شهدت الفترة الأخيرة المتزامنة مع موسم الشتاء، ارتفاع، واضح، في أسعار كل المستلزمات الخاصة بفصل الشتاء كالملابس، الأحذية وأجهزة التدفئة بمختلف أشكالها وأنواعها سواء الكهربائية أو التي تتطلب الغاز كوقود لها، وحسب معظم المواطنين الذين قابلناهم بمختلف الأسواق على مستوى العاصمة، فإن الأمر بدا بالنسبة لهم مألوفا وغير غريب على أساس تعودهم على هذا الجنون المتمثل في التهاب أسعار مختلف ضروريات الحياة، وبالخصوص فيما يتعلق بالألبسة وأدوات التدفئة يقول هؤلاء “أن فصل الثلوج هو المناسبة التي يغتنمها بائعو الألبسة وغيرهم لأجل كي الزبائن”، فيما أرجع المتحدثون أسباب الغلاء إلى غياب عامل الرقابة ما يدفع بالتجار إلى إتباع سياسة الرفع في أسعار السلع السابقة الذكر. شراء أجهزة التدفئة يعرف رواجا ملحوظا رغم ارتفاع أثمانها ونظرا للتقلبات الجوية التي يعرفها فصل الأمطار المعروف ببرودته القاسية، فإن السكان يهرعون إلى أخذ الاحتياطات اللازمة لتوفير التدفئة ببيوتهم أو لشراء ألبسة تحميهم من الطقس البارد، “السلام” بدورها تنقلت إلى بعض محلات بيع أجهزة التدفئة التي عرفت إقبالا كبيرا من طرف المواطنين على شرائها، كما أنها ظاهرة أصبحت من العادات الأساسية التي يرتكز عليها العاصميون في كل عام عند حلول فصل الثلوج، وبهذا فإننا سجلنا من خلال حديثنا مع الزبائن أن أثمان أجهزة التدفئة تبقى تعرف ارتفاعاً ملحوظا حسب ما أكدوه لنا. الباعة من أصحاب هذه المحلات أكدوا لنا قائلين أن “خلال هذه الفترة المتقاربة وموسم الأمطار كان توافد المواطنين كبير على شراء الأفران الكهربائية نظرا لغلاء نظيرتها”، مشيرين إلى أن “إقبال الناس لابأس به لكن معظمهم وبمجرد سماعه بالسعر يتراجع وهذا طبعا لا يتوافق وقدرته الشرائية”، كما أوضح ذات المتحدثون بأن “هذه الأجهزة لا تباع إلى في موسم واحد، أين تتم الزيادة في سعرها وهو شيء طبيعي، كما أن زيادة الطلب على مثل هذا النوع تتواصل نظرا لتناسبها وبرودة الجو”. وفي ذات السياق فقد أفادنا رايس جمال، صاحب محل لبيع أجهزة التدفئة منذ أكثر من 8 سنوات “بأن إقبال المواطنين على اقتناء هذا النوع من الأجهزة كبير بهدف التصدي لبرودة الجو”، مفسرا أن الأجهزة الغازية يتراوح سعرها من 1 مليون سنتيم حتى 4 ملايين سنتيم، أما الكهربائية فقدرت ب1300 لتصل إلى 8000 دينار”، فيما كشف أن ارتفاعها زاد بنسبة 1500 دينار مقارنة بالعام الماضي، كما أن كثرة الوسطاء عامل من عوامل الزيادة في سعرها، سيما عن تكدس السلع التي يخفيها البائع ليخرجها في السنة المقبلة باعتبار أن المصنع ينتج عددا معينا منها، فيتمكن من توزيعها على المشترين بالجملة ثم يغلق أبوابه أمام انتهاء هذه السلع، لتصل إلى البائع بالتقسيط الذي يتقيد بفترة لبيعها ويبقى الباقي في مخزنه لبيعه في موسم لاحق، ونوه محدثنا إلى أن الأجهزة الكهربائية اقل خطرا من الغازية خاصة بالنسبة للأطفال نظرا لانعدام رائحة الغاز، كما أوضح أن سوء استخدام المواطن للجهاز التدفئة قد يكلفه حياته، ونصح بالتوجه إلى أخصائيين من أجل تثبيت الأجهزة الغازية تفاديا لحدوث أية كوارث، موضحا أن “الفرق شاسع بين الأجهزة ذات الإنتاج الوطني أفضل من المستورد”. التهاب أسعار الملابس الشتوية يضع الزبون في حيرة بالمقابل عرفت أسواق بيع الملابس الشتوية ارتفاعا محسوسا في الأسعار، وبعض من التجار السماسرة سعوا إلى رفع الأسعار بضعفين مستغلين فرصة حاجة المواطنين إلى مثل هذا النوع من الألبسة، منها الصوفية كالمعاطف وغيرها في ظل الجو البارد واشتدادها خلال الشهر المقبل، حسب تنبؤات الأرصاد الجوية، هذا وأكد عمر، أحد قاصدي السوق أن المواطنين ذوي الدخل المحدود لا يقدرون على مواكبة ذلك، فالباعة يقومون باستخراج السلع التي بقيت بحوزتهم منذ السنة الفارطة وعرضها من جديد ليستعملوا الحيل على المواطن ومحاولة إقناعه بان البضاعة جديدة دخلت هذه السنة، لا لشيء سوى لبيعها بأثمان غالية يعجز الزوالي على شرائها، كل هذا من اجل الربح المادي أمام انعدام الرقابة، الأحذية هي الأخرى مستها حمى الالتهاب في السعر ليتراوح السعر من 3500 الى 12000 دينار للحذاء، ما يدفع بالآخرين إلى الاستنجاد “بالشيفون” بالرغم من عدم توفر جميع الأذواق، ما يجبر هؤلاء على إعادة استعمال ألبستهم السابقة. 40 بالمئة نسبة الزيادة في أسعار الملابس الشتوية أكد الطاهر بولنوار، الناطق الرسمي باسم الاتحاد العام للتجار الجزائريين، في اتصال له ب”السلام” أن ارتفاع أسعار الملابس الشتوية لهذا العام قدر بنسبة 40 بالمئة من الزيادة في كل سنة مرتبط مع بداية كل موسم، وأرجعها محدثنا إلى جملة من الأسباب التي تعتبر المحرك الأساسي في رفع الأسعار وتتمثل في ارتفاع الطلب أمام قلة المنتوج الوطني للملابس، أين سجلت الجزائر عجزا كبيرا في هذا الأخير وما يفسر هذا هو الاعتماد على الاستيراد فمعظم الملابس التي يقتنيها الجزائريون اغلبها من الدول الأوروبية كاسبانيا وتركيا وكذا من سوريا حيث يتم إدخالها عبر تركيا، بالإضافة إلى المنتوج الصيني كما شدد بولنوار، عن الإجراء القانوني الخاص بمنع استيراد الملابس المستعملة كان حافزا قويا لأصحاب المحلات التجارية الخاصة ببيع القطع الأصلية الذين وجدوا ضالتهم في هذا القانون كفرصة استغلوها لرفع أسعار السلع المتوفرة لديهم، فيما ذكر ذات المتحدث بأن ثقافة الاستهلاك عند المواطنين والتي تكمن في نقص العرض أمام ارتفاع الطلب، مبرزا في الوقت ذاته على أن قانون منع دخول الملابس المستعملة مازال ساري المفعول إلا أن جلبها يكون خفية، فهذا الإجراء كان متسرعا من طرف الحكومة، نظرا لعدم استفادة المواطن الجزائري منه، بل كان لصالح الدول الأوروبية التي يتعامل معها الجزائريون من أجل استيراد السلع. تفعيل آليات الإنتاج الوطني والتراجع عن إجراء منع الشيفون كفيلان باستقرار الأسعار استنكر مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك، انعدام الضوابط والقوانين الرسمية الكفيلة بضبط تعاملات الأسواق الحرة التي باتت ضد مصالح المستهلك الجزائري، حيث أصبحت كل اللوازم والسلع الاستهلاكية خاضعة لقانون العرض والطلب، فغلاء الأسعار لم يمس فقط الألبسة الشتوية بل سيطر على كل الخدمات والسلع الاستهلاكية، فيما صرح زبدي، بأن الراتب الشهري أصبح لا يفي بالغرض من حيث عدم كفايته للأمور الضرورية التي يحتاجها المستهلك، كما عرج أيضا على أن الملابس الشتوية كانت في متناول الجميع نظرا لتوفر الألبسة المستعملة “الشيفون” التي كانت تغطي حاجيات فئات كبيرة من المجتمع الجزائري. قائلا بأن القضاء على “الشيفون” حاجة اقتصادية بحتة نتيجة لتحسين النوعية، كما أن التضخم بلغ نسبة 10 بالمئة خلال شهر ديسمبر الجاري، فضعف التضخم يؤول حتما إلى ضعف القدرة الشرائية، هذا وأفصح محدثنا بأن تجارة “الشيفون” تمنح ايجابيات كثيرة أمام نقص الإنتاج الوطني الذي لا يغطي نسبة 10 بالمئة من السوق، ما يساعد الزبون على شراء السلع بأثمان غالية، في انتظار تفعيل آليات الإنتاج والخياطة، فمنتوجاتنا باستثناء بعض العلامات لا تفي بمعيار الجودة، هذا واقترح زبدي، ضرورة تطبيق الحلول التي تشمل تشجيع الإنتاج الوطني إلى جانب تخفيف الرسوم والضرائب، ناهيك عن إتاحة المجال لبيع الملابس المستعملة.