لينّت حركة مجتمع السلم خطابها السياسي، وبدأت تلوّح ببوادر تخليها عن معارضتها الراديكالية، بإعلان رئيسها عبد الرزاق مقري أمس ، على استعداد الحركة لإطلاق سلسلة مشاورات جديدة مع السلطة، لتمرير موقفها المعارض في إطار التشاور وتبادل الرؤى بين الطرفين . وقال عبد الرزاق مقري، رئيس حمس في الجلسة الافتتاحية للدورة العادية الرابعة لمجلس الشورى أمس "أن حمس حينما تعارض الحكومة لا تعارض كل شيء يأتي منها بل تساند الامور التي فيها مصلحة البلد والأمة"، مستدلا بدعمه ل "السياسة الخارجية الجزائرية الرشيدة"، خصوصا بشأن ليبيا وتونس وفلسطين، يأتي هذا التصريح من مقري بعدما كان مصرا على مقاطعة الحكومة وكل ما يقرب منها بأي شكل من الأشكال في إطار المعارضة الراديكالية التي يتبناها وتشبع بها طيلة فترة نضاله في الحركة، ما يعني ولو مبدئيا نجاح أبو جرة سلطاني الرئيس السابق للحركة بمعية عبد الرحمان سعيدي رئيس مجلس شورى الحركة السابق في ضغطهما على مقري بفضل الدعم الكبير الذي يحظيان به وسط قيادات مجلس الشورى في تبني توجههما المبيح للجلوس على طاولة واحدة مع السلطة قصد تمرير وجهات نظرها في إطار نضالها تحت جناح المعارضة. في السياق ذاته عبر مقري عن استعداد حركته للمساهمة في نهضة الوطن التي لا يمكن أن تتحقق وفقه "دون مساهمة الجميع سلطة ومعارضة"، داعيا إلى الاستفادة من تجارب دول استطاعت أن تحقق النهضة كماليزيا وتركيا وأندونيسيا والفيتنام والبرازيل وكوريا الجنوبية، وشدد أيضا على ضرورة بناء مؤسسات اقتصادية ناجحة وفق رؤية اقتصادية جديدة تعالج توترات الجبهة الاجتماعية بالتوافق والتضامن الذي لا يمكن أن يتحقق الا بخطوات جادة في الانتقال الديمقراطي. في المقابل أبرز رئيس حمس أن هذه المبادرة المفتوحة أيضا في وجه التشكيلات السياسية بمختلف توجهاتها ستكون تحت كنف تنسيقية الحريات والانتقال الديموقراطي، لتثمين رؤيتها ومسارها، وقال"لن تكون مبادرة جديدة ولا بديلا عن تنسيقية الحريات والانتقال الديمقراطي، بل تثمينا لرؤيتها من وجهة نظر حمس"، بعدما أبرز أن "التغيير ليس شأن حزب واحد وأن التقوقع والانعزال لا يجدي في شيء، بل قد يكون خطرا على الحزب الذي اختار التوجه لبناء تحالفات وتكتلات سياسية". وللإشارة كانت حركة مجتمع السلم قد أطلقت بداية 2014 مبادرة تشاور مع السلطة والأحزاب أسمتها "مشروع ميثاق الإصلاح السياسي"، خصصتها لموضوع التغيير الديمقراطي، وللتذكير أيضا شاركت حمس في المشاورات التي أطلقتها جبهة القوى الاشتراكية تحضيرا لندوة الإجماع الوطني الذي ستعقد خلال الأسابيع القادمة غير أنها أعلنت أنها لن تشارك في هذه الأخيرة لأنها "لم ولن تأتي بجديد" -على حد تعبير مقري- الذي أعلن خلال الجلسة الافتتاحية أن حزبه سينطلق في "بلورة برنامج واسع للنهضة الجزائرية وما يتعلق بالبدائل السياسية والاقتصادية" خلال السنة الجارية، هذا ويتواصل اجتماع مجلس الشورى في جلسة مغلقة تستمر يومين يتم خلالها تقييم نشاط الحزب وأداءه خلال سنة 2014 وتحديد أولويات نشاطه لسنة 2015 .