أورد تقرير لمركز "بوي" للأبحاث، تناقلته وسائل إعلامية، أمس، تصدر روسيا للدول غير الإسلامية، التي يفد منها جهاديون للقتال في سوريا، بنحو 800 مقاتل. وتصدرت تونس الدول العربية والإسلامية، بنحو 3 آلاف مقاتل، ما أثار تساؤلات عديدة عن أسباب ذلك. رغم أن الجهاديين يفدون من دول أوروبية، ومن الولاياتالمتحدة، إلا أن تركزهم من روسياوتونس، حيث الأولى طرف في النزاع إلى جانب النظام، والثانية شهدت ربيعا سلميا، وتسير في طريق التحول من نظام الاستبداد السابق إلى نظام ديمقراطي، أثار مزيدا من التساؤلات. وحول هذا الموضوع قال الباحث اللبناني، علي حسين باكير، إنه "يسود كمٌّ من الضغط السياسي والأمني، على شريحة معينة من الناس، مع مزيد من التهميش الاقتصادي والاجتماعي، دون القدرة على رفع الظلم أو التظلم، ما يفرز انعكاسات سلبية تدفع جزءا من هذه الشريحة، لسلوك الطريق الخاطئ كردّة فعل تلقائية". وأوضح أن "هذه الدول التي مارست على هذه العناصر ما سبق إليه، هيّأت بشكل مباشر المناخ المناسب لهم، للتحول الى متطرفين، وهذا ما يفسر، أن أكبر كمّ من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، يأتون من روسيا، حيث الجرائم المعروفة للنظام الروسي، بحق الأقلية المسلمة هناك، وخاصة بحق الشيشان وغيرهم". وأضاف أنه "كذلك الأمر بالنسبة إلى تونس، حيث الضغط الأمني، والسياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، لنظام بن علي، رئيس تونس السابق، حيث تشهد الأوساط نتائجه حاليا". وحول اختراق الجهاديين من قبل استخبارات دول أطراف في النزاع السوري، لفت حسين إلى أنه "عندما يتم تهيئة البيئة المناسبة لهذه الشريحة، من قبل بعض الدول والأنظمة، والسياسات المتّبعة للتحول إلى متطرفين، فإن قدرتهم على اختراق هذه الشريحة تكون قائمة، ولا شك أن عددا كبيرا من هذه الجماعات مخترق بأجهزة المخابرات". من زاوية أخرى، قال الباحث في الشأن السوري، أحمد أبازيد، إنه "ربما يجب التفريق بين التوصيف "القانوني"، والهوية الحقيقية لهؤلاء المقاتلين، وهما أمران متناقضان تماماً، لأن غالبهم ينتمون إلى شعوب القوقاز الإسلامية، والذين تحولوا إلى جهاديين أساسا، لمقاومة الهيمنة والهوية الروسية المفروضة عليهم". وأوضح أبازيد أن "أزمة سوريا سببت افتراقاً ضمن مقاتلي القوقاز، بين قسم اختار الانتماء إلى تنظيم (الدولة الإسلامية)، بقيادة الجورجي عمر الشيشاني (طرخان باتيرشفيلي)، الذي أصبح القائد العسكري للتنظيم في سوريا، وقسم آخر انحاز إلى الموقف الرسمي لإمارة القوقاز، وبقي تحت اسم (جيش المهاجرين والأنصار)، بقيادة صلاح الدين الشيشاني". وتابع: "القسم الأخير شكل مؤخرا (جبهة أنصار الدين) مع فصائل أخرى، وتبنى موقفاً محايداً من القتال ما بين الفصائل الإسلامية السورية، وتنظيم الدولة، عدا عن قسم ثالث من المقاتلين الشيشان، الذين يرفدون بخبراتهم فصائل مختلفة، من بينها حركة (أنصار الشام)، وهي جزء من الجبهة الإسلامية، وأغلب مقاتليها من التركمان السوريين". من ناحية أخرى، أشار أبازيد أن "مقاتلي القوقاز، يعتبرون هدفاً رئيساً لإعلام تنظيم الدولة، حيث يحاول استقطابهم، في ظل وجود قيادات مثل عمر الشيشاني في صفوفها، مستغلة حماستهم الدينية، وعدم معرفتهم بالواقع السوري، واللغة العربية، فيسهل خداعهم بكون من يقاتلونهم مرتدين وأعداء الإسلام". وحول ارتفاع عدد الجهاديين التونسيين في صفوف المجموعات المتطرفة، ذهب أبازيد إلى أنه "يمكن بسهولة ملاحظة مقدار التطرف المرعب بين المقاتلين التونسيين في صفوف تنظيم الدولة، والمتفوق على غيرهم من الجنسيات، رغم علمانية تونس في العقود الأخيرة، وديمقراطيتها ما بعد الثورة، وعدم وجود عنف وقمع وحشي موسع ضد الجهاديين، أو السلفيين هناك في السنوات السابقة، أسوة بدول أخرى كالمغرب، أو مصر، أو سوريا، أو حتى السعودية". وتابع "ما سبق يجعلنا نضطر إلى مراجعة النماذج السابقة، حول أسباب التطرف وحصرها، من مثل عنف الدولة، والفقر، وانعدام الأفق السياسي، والتي قد تكون أسباباً حقيقية في دول أخرى، ولكن فهم أسباب التحول نحو تنظيم الدولة الإسلامية في تونس والمغرب العربي عامة، يجب استقراؤها من الواقع المغاربي عامة، وإشكال قلق الهوية أمام الغرب خاصة". واعتبر أنه "من الملاحظ بين "الشرعيين" في تنظيم الدولة، بأن التونسيين أيضاً هم الأكثر تطرفاً، إلى درجة أن التنظيم قام باعتقال عدة شرعيين من تونس والمغرب، بسبب الغلو في التكفير"، معتبرا ذلك بأنها "مفارقة قد تبدو كوميدية، ولكنها واقع". وتعاني كل من سوريا، والعراق من تمدد تنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي أعلن زعيمه الخلافة الإسلامية، الأمر الذي ترفضه مختلف الأوساط، فيما تقوم طائرات أميركية منذ نحو أسبوعين، بغارات على مواقع للتنظيم داخل العراق. وهناك أنباء غير مؤكدة عن قصف مواقع في محافظة الرقة قبل أيام.