ص: وليد.م يؤمن الفنان نبيل عسلي، بالعمل الفني المتقن، لا ترضيه المشاركة في مسرحيات وأفلام.. متعددة بقدر ما يسعده التعامل مع أسماء وكوادر تتميز بالمهنية وتعرف حدود ما تقوم به، اتجه إلى التنشيط رغبة في زيادة خبراته الحياتية، كما يبدو غير راض على الوتيرة التي تسير بها عجلة الثقافة في بلادنا، والتي تعتمد على البهرجة والمهرجاناتية، مؤكدا على ضرورة الالتفات إلى الرفع من مستوى التكوين الفني وتوفير الفضاءات الثقافية التي تساهم في دفع عجلتها نحو التطور. التقت “السلام” هذا المبدع الشاب الذي بثها شيئا مما يختلج في صدره عن أعماله وراهن الفن الجزائري، مقدما بعض الحلول الكفيلة برفع الغبن عن الفنان من خلال هذا الحوار . أيهما برأيك يوصل المبدع إلى التألق، الخبرة أو الموهبة؟ من الأفضل أن يجمع الفنان بين الخبرة والموهبة ليصنع التألق، إلا أنني أرى أن الخبرة لا تقاس بعدد السنوات وإنما بعدد الأعمال، فهناك من قضى سنوات عديدة في الميدان غير أنه لم ينجز أعمالا كثيرة ولم يحقق التألق، بينما يوجد أشخاص استطاعوا إثبات أنفسهم في فترة وجيزة، لذلك أرى أن الجهد وحب العمل هو الأساس . ونحن نعيش هذه الفترة من الانتعاش الإعلامي، التي اختارتك خلالها إحدى القنوات الخاصة لتنشيط بعض برامجها، هل لنا بمعرفة موقفك منها؟ أنا أشجع القطاع الخاص لأنه أتاح الفرصة للعديد من الشباب للبروز، فالقنوات الجديدة تعتمد على أموالها الخاصة وتعمل على توظيف طاقات مميزة لتنتج أكثر وتحقق أرباحا أكبر عكس القطاع العام الذي يعمل بما يتاح من إمكانيات مادية وبشرية فقط. هل لنا بمعرفة وجهة نظرك فيما يخص مستوى البرامج التي تقدمها القنوات الجديدة؟ القنوات الخاصة على غرار قناة “الجزائرية” تركز في سياستها على الكشف عن المواهب فهي قنوات جديدة تبحث عن كل ما هو مبتكر لتدخل مجال المنافسة وتستقطب متابعة أكبر عدد من الجمهور المشاهد...سابقا لم نملك سوى مؤسسة تلفزيونية واحدة بقنوات متعددة، لا يمكنها استيعاب كل المواهب التي تزخر بها الساحة الأدبية والفنية والمسرحية والسينمائية والتنشيطية والصحفية..حيث تميز مجالها بالضيق ومحدودية المناصب، ومع استحداث القنوات التلفزيونية الجديدة تعددت المجالات، ليصبح الفضاء أوسع، مانحا فرصا أكثر لبروز المواهب التي لم تجد لنفسها مكانا في القناة الواحدة سابقا.
”أعمالنا الحالية تملك المال وتفتقر إلى العمق المميز لأفلام الماضي” عرفناك ممثلا مسرحيا وسينمائيا، غير أنك فاجأت الجمهور بتقديمك برنامج “قهوة القوسطو” على الجزائرية، كيف وجدت التجربة؟ ارتكز هدفنا من بث برنامج “قهوة القوسطو”، على الكشف عن هذا النوع الجديد من الكوميديا وإبرازها للجمهور، حيث نركز بشكل كبير على الصورة لأنها الأساس بلعبها دورا هاما أكثر من المسرح، وقد تميزت التجربة بنقل خشبة المسرح إلى بيوت المشاهد من خلال برنامج مماثل، حتى يتعرف المتلقي على مبادئ الفن الرابع عن كثب، ويكتشف مواهب شابة بإمكانها المساهمة في إثراء المشهد الفني الوطني. إلى أي مدى وصلت توقعاتكم حول نجاح التجربة، وأي الرهانات رفعتموها؟ هذا النوع من البرامج عرف رواجا ولاقى نجاحا كبيرا في البلدان العربية والأجنبية، وأردنا من جانبنا، تجسيد التجربة في الجزائر وتقديمها إلى الجمهور بصبغة وطنية محلية، أبطالها المواهب المشاركة من مختلف ولايات التراب الوطني، أما عن الرهانات فأرى أن القناة جديدة استحدثت برنامجا مميزا وجد الناس أنه جدير بالمتابعة، ومن جانبنا فرغم التفاؤل الذي ملأنا إلا أننا لم نتوقع كل هذا النجاح، والرواج، والمتابعة. ماذا عن مصير المشاركين بعد “قهوة القوسطو”؟ هناك مشاريع كثيرة تنتظر المتوجين من المواهب على مستوى الطبعات المختلفة للبرنامج، حيث نعكف في كل مرة على التحضير لجولة فنية تقود المواهب إلى مختلف ولايات الوطن، في محاولة للتفاعل المباشر مع محبيهم ومتابعيهم، نظرا لأنهم كسبوا حب جمهور واسع بفضل البرنامج بعدما اقتصرت شهرتهم على المراكز الثقافية في بلدياتهم دون أن تتعدى حدود الولايات التي ينتمون إليها، فنحن حاليا ننظم لعقد جولة قريبة لمترشحي الطبعة الحالية التي شارفت حلقاتها على الانتهاء. نجد أن هذه البرامج قد عرفت طريق بثها من طرف القنوات الخاصة المنافسة لكم، فهل سيؤثر الأمر على الشعبية التي حققتموها حتى الساعة؟ على العكس فكرة البرنامج ليست حكرا على قناة “الجزائرية” فنحن استوحيناها من قنوات أجنبية، ويسعدنا أن تعم التجربة على القنوات الأخرى لأن هذا يخلق جوا للمنافسة، أما عن شعبية الحصة فيرجع الأمر لشخصية القناة ومدى قدرتها على الحفاظ على جمهورها أو كسب جمهور أكبر. ”الراهن الثقافي يعاني فوضى لن تصلحها التظاهرات والمهرجان كيف خالجتك فكرة الخوض في مجال التنشيط، بعدما لمع اسمك في سماء التمثيل؟ لم أكن أنتظر أو أتوقع يوما الخوض في مجال التنشيط، لكن فكرة البرنامج أعجبتني خاصة وأنها في مجال المسرح والتمثيل اختصاصي الذي أعشقه، وبالتالي تم اختياري خاصة وأنني أمتلك فكرة عن الموضوع، ولن أكون مجرد دخيل متطفل على المجال. هل استفدت من هذه التجربة، وما الذي أضافته لمسيرتك؟ مع أنني لم أكن أفكر سابقا في الخوض في مجال التنشيط إلا أن التجربة أفادتني كثيرا وأنا سعيد لخوضي غمار تقديم البرنامج الذي ظهرت من خلاله في توجه آخر يتناسب مع الفن الذي أمارسه، وهو الأمر الذي دفعني إلى حب فكرة البرنامج وتفضيلها لما تحمله من تماش مع ميولاتي، إذ وجدت أن الأمر يناسبني، عكس برامج الطبخ أو الرياضة أو ما شابه. بعيدا عن التنشيط، نبيل يجد نفسه أكثر في مجال السينما أو المسرح؟ أنا شخصيا أجد نفسي أكثر عندما يكون العمل جيدا ومتقنا..أتعامل فيه مع أشخاص متمكنين يعرفون جيدا ما يفعلونه، أناس يملكون ثقة في إمكانياتهم سواء المسرحية أو التلفزيونية. أيهما تفضل، تمثيل الأدوار الكوميدية أو الدراما التراجيدية؟ ليس لدي ميول لنوع محدد أحب أداء الأدوار التي أجد نفسي فيها مرتاحا وقادرا على تجسيدها، أركز على جودة الدور مهما كان نوعه شريطة أن يكون محترما، كما أنني أحب التنويع ولا أحبذ التركيز على نمط معين. برأيك أين يكمن سر تفضيل الجمهور مشاهدة الأعمال القديمة في كل مرة دون ملل؟ أرى أن أساس نجاح أعمال فترة الستينات والسبعينات يرجع إلى أن أعمال تلك الفترة جمعت بين البساطة والعمق، الأفكار حينها كانت موجهة لعامة للشعب بأسلوب يفهمه الجميع، كما أنها كانت مواكبة لوقتها وتتماشى مع أحوال المجتمع، وربما كان هذا ما تفتقده معظم الأعمال الجديدة التي تملك المال ولا تملك العمق. أتجد أن السياسة الثقافية المنتهجة حاليا تدفع الفنان للإبداع أكثر؟ من الناحية المادية لا يوجد مشكل فهناك انتعاش والمال موجود، لكن المشكل الأساسي يكمن في غياب التنظيم، حيث تسود الساحة الثقافية فوضى لا يمكنني الحكم عليها بأنها متعمدة أو جاءت عن غير قصد، لكننا للأسف نعيش راهنا ثقافيا تسوده الفوضى، ونعاني نقصا في الفضاءات. هل تعترف أن خمسين سنة لم تأت بثمارها الثقافية بعد؟ هنا يكمن مربط الفرس علينا إعادة النظر في سياستنا الثقافية، فهي ملك الشعب من حقه أن يكون متشبعا بالثقافة وذلك في نظري لا يأتي بإحياء التظاهرات والمهرجانات على حساب ما يرغب فيه الجمهور فعلا، نحتاج لفضاءات دائمة بعيدة عن المناسباتية. وما الحل لإصلاح الأوضاع من وجهة نظر عسلي؟ برأيي علينا استثمار الأموال الطائلة التي تصرف على المهرجانات في أمور أخرى أكثر أهمية، من الأجدر توسيع الفضاءات، ولابد من تعميق سياستنا الثقافية فعوض أن نحيي تظاهرات ضخمة من الأفضل أن نفتح سوقا للسينما، والأهم أن نركز على التكوين وتوفير أساتذة متمكنين ذوي خبرة. وماذا عن جديدك السينمائي والتلفزيوني؟ انتهيت مؤخرا من تصوير فيلم يحمل عنوان “الدليل” للمخرج عمور حكار، صورناه بمدينة خنشلة، وقد أوشك العمل على الانتهاء وهو حاليا في مرحلة التركيب بفرنسا.