الكاتبة آمنة رزق حمو ل”السلام”: حمو آمنة رزق من الشاعرات والكاتبات اللواتي فرضن أنفسهن بقوة في مجال الإبداع بشتى أنواعه، تجمع بين النقد الأدبي والكتابة الابداعية خاصة الشعرية منها، ابنة ولاية مستغانم وتحديدا مكسك الغانم، رغم تخصصها الجامعي في النقد، إلا أنها لم تفوت الفرصة لإثراء مسيرتها الإبداعية وتحقيق طموحها في عالم الأدب، شاركت في العديد من الملتقيات الفكرية والمناسبات الثقافية، عكفت على تقديم أكثر من 20 قصيدة شعرية، استلهمت مواضيعها من الواقع المعاش منها قصيدة “صاحب السعادة” و”أحبك وستبقى”، وهي الآن تستعد لاقتحام عالم الرواية من خلال أول إصدار لها. حاورها: أ . لخضر . بن يوسف كيف كانت بدايتك مع كتابة القصيدة، ومن هو الشخص الذي آمن بموهبتك في الكتابة منذ البداية ومتى كان ذلك؟ كانت بدايتي مع كتابة الشعر في سن المراهقة وهو السن الذي يدفع المرء إلى التعبير عن ما يجول في خاطره، في البداية كنت أخبئ ما أكتب خوفا من أن يراه والدي أو تقع بين أيادي إخوتي لأنه في كل أسرة عربية توجد السيطرة والهيمنة الذكورية وخاصة أسرتي لأنني تربيت في قرية بسيطة، حتى قررنا الرحيل من تلك القرية وأتممت دراستي كما أنه أنا البنت الوحيدة التي نجحت في الدراسة في عائلة حمو، أما بالنسبة لمن آمن بموهبتي أمي أولا وأختي أم كلثوم وهي من دفعتني للكتابة لأنها حرمت من الدراسة بسبب العقلية الذكورية . برأيك متى وكيف يصبح الإنسان شاعراً، هل الشعر موهبة، وراثة أم يأتي الشعر على خلفية المعاناة أم أن هناك أمورا أخرى هي التي تصنع الشاعر؟ برأيي يصبح الإنسان شاعرا أولا إذا كان محبا للمطالعة والطبيعة، أما بالنسبة لي لم يكن وراثة كان موهبة ودائما كنت ولازلت أقول أنه عندما تكون المعاناة والألم التي يسبب جروحا في القلب والمشاعر تنزف العروق حروفا دامية بالأحاسيس . توجهتِ نحو الشعر، هل سنرى سفينتكِ راسية في يوم ما على شاطئ آخر كالرواية مثلاً؟ أتذكر كنت منذ الصغر أكتب قصصا خيالية رومانسية ودائما أميل لأسلوب السرد، لكن الشعر كبُرَ بداخلي وعشقته لأنه هو الأقرب لوجداني لهذا كانت لي قصائد كثيرة قررت أن أحتفظ بها في كتاب وأقدسها فكانت تصب في ديوان نوستالجيات عاشقة الذي يعد باكورة أعمالي الأدبية، أما بالنسبة لجنس الرواية فأنا أشتغل الآن على ثلاث روايات، لكن يبقى الشعر سيد الحرف بالنسبة لي. هل واجهتك صعوبات في صقل موهبتك لم أواجه صعوبات في صقل موهبتي كنت أؤمن بنفسي، وتمردت على كل ما أتى صوب قلمي وحاول كسره. ما الذي دفعكِ للكتابة، ومتى دوّن قلمك أول نص؟ ما دفعني للكتابة هو المجتمع الذكوري وبعض النظرات الوحشية التي تُرى بها المرأة من زاوية منحصرة على أساس أنها عار على المجتمع وخاصة أسرتها، وبالإضافة على عدم احترامها من قبل زوجها أو أخيها وكما قلت سابقا أنني ولدت وكبرت في قرية بسيطة حرمت البنت فيها من الدراسة وتزويجها في سن مبكر. حدثينا قليلاً عن إنتاجك وإبداعاتك الأدبية، وما هي الموضوعات التي تطرقتِ إليها؟ لي إصدارين ديوان شعر “نوستالجيات عاشقة” تحدثت فيه عن مواضيع أولا قصيدة صاحبة السعادة التي عالجت فيها قضية العنف ضد المرأة، تحدثت عن القضية الفلسطينية، عن الثورة الجزائرية على حالة المجتمع كيف أصبحت انقطعت فيها صلة الأرحام كذلك تناولت قصائد في الغزل والرثاء، الهجاء المدح، تحدثت عن الخيانة الزوجية، عن الإخلاص في الحب وأتمنى أن يبقى التشويق ويحظى القارئ بقراءته والثاني أشرفت على كتاب جامع للقصة بعنوان إبداعات إيفا. برأيكِ، هل تُحقق الاتحادات والروابط الأدبية للكاتب كل ما يطمح إليه؟ مع الأسف حاليا المجتمع الجزائري لا يحب القراءة ولا حتى المطالعة معذور لأن أصبحت العيشة جد غالية، ما يدفعه إلى العمل والتخلي عن المطالعة بسبب التعب، أما بالنسبة للاتحادات والروابط الأدبية لا تجد شعبية وتجاوب مع الكتاب والقراء، راجع ذلك إلى بعض المسابقات التي يتم فيها تشجيع أقلام معينة، كما يوجد نقطة معينة غلاء الأسعار في الطبع ما يدفع الكاتب لتخلي على موهبته وبالتالي عدم وجود التفاعل معها وعدم تحقق طموحات الكاتب لأن هذا الأخير لا يكون كاتب إن لم يكن قارئ. هل اختارت آمنة أو أصبح لها قدوة أدبيّة؟ لا، لم أختر أي أحد أن يكون قدوة لي في مجال الأدب، لكن بكل صراحة أنني تأثرت بما كتبه الأديب محمود عباس العقاد، والشاعر نزار قباني، والكاتبة أحلام مستغانمي، كذلك طه حسين وميخائيل نعيمة، وخاصة الدكتور سعيد بوطاجين لأنني تكونت على يده في الجامعة أقدم له تحية خاصة من هذا المنبر. يُلاحظ في الآونة الأخيرة تحوّل العديد من الشعراء إلى كتابة الرواية، كشاعرة كيف تنظرين إلى هذه الظاهرة؟ برأيي الخاص وأنا مسؤولة عنه، الشاعر يبقى شاعرا حتى وإن اختار أن يكتب في الرواية، أما التخلي عن الشعر نهائيا لا ، طبعا هذا إذا كان الكاتب له أغراض مادية ليحظى بالشهرة أو المال فيغير ميوله الكتابية ويلجأ للرواية، أما بالنسبة لي فأنا أحب الشعر والكتابة في أجناس أدبية أخرى، لكن لا يدفعني أن أتخلى عن الشعر نهائيا. بحكم أنك ناقدة، هل يحقق الديوان الشعري نسبة مهمة من المقروئية في العالم العربي، أم أن الغلبة للرواية؟ الوقت الحالي الرواية هي الجنس المسيطر على المقروئية في العالم العربي، لكن هذا غير مبرر أن الشعر قد ذهب عهده الشعر كما قلت سابقا هو سيد الحرف وديوان العرب لولاه ما علمنا بالحضارات السابقة كيف كانت تعيش. كتبتَ مختلف أنواع الشعر، بدءاً من العمودي ومروراً بالتفعيلة وصولاً إلى النثر، هل يمكن لشكل الشعر ونوعه أن يحدّد ذات الإنسان الشاعر؟ طبعا النوع يحدد ذات الإنسان الشاعر خاصة بالأسلوب، مثلا أنا جربت الكتابة في العمودي شعر التفعيلة لكن بكل صراحة لم أحب ما كتبته أبدا في هذا القالب لأنني كنت مجبرة على احترام القواعد فقط لم أستطع عن التعبير ما هو في خلجاتي لهذا كتب في النثر والشعر الحر، فكنت أرتاح جدا في هذا القالب الأدبي وأعبر دون قيود لأنني بكل صراحة تقيدت بما يكفيني في حياتي فاخترت الكتابة بحرية وطلقت عنان قلمي. يتميز شعرك بالعمق والإيحاء والجمال، ما هي مصادر إلهامك الشعري؟ نعم مصدر إلهامي، قد استخدمت لغة الإيحاء والجمال والاستعارة في كتاباتي ما يدفع القارئ أن يقوم بدراسات نقدية ثقافية لفهم الأنساق المضمرة وما بين السطور. ما رأيك بقصيدة النثر والى ماذا يشير إقبال الكثير من الشعراء على كتابة هذا النوع من الشعر؟ القصيدة النثرية روعة، أنا أكتب في هذا النوع لماذا؟؟ حاليا الإنسان له ضغوطات اجتماعية يريد التعبير عنها بقلمه لأنه حرم من حرية التعبير شفاهيا لهذا يتطرق للكتابة بها والتعبير عن كل ما هو يجول في خاطره لأنه بحاجة أن يسمعه الغير وليس أن يطرب بالموسيقى الشعرية فقط، وبما أن الشاعر ابن بيئته وهو الأقرب بما يحسه أخيه من معاناة قد يتطرق إلى الكتابة بها لأنه بحاجة للموسيقى الداخلية وهي الشعور. هل تحتاج آمنة إلى الغموض في كتاباتها الشعرية أم تستغن عنه بالوضوح البياني؟ لا أحتاج إلى الغموض كثيرا، أحب أن أكون واضحة لكن في بعض الكتابات أضطر إلى الغموض. تطلعاتك وآفاقك المستقبلية؟ تطلعاتي كل واحد على وجه الأرض له طموح ويحب أن يتحقق، فأنا دائما أقول سأسعى لتحقيق طموحاتي وأحلامي وذلك بمساعدة المولى عز وجل فهو من يقول كن فيكن. كلمة أخيرة أشكر جريدتكم على هذا الحوار الشيق والصحفي بن يوسف لخضر، وأشكر أبي أمي وأختي الذين لم يحرموني من شيء، وأستاذتي الدكتورة فيدوح ياسمين.