كيف وجدت أوضاع البلاد بعد نحو سبع سنوات ونصف قضيتها في السجن؟ أقول لكم الحقيقة. كان بومدين قد قرر منح سلفيات لضباط جيش التحرير، وكنت أعرف الكثير ممن شملتهم حملة السلفيات هذه واستغلوها في التجارة. خرجت من السجن بالصورة التي دخلت بها، وعندما كنت ألتقي بعض هؤلاء الرفقاء، كنت أفاجأ أن الشخص هو ذاته بصفته واسمه، ولكن بتفكير مختلف. قيل لي طبيعة الشخص تتغير عند دخوله السجن، ويحتاج الأمر منه وقتا قبل أن يستعيد طبيعته. فقلت في نفسي: أنتظر مدة وأرى. وعندما مرّ الوقت الكافي، وجدت أنهم هم من كانوا في السجن لا أنا، وأنني على طبيعتي، وهم من تغير وليس أنا. أتذكر أن هذه الصورة أثرت فيّ لدرجة لا توصف، لأن الشخص الذي أعرفه مثال للتضحية والصفاء والمواقف الشجاعة، وأجده قد تحول إلى شخص آخر، فقط لأن “مكاتبو معمرين”. ألم تعد لممارسة النشاط السياسي؟ كنت أعيش السياسة ككل الناس في المقاهي والشوارع. ^ هل تمارس حقك في الانتخاب؟ انتخبت مرة واحدة، وكان ذلك بمناسبة الاستفتاء على الوئام المدني. وهي المناسبة الوحيدة برأيي التي انتخب فيها الشعب فعلا بنسبة 90%، وربما أخطؤوا فنسوا آخرين. وأما في بقية المناسبات الانتخابية فكنت أضع ورقة بيضاء فقط للحصول على ورقة التصويت، لأنني كنت أعرف النتيجة مسبقا. إن الديمقراطية لا تقاس بعدد الصناديق أو المكاتب أو المنتخبين، بل هي سلوك وهدف ضمن أهداف أخرى يبنى عليها المجتمع. هل عاودت الانضمام إلى منطقة المجاهدين؟ صحيح. السبب هو أننا كنا نشك في أن منظمة المجاهدين تابعة للحزب الواحد، وعندما انتقلنا لمرحلة التعددية أردنا أن تكون منظمة المجاهدين منظمة محايدة وغير متحزبة، وأن تتحدد لها مجموعة من المبادئ والثوابت تكون المنظمة الحارس عليها فتُشكل بذلك ضميرا للثورة والضمير الوطني، ولا تكون مستعملة سياسيا. انضممت على هذا الأساس إلى المنظمة الوطنية المجاهدين وكنت فيها عضوا. كما كنت في مكتب المؤتمر وعملنا على أن تكون كل الولايات التاريخية ممثلة في المنظمة. أردنا أن نعيد إليها روح مؤتمر الصومام، لأن فكرة الولايات خرجت منه. ظهرت في تلك الفترة الأحزاب وأردنا أن يبقى المجاهدون بعيدا عن التحزب، ويلعبوا دورهم. وعملنا أضف إلى Facebook del.icio.us Digg StumbleUpon Twitter