تعيش مئات العائلات بقري ومشاتي بلدية غبالة الواقعة بالمنطقة الحدودية بين ولايتي ميلة وجيجل. على بعد 85 كلم عن عاصمة الولاية جيجل، حياة بدائية وقاسية تميزها المعاناة مع النقائص الكثيرة وإنعدام المرافق العمومية، فيما تطبعها العزلة والتهميش والعطش، فالتدفئة تعتمد على الحطب الذي يقومون بجلبه فوق الحمير والبغال، وهي الوسيلة التي يتم بواسطتها جلب مياه الشرب من الأبار والينابيع الجوفية . وفي إطار جولاتنا المستمرة التي تهدف إلى الكشف عن معاناة المناطق الريفية بولاية جيجل، وإنشغالات مواطنيها قادتنا جولتنا الإستطلاعية إلى أقصى شرق ولاية جيجل، أين تتوزع عشرات القرى والمشاتي التابعة لبلدية غبالة الجبلية والتي تميزها غاباتها الكثيفة ومناطقها الجبلية الواسعة، وفي طريقنا إلى مقر البلدية وقفنا على حجم المعاناة التي تكابدها حوالي خمسة آلاف نسمة جراء غياب مظاهر التنمية، وإنعدام مختلف المرافق العمومية التي من شأنها التقليل من عزلتهم، كما أشار بعض المواطنين إلى صعوبة الوصول إلى مقر البلدية نظرا لاهتراء الطرق وإنعدام وسائل النقل العمومي، إذ تحولت السيارات النفعية من نوع “بيجو 404” إلى وسيلتهم الوحيدة للتنقل إلى مقر البلدية، خاصة لقضاء حاجياتهم اليومية وإستخراج وثائقهم من مقر البلدية، أما تلاميذ قرى برة، أندلو، أحديفة ودار أحمد فهم مجبرون على السير على أقدامهم لمسافات تزيد عن العشرة كيلومترات للذهاب إلى مؤسساتهم التعليمية بمقر البلدية، خاصة في ظل إنعدام حافلات النقل المدرسي، أما المرضى والنساء الحوامل فأضاف محدثنا أنهم يتنقلون مسافات طويلة، من أجل البحث عن سيارات “الفرود” قصد التنقل إلى عيادة مقر البلدية أو قاعات العلاج الأربع الموزعة بقرى البلدية والتي أكد بشأنها بعض المواطنين الذين التقيناهم أنها عاجزة عن تقديم أدنى الخدمات الطبية، وهي الوضعية التي طالما تجبرهم على التوجه إلى مستشفى ولاية ميلة أو المراكز الإستشفائية ببلديات الولاية المجاورة، ولا يختلف الحال كثيرا بقرى المايدة وسوق الحد بل يتعداه في بعض الأحيان بفعل جملة المشاكل التي يعيشها سكان هذه القرى، بالرغم من الوعود الكثيرة التي تلقوها من طرف السلطات المحلية بالبلدية، قصد الإلتفات إلى بعض من مشاكلهم على غرار الإنارة الريفية وفك العزلة بإعادة تهيئة الطرقات والمسالك التي تربط مختلف هذه القرى بمقر بلدية غبالة على مسافة 10 كيلومترات، بالإضافة إلى تحسين الخدمات الصحية بفتح قاعتي العلاج بمنطقتي أحديفة واندلو وتجهيزهما بمختلف الوسائل الطبية والطواقم البشرية من ممرضين وأطباء، بالإضافة على توفير سيارة إسعاف بها. وفيما تعد هذه النقائص من أهم المطالب التي يرفعها السكان يبقى مطلب الربط بشبكة الغاز الطبيعي من أهم إنشغالاتهم، بحكم أن قراهم تقع وسط سلاسل جبلية صعبة المسالك ومعروفة ببردها القارص، حيث يجد سكانها صعوبة كبيرة للتوفير قارورات غاز البوتان، خاصة حينما تتساقط الثلوج، فيما يبقى أغلبهم يستعملون الحطب للتدفئة، كما تنعدم التغطية الكهربائية في العديد من منازل المواطنين خاصة الحديثة الإنجاز منها. ورغم الشكاوى المتكررة لدى المسؤولين المتعاقبين على تسيير أمور بلدية غبالة، إلا أن انشغالات سكان قرى ومشاتي هذه الأخيرة لم تعرف الجديد، فيما يبقى أمل سكان هذه القرى في أعضاء المجلس البلدي، قصد التطرق إلى انشغالاتهم لعل وعسى تخلصهم من بعض المعاناة التي رافقتهم على مدار سنوات طويلة .