لا يخفى على أحد أن قطاع الصحة من القطاعات المهمة والحيوية في حياة المواطنين، حيث يعتبر هذا القطاع في الجزائر من القطاعات التي تسعى الى تحقيق الأفضل لانتشاله من واقعه المزري، إلا اننا لا نرى اي تقدم في هذا القطاع على الرغم من صرف أموال طائلة وميزانيات ثقيلة على مشاريع تنموية خاصة به، فأزمة الأدوية واللقاحات لا تفارق القطاع طيلة السنة، لتكون القطرة التي أفاضت الكأس. يشهد القطاع الصحي بمدينة بريكة في باتنة، جملة من النقائص فعند توجهنا الى عيادة الأمومة والحضانة لاحظنا النقص الفادح في اللقاحات بمختلف أنواعها، إذ تعرف الإبرة التي يجب تطعيمها للرضيع في الأشهر 3، 4، 5 و18 شهرا نقصا في التزوّد بها، مثلما وقفت عنده “السلام” في المؤسسات العمومية للصحة الجوارية ببريكة، إذ أكّدت ذات المصادر أن مؤسسات الأمومة والطفل تتزوّد بكمية قليلة مقابل الطلب الكبير المسجّل بها، مثلما حدث في مؤسسة الأمومة والطفولة ببريكة، أين استفادت مؤخرا من 80 ابرة فقط مقابل آلاف الطلبات عليها، وهي الكمية التي نفدت في غضون نصف ساعة، في حين أكّدت مصادر طبية، أن الرضيع معرّض لأخطار صحية عديدة إذا لم يلقّح وفي الوقت المناسب، ويطالب المواطنون والعاملون على التلقيح من الجهات المعنية ضرورة توفير العدد الكافي من اللقاحات لحماية الأطفال من الكثير من الأمراض، على غرار الدفتيريا والسعال الديكي وتقوّس العظام، وقد عبّر الأولياء عن استيائهم في كل مرة يتوجهون بأبنائهم نحو العيادة بهدف تلقيحهم، حيث أن ذات العيادة هي الوحيدة بدائرة بريكة كاملة، والمخولة للقيام بتلقيح الأطفال ضد الأمراض، تنفد فيها كمية اللقاحات منذ الساعات الأولى من الصباح بعد فتح أبوابها للمواطنين، وهو الأمر الذي يجبرهم على العودة في الغد باكرا والمعاناة مع الانتظار برفقة أطفال لا يتعدى سنهم العام الواحد في الأغلب، أو القيام بعملية الحجز أياما قبل موعد التلقيح، ويناشد هؤلاء المواطنون المسؤولين زيادة الكمية المخصصة لبلدية بريكة. وفي ذات السياق، أكد مدير العيادة المتعددة الخدمات، بأن الكمية التي تصله محدودة جدا ولا تغطي نصف الطلب، اذ أكد بأن العيادة يقصدها المواطنون حتى من خارج بلدية بريكة، وأن اللقاحات التي تتحصل عليها مصلحته لا تغطي حتى الطلب الخاص بسكان المدينة. ثم إن مدينة بريكة بها كثافة سكانية تضاعفت خلال السنوات الأخيرة، لكن نسبة اللقاحات الموجهة لهذه العيادة لم تتغير وبقيت على حالها مثلما كانت عليه في السنوات الفارطة، أضاف المتحدث ذاته. بأنهم تعرضوا لعدة مشاكل بسبب هذا النقص، اذ تعرض الحارس بهذه العيادة إلى اعتداء من طرف المواطنين الغاضبين من غياب اللقاحات، وأصبح العمال يعانون مع تهديدات المواطنين وطريقة معاملتهم السيئة لهم، وعبّر عن استيائه من الكمية التي تصله من اللقاحات في كل مرة. أوضاع مزرية وواقع كارثي من جهة أخرى، يشتكي عمال وعاملات العيادة المتعددة الخدمات لحماية الأمومة والطفولة، من الأوضاع المزرية التي تعيشها هذه الأخيرة والتي توصف بالكارثية، حيث تفتقر العيادة لكل ظروف العمل خصوصا الصحية منها، رغم استقبالها يوميا عددا هائلا من السيدات الحوامل وكذا المواليد الجدد، وقد أكد هؤلاء العمال على أن المقر الذي يعملون فيه قديم البناء ويحتاج إلى ترميم كلي، كما أنه مهدد بالسقوط في أي لحظة، كما تظهر المعاناة أكثر في اختلاط المياه المتسربة عبر الجدران مع الكهرباء وسط مخاوف من حدوث كارثة، وهو مما يعرض حياة العمال والمواطنين إلى الخطر، إضافة إلى كل ذلك تبقى المراحيض معطلة وهو ما يعرقل القيام ببعض الاختبارات الخاصة بالنساء الحوامل، كما يشتكي هؤلاء أيضا من غياب الإنارة في أغلب المكاتب، وتعرض أغلب الأجهزة الباهظة الثمن والخاصة بإجراء الفحوصات إلى التلف، على غرار جهاز الإيكوغرافيا وجهاز الفحص بالأشعة الخاص بالأسنان، ومطهر أدوات الجراحة وغيرها. كما تعرف العيادة انتشار الفئران والحشرات، بالرغم من الشكاوى التي قدّمها عمال وعاملات ذات المؤسسة إلى الجهات المعنية المسؤولة، وفي السياق ذاته، وفي تصريحه كشف رئيس هذه المصلحة، بأنه راسل في العديد من المرات الجهات المعنية، ممثلة في مدير المؤسسة العمومية للصحة الجوارية ببلدية بريكة، لكن من دون حدوث أي تغيير مرجو، وأكد المتحدث ذاته، بأنه سبق له وأن نظّم وقفة احتجاجية رفقة عمال هذه العيادة شهر أفريل المنصرم، وشهدت حضور السلطات المحلية لبلدية بريكة، أين اطلعوا بأنفسهم على الوضع المزري بالمكان، لكن ذلك لم يؤثر على تحسين الخدمات على مستوى هذه العيادة -حسب وصفه-. ندرة في الدفاتر الصحية كما يشتكي المواطنون الذين يقصدون العيادة المتعددة الخدمات لحماية الأمومة والطفولة، من ندرة في الدفاتر الصحية على مستوى هذه العيادة، حيث يضطر أغلب المعنيين بالتوجه نحو المكتبات الخاصة لاقتنائها وشرائها، وهو الأمر الذي أثار استياء هؤلاء المواطنين، الذين أعابوا على المصلحة غياب هذه الدفاتر وحمّلوها المسؤولية. من جهته، أكد رئيس هذه العيادة نقص الدفاتر الصحية على مستوى مصلحته، موضحا أنه في كل مرة يطالب الجهات المسؤولة بتوفيرها بهدف تجنب احتجاجات المواطنين الذين يقصدونها يوميا ببريكة. وفي هذا السياق، وفي اتصالنا بمدير المؤسسة العمومية للصحة الجوارية ببلدية بريكة، صرّح هذا الأخير بأن المؤسسة في كل مرة تقوم بإرسال طلبات لجلب هذه الدفاتر وسد العجز الحاصل على مستوى العيادة ببريكة، وأضاف بأن مصلحته ستستقبل خلال اليومين القادمين كمية من الدفاتر الصحية تقدر بحوالي 50 ألف دفتر صحي سيتم جلبها من العاصمة، بما أن الجهة المخولة بطبع هذه الدفاتر هي الوكالة الوطنية للطبع والإشهار أين يتواجد مقرها هناك، معترفا في معرض حديثه بأن المؤسسة فعلا تشهد عجزا في توفير الكمية المناسبة من هذه الدفاتر، على غرار قضية لقاحات الأطفال والتي تطرقنا إليها، مضيفا في تعقيبه بأن هذه الأزمة هي أزمة وطنية والجميع يعاني منها. مرافق لا تحصى ومشاكل بالجملة هذا ومن جانب آخر، يشتكي مواطنو بريكة من النقص الفادح في الأطباء الأخصائيين، رغم امتلاك قطبين صحيين كبيرين الأول مستشفى ب120 سرير والثاني ب80 سريرا، و41 قاعة علاج و14 عيادة خاصة، إلا أنّ كل هذه المرافق عبارة عن هياكل بلا روح كما تم وصفها بسبب انعدام الأطباء الأخصائيين، وأكثر من كل ذلك انعدام قاعة للجراحة في هذه الدائرة الكبيرة، ما يؤدي إلى تحويل الحالات المرضية الخطيرة إلى المستشفيات المجاورة يتم رفض استقبالها بحجة أنّ بريكة تحتوي على كل المتطلبات العلاجية الضرورية، وقد انتشرت مؤخرا ببريكة أمراض فتاكة عديدة على غرار إلتهاب الكبد الفيروسي C وB و A، وكذلك السرطان والليشمانيوز والسكري وضغط الدم وغيرها من الأمراض، ويطالب المواطنون ومختلف الجمعيات من الجهات المعنية ضرورة التدخل وتوفير الإمكانات والأخصائيين للحد من انتشار الأمراض، وكذا الحد من معاناة المرضى . هذا من جهة، ومن جهة أخرى فسكان مدينة بريكة يدقّون ناقوس خطر إزاء انتشار الأمراض والأوبئة وسط سكانها جراء الظروف المعيشية والمناخية الصعبة من انتشار للقمامة والروائح الكريهة وعدم صلاحية مياه الحنفيات، بالإضافة إلى مشاكل أخرى، فمدينة بريكة التي تتربع على مساحة تزيد عن 30 ألف كلم مربع، وبتعداد سكاني زاد عن 160 ألف نسمة، ورغم أنّها تحتوي على إمكانات ومؤهلات كبيرة لتصبح قطبا اقتصاديا وثقافيا هاماً، إلاّ أنّ المستوى المعيشي المتدهور في مختلف المجالات حال دون الرّقي بهذه الدائرة المرشحة لأن تصبح ولاية منذ سنوات عديدة، خاصة ما تعلق بالجانب الصحي الذي ركّزت عليه مختلف الجمعيات. ضرورة برمجة عقلانية واستغلال أمثل للمرافق ومن جهته، أرجع والي ولاية باتنة السيد لحسين مازوز، مشاكل القطاع لغياب برمجة عقلانية واستغلال المرافق التي تعزز بها القطاع، استشهد بنوعية المشاريع التي عززت القطاع لضمان تغطية صحية شاملة، وما سخرته الدولة من أموال طائلة للتكفل بانشغالات المواطنين صحيا، داعيا في هذا الصدد إلى ترقية نوعية الخدمة الصحية وتقديم الخدمة العمومية. كما تحدّث عن إمكانية مواجهة جملة من نقائص القطاع في مجال التغطية الصحية في التجمعات الكبرى بسبب نقص التأطير الطبي والمناوبة الليلية في المناطق النائية. وفي سياق متصل، كشف مصدر من مديرية الصحة، عن جهود الدولة التي اعتمدت ضمن الخريطة الصحية الجديدة سياسة تعتمد على إعادة الاعتبار للهياكل الصحية وتوفير الخدمة الصحية للمواطن، وأوضح المصدر أن ذلك تجلى بوضوح في المشاريع والمؤسسات الاستشفائية التي تدعم بها القطاع من أجل ضمان تغطية صحية شاملة، وتحديث الهياكل وتجهيزها بأحدث المعدات الطبية تماشيا مع متطلبات القطاع وتجنيب المرضى بالمناطق النائية التنقل لمستشفيات مقر عاصمة الولاية وولايات مجاورة. فوضى المركبات والشاحنات ومن جهة أخرى، يشتكي المرضى وجميع من يقصد مستشفى “محمد بوضياف” ببريكة في باتنة، من الفوضى التي تثيرها المركبات وشاحنات الوزن الثقيل على مستوى الطريق الرئيسي المقابل للمستشفى، حيث عرفت مدينة بريكة مؤخرا، اختناقا غير مسبوق في حركة المرور صعب التحكّم فيها، إذ أن طرق المدينة باتت تعرف استعمالا واسعا لجميع أنواع المركّبات وفي كل الأوقات، و هو ما يتسبّب في كثير من الأحيان في اختناق الحركة المرورية، حيث أنه و بالرغم من وجود إشارات منع استعمال المنبهات الصوتية بالنسبة للمركبات، إلا أنها تبقى تستعمل يوميا وفي جميع الأوقات، وهو ما أرّق المرضى و السكان، خاصة في هذه الأيام التي تزامنت مع مواعيد الأعراس ببريكة، حيث تقصد مواكب الزفاف هذه الطريق على اعتبارها الطريق الرئيسي بالمدينة. وكانت بعض مصادرنا قد أكّدت أن بلدية بريكة، استفادت من مشروع إنجاز طريق خاص بشاحنات الوزن الثقيل لإبعادها عن طرق المدينة التي تضررت و اهترأت من تلك المركبات الثقيلة، كما تتسبّب في كثير من الأحيان في خوف السكان على حياة أبنائهم، خاصة وأن الطريق الرئيسي بالمدينة به متوسطة ومدرسة ابتدائية، وهو ما يشكّل خطرا حقيقيا يستدعي الوقوف عنده من قبل الجهات المعنية. مصحة في حاجة إلى طبيب! وعند تنقلنا إلى مصلحة الاستعجالات بمستشفى “محمد بوضياف” ارتأينا التجول بين أقسام المصلحة، ولاحظنا من خلال ذلك بأن الأوضاع التي يعاني منها الأطباء والممرضون والمرضى، جد مُزرية تنعدم من أهم الشروط الصحية الواجب توفرها على غرار النظافة، اذ وجدنا بأن قسم الإيكوغرافيا و الفحص بالأشعة خاليين من أدنى شروط النظافة، ناهيك عن الأوساخ وتسرب المياه عند مدخله خاصة بعد هطول الأمطار، بالرغم من الشكاوى والتقارير التي تُقدّم لمدير المستشفى دوما، لكن لم ينتج عنها أي رد فعل، كما يشتكي الأطباء والممرضون بذات المصلحة من عدم وجود مكاتب خاصة بهم، أو غرف خاصة لهم من أجل تغيير ملابسهم أو حفظ اغراضهم الخاصة، أما عن المراحيض الخاصة بالمرضى فحدّث ولا حرج، اذ تنعدم من أدنى شروط النظافة، ناهيك عن انعدام الأمن الداخلي وجعلهم عرضة للإعتداءات اللفضية والجسدية المتكررة من طرف مواطنين غاضبين. وعن مدير المستشفى فقد حاولنا مقابلته إلا انه لم يكن موجودا.