بأن المداومة الليلية بالنسبة لهؤلاء تبقى رهينة رغباتهم وليست ملزمة لهم في القوانين السارية حاليا. وإلى ذلك تبقى مدينة بحجم ومكانة سطيف تغط في سبات عميق طوال ساعات الليل وكأنها مدينة للأشباح.