تتجه الجزائر بمجرد انطلاق المرحلة الأولى من الحوار المالي الشامل وبعد نجاحها لأول مرة في جمع الأطراف المتناحرة على طاولة نقاش واحدة نحو توحيد مواقف حكومة باماكو والجماعات المسلحة في إطار أن استرجاع أمن واستقرار مالي فوق كل اعتبار، قبل المرور إلى مرحلة توحيد التوجه العام للطرفين في سبيل توحيد المسار السياسي المحافظ على وحدة مالي وسلامة ترابها. واعتبرت الأطراف المتناحرة في ماليالجزائر حبل الخلاص والسبيل الأمثل للمرور بمالي على مرحلة السلم والهدوء بما يرضي الجميع، فتسلمت الجزائر مهمة الإشراف وتنسيق المفاوضات بطلب من الحكومة المالية والجماعات المسلحة، وأكد آغ شريف ممثل الحركة الوطنية لتحرير الأزواد أن حركات الشمال تعول كثيرا على اجتماع الجزائر وتثق في الأخيرة من أجل الخروج بحل للأزمة واسترجاع الأمن والاستقرار في الساحل. من جهته اعتبر الممثل الخاص للأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة لغرب إفريقيا سعيد جنيت أن منظمة الأممالمتحدة أعربت عن ارتياحها لمبادرة الجزائر بإطلاق المرحلة النهائية للحوار الشامل بين الماليين. وإنطلقت المرحلة الأولى من الحوار المالي الشامل بفندق الأوراسي أمس في ظل إجماع المشاركين على نجاح الجزائر في تهيئة الجو والإسترتيجيات المناسبة أكثر من أي وقت مضى للتوصل إلى سلام واستقرار دائم في مالي. وأوضح ميشال ريفيران الممثل الخاص للإتحاد الأوروبي للساحل أن "السياق الحالي لانطلاق المرحلة الأولية من الحوار المالي جد ملائم أكثر من أي وقت مضى"، وهو ما ذهب إليه بيار بويويا ممثل بعثة الإتحاد الإفريقي لمالي والساحل، عندما أبرز أن المبادرة الجزائرية هي فرصة للماليين للالتقاء وإحلال السلم، وقال "أنا على يقين بأن إشراف الجزائر على هذه المفاوضات سيفضي في غضون أسابيع إلى سلام دائم في مالي". بدوره أشاد بيرت كواندرس رئيس بعثة الأممالمتحدة إلى مالي بالمبادرة الجزائرية من أجل مساعدة الماليين على التوصل إلى السلم والإستقرار مؤكدا وجود إرادة حقيقية لدى الحكومة والمجموعات المسلحة للشمال لبلوغ ذلك، من جهته أشار مفوض الشؤون الخارجية للسلم والأمن للمجموعة الاقتصادية لبلدان إفريقيا الغربية إلى التقدم الكبير المحرز تحت إشراف الجزائر من أجل تسوية سياسية وسلمية للأزمة في مالي. في السياق ذاته، أكد عبد الله ديوب وزير الخارجية المالي أن حكومة بلاده مستعدة للذهاب تحت إشراف الجزائر بعيدا في هذه المفاوضات مع الحركات المسلحة في شمال مالي للوصول إلى اتفاق سلام، وقال أمس خلال افتتاح الاجتماع الرفيع المستوى لدعم الحوار المالي "نحن مستعدون لبحث كل الخيارات السياسية والاقتصادية والمؤسساتية والأمنية التي تسمح بالتوصل إلى تحقيق سلم مستديم لمالي". واسترسل المسؤول المالي أنه قدم إلى الجزائر بروح "متفتحة جدا" واستعداد من أجل بحث مع " أشقائنا بشمال مالي" كل السبل الممكنة بهدف التوصل الى اتفاق شامل ونهائي للأزمة المالية. وحضرت أولى جلسات الحوار بالأوراسي الحركة الوطنية لتحرير ازواد والمجلس الأعلى لوحدة الازواد وجناحا الحركة العربية للازواد ومليشيات دفاع ذاتي قريبة من سلطات باماكو، حيث سيقود وفد الحكومة المالية وزير الخارجية عبد الله ديوب، في حين استثنيت من المفاوضات المجموعات الإرهابية الموالية لتنظيم القاعدة. وفي هذا الوقت عمدت الحكومة المالية والمجموعات المسلحة في شمال مالي إلى تبادل 86 أسيرا كبادرة حسن نية عشية افتتاح المفاوضات في كنف الجزائر، ووصل 45 عسكريا وشرطيا ماليا أسرتهم مجموعات مسلحة في كيدال إلى مطار باماكو على متن رحلة خاصة، حيث استقبلهم رئيس وزراء مالي موسى مارا، في الوقت ذاته وفي المطار أيضا اطلق سراح 41 من الطوارق أسروا أثناء دوريات لقوات الأمن في شمال مالي. وبحسب عليو توري من وزارة الأمن المالية، فإن الأمر يتعلق بمبادرة لإزالة التوتر من كلا الجانبين تمهيدا لبدء مفاوضات السلام بين الحكومة المالية والمجموعات المسلحة أمس.