سلوكات غير لائقة لبنات حواءشهدت شوارع العاصمة تصرفات باتت ملفتة للانتباه من قبل بعض الفتيات بارتداء لباس غير محتشم، بالإضافة إلى التفوه بالكلام البذيء على مسمع المارة. اقتربت" السلام" من بعض الأشخاص لرصد أرائهم حول ما يحدث من تجاوزات أخلاقية من طرف بعض الفتيات. حدثنا سليم، عن رأيه فيما يتعلق بهذا النوع من المظاهر، حيث أبدى أسفه من سلوك بعض الفتيات اللواتي لم يحترمن الناس، فذكر منها طريقة اللباس الفاضح بالرغم من فصل الصيف لكنه ليس مبررا حسب قوله ، وختم كلامه بكلمة يوجهها إلى الأولياء الغافلين كما ذكر أن يقوموا بمراقبة بناتهم وإرشادهن إلى الطريق الصحيح. في حين حدثتنا نوال، عن التجاوزات الأخلاقية الملحوظة من طرف بعض الفتيات، فقالت بغض النظر عن طريقة اللباس غير المحتشم الذي يعود إلى طبيعة وثقافة كل عائلة في الجزائر، إلا أن الكارثة لم تقف عند هذا الحد بل وصلت إلى تلفظ الفتيات بكلام بذيء في أماكن عمومية، وحتى في المحلات وكذا الحافلات دون أخذ اعتبار لأحد. بينما أفادت ريم، برأيها حيث كانت متواجدة في محل بيع الملابس فاستوقفها منظر شبه غريب، شجار فتاتين وتلفظ بكلام بذيء فلما سألت عن السبب علمت انه من اجل فستان كان هو الأخير في المحل، فلم تتنازل أي واحدة منهما للأخرى بالرغم من وجود أنواع أخرى تستطيعان بها حل الخلاف. وارجع معظم المواطنين السبب في تفشي هاته المظاهر إلى إهمال الأولياء وعدم تحكمهم في سلوكيات بناتهم اللواتي تأثرن بالثقافة الغربية من خلال التطور التكنولوجي. فتيات يهددن بالانتحار صرح بعض الأولياء بمواجهة صعوبة خاصة في تربية البنات، والتحكم في سلوكاتهن من خلال نصحهن وتوعيتهن في طريقة اللباس،أو غيرها، حيث حدثنا احمد، الذي جاء من تيبازة متجها نحو مستشفى القبة من أجل أخذ التحاليل لابنته البالغة من العمر 17 سنة، والتي حاولت الانتحار بتناول كمية من الأدوية، ولما سألناه عن السبب أجابنا بقلب مفتوح أنه أجبرها على ارتداء الحجاب في كل مرة لكنها رفضت ولم تجد حلا سوى محاولة الانتحار، وأضاف انه سيتركها بحريتها خوفا عليها من تكرارها. وفي نفس السياق أخبرتنا سعاد، وهي أم لثلاث بنات وتجد صعوبة في تربيتهن والتحكم في طريقة لباسهن حسب قولها ، حيث تقترح على بناتها طريقة اختيار الملابس فيقبلن بصدر رحب، لكن البنت الصغرى تفضل تقليد زميلاتها في إتباع الموضة التي لا تتطابق مع مبادئ الأسرة، فذات يوم حاولت نصحها فكان رد فعلها قويا وهددت بالهروب لأتفه الأسباب، فقلت بأنها في سن المراهقة ولا تعرف الصحيح من الخاطئ . تقمص دور الرجال يعكس واقع الفتيات أشار غريب حسين، أستاذ علم النفس التربوي بجامعتي المسيلة والجلفة، بأنه من الملاحظ في السنوات الأخيرة تفشي ظاهرة تقليد الإناث للذكور، حيث أصبحت الفتاة تتفوه بألفاظ بذيئة وتتصرف بوقاحة حتى مع الذكور، كما أنهن يقلدن بعض الفتيان في التدخين وشرب أنواع الخمور، ولم يتوقفن عند هذا الحد فقط بل أصبحن يكشفن عن أجزاء من أجسادهن بارتداء ألبسة كاشفة وأخرى شفافة. وقد يتساءل البعض عن أسباب تفشي هذه الظاهرة التي تتناقض مع عاداتنا وتقاليدنا وأعرافنا؟! ويطلق علماء النفس، على هذا النوع من السلوك في التقليد اسم (ميكانيزم التقمص) (Mécanisme de l'identification)، حيث تلجأ بعض الفتيات إلى اعتماد هذا الميكانيزم الدفاعي بسبب القسوة التي يتعرضن لها من طرف المجتمع، وهذا يرجع إلى واقع مرير وصعب يتمثل في: ذكورية المجتمع، وصولهن لمرحلة العنوسة، تعرضهن للعنف الجسدي والنفسي من طرف الأولياء والإخوة، تعرضهن للعنف الجنسي من طرف الغرباء، ونتيجة لذلك يلجأ الفتيات لمقابلة العنف بالعنف والكلام الساقط بالكلام الساقط وارتداء الملابس الفاضحة انتقاما من الذكور. وأضاف الأستاذ غريب حسين، أن البنات يعتقدن بأن تقليدهن للذكور في القسوة وقلة الأدب يجعل منهن فتيات قويات على هذا المجتمع الذكوري، وبالتالي حماية أنفسهن من الأخطار التي قد يتعرضن لها ومن ثم الشعور بالأمان. ولا يمكن تعميم نظرية التحليل النفسي على كل الفتيات، حيث أثبتت نظرية الإحباط والعدوان، أن الفرد ليس بالضرورة أن يقابل العنف بالعنف، وإنما قد يقابله بالانسحاب عن المجتمع وهذا ما نلاحظه عند بعض الفتيات. "ليس المؤمن بالطعّان ولا اللعّان ولا الفاحش ولا البذيء" يرى أستاذ الشريعة بالجلفة، أحمد فضة، أن الكلام البذيء لا زال يعرف انتشارا واسعا وسط المجتمع الجزائري، إلى درجة أن الألفاظ المخلة بالحياء ومشتقاتها تكاد تعاشر الجميع سواء في الشوارع أو الأماكن العمومية والملاعب وحتى البيوت مع حضور قوي "للكفارجية"، بالإضافة إلى بعض الفتيات اللواتي تكاد كفرياتهن تصم الأذان ولا زالت تطلق في كل اتجاه دون أدنى احترام للغير. فالكلام البذيء يشمل كل الألفاظ التي تخدش الحياء والمستنكرة اجتماعيا، والتي تعتبر نوعا من العدوان اللفظي، وفي بلادنا يوجد قاموس ثري للكلمات البذيئة التي طورها البعض حسب الحاجة والموضة، مضيفا أن ما نسمعه اليوم من أفواه الفتيات فعل مستنكر في الدين، حيث استعملن ألفاظا متنوعة منها على سبيل المثال : سب الغير واهانتهم بكلام جارح عند حدوث شجار في المحلات أو في الحافلات، ولم تصل الألفاظ إلى هذا الحد بل تجاوزت الخطوط الحمراء وهو الأدهى، تتعلق بسب الرب والعياذ بالله ويعرف بالعامية باسم "الكفريات" التي عرفت تفاقما كبيرا، وأصبحت تتداول بكثرة من طرف الفتيات رغم خطورتها ووقعها السيء على أذن كل مسلم. ففي السابق كان الكلام البذيء محدود الانتشار ولا يسجل حضوره إلا في المشادات والشجارات العنيفة، بينما في الوقت الحالي فقد توسع كبقعة زيت تلطخت بها كل الفئات بما فيها الفتيات. وينبغي الاعتراف أن الكلام البذيء موجود في مختلف الأماكن بما فيها البيوت بالدرجة الأولى التي تساهم في تنشئة الفرد في أولى مراحل حياته، بالإضافة إلى المدارس والإدارات والمحلات، مشيرا إلى أن المسألة تبدأ بالوازع الديني والتربية داخل المنزل، فإذا كان الوالد يتفوه بالكلام البذيء داخل البيت ويضحك لابنه أو ابنته عندما ينطقان بكلام غير لائق فإن الخلل يكمن في هاته الزاوية، والفتيات يتلفظن بالكلام الفاحش للفت الانتباه والتشبه بالرجال وأحيانا لشعورهن بالغضب، وفي هاته الحالة يجب اللجوء إلى الاستغفار أو الاستعاذة من الشيطان الرجيم، وكما تضمنه القرآن الكريم كقوله تعالى: {لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم}. وقول الرسول (عليه الصلاة والسلام): "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر) رواه البخاري . قسوة الأهل والمجتمع تولد عدوانية لدى الفتاة يؤكد علماء الاجتماع، أن حالات الانحراف تزداد بسبب انشغال الكل بنفسه، حيث تتحول الثقة إلى سكين إذا انعدمت الرقابة الأسرية وكذا قسوة الأهل والمجتمع تؤدي بالفتاة الى اتخاذ سلوكات مغايرة لطبيعتها ولمبادئ المجتمع، حيث تصبح مهددة بالهروب أو الانتحار والأجدر بالذكر هو محاولة الأم الاقتراب من ابنتها قدر المستطاع، من خلال إجراء حوار معها لمعرفة ما يدور في خاطرها وما تريد قوله، حيث تصبح الأم منفسا لابنتها لكي لا تتخذ سلوكات عدوانية مع الآخرين تتمثل في التفوه بالكلام البذيء على مسمع الناس، وكذا ارتداء اللباس الفاضح لإثبات وجودها في المجتمع، ويرى علماء الاجتماع، أنه في ظل الانفتاح على العالم من خلال وسائل التكنولوجيا وشبكة الانترنت التي حولت العالم إلى قرية صغيرة، باتت المخاوف كبيرة خاصة على البنات من محاكاة سلوكات الغرب والانفلات، وكل هذا يقود إلى الانحراف، حيث أن تشديد الخناق على الفتاة لا يعد بوابة اطمئنان بل يفتح أبواب الجحيم أمام العائلة، فيجب على الأولياء الاجتماع ببناتهم وإعطائهن الحنان الكافي لكي لا يبحثن عنه خارجا، فالبنت عندما تأخذ حريتها المطلقة وغياب الأعين التي تراقب خطواتها فهذا يمهد إلى الانفلات وانقيادها نحو طريق مسدود لا مخرج له.