تعرض الكثير من الأطفال الصغار في السنوات الأخيرة إلى الاعتداءات الجنسية من قبل أشخاص مختلفين سواء في محيطهم العائلي أو الخارجي، استفحال هذه الظاهرة في مجتمعنا المحافظ استدعى منا الوقوف عندها. اقتحموا عالم الطفولة البريء وشوهوا أسمى معالم البراءة المرتسمة على وجوه أطفال صغار لا يفقهون من هذه الدنيا شيئا سوى اللهو واللعب، ذئاب بشرية تناولتها محدثاتنا في سرد بعض القصص التي كان ضحاياها أطفال صغار تجرأت أيدي بعض من لا يخافون الخالق على الاعتداء عليهم بكل برودة أعصاب. «أم أيمن» روت لنا تفاصيل الحادثة التي تعرض لها ابنها أيمن قبل سنة، والتي اهتزت لها المنطقة التي تقطنها باعتبار أنها وقعت له ببيت من بيوت الله تعالى، حيث أن شابا في العقد الرابع من العمر وهو أحد أبناء الحي أخذ أيمن إلى مرحاض المسجد ومارس عليه الفعل المخل بالحياء، وواصلت «أم أيمن» روايتها وهي جد متأثرة من هذه الحادثة التي لم تتوقع حدوثها مع فلذة كبدها، قائلة أن أحد المصلين هو من رأى المشهد المروع فقام بإخبار زوجها الذي قام بأخذ ابنه مباشرة إلى مركز الشرطة من أجل إيداع شكوى ضد الشاب، هذا الأخير الذي حاول إنكار الأمر، إلا أن الدليل الذي تركه على ملابس الطفل الصغير لا يمكن أبدا التنصل منه، إذ تقول «أم أيمن» أن سروال ابنها كان مبللا بالإضافة إلى شهادة المصلي الذي رأى الحادثة، حيث أصر على مرافقة والد أيمن إلى مركز الشرطة من أجل الإدلاء بشهادته ليعاقب ذلك الشاب على فعلته ويكون عبرة لكل من يتجرأ على الاعتداء على هؤلاء الأبرياء. «أم أيمن»، وهي تتحدث إلينا بدت وكأنها تنفس عن نفسها قليلا من هول الحادثة، حيث أخبرتنا أنها لا ولم تستطع محو هذه الحادثة من ذاكرتها، وتتمنى أن يتعرض الجاني لأقصى العقوبات. هذه الحادثة المريعة جعلت هذه الأم تستشير محاميا لتتمكن من الاطلاع على الإجراءات الواجب اتخاذها وعن العقوبة التي سيتعرض لها الجاني، فأخبرها أنها تتراوح بين الخمس والثماني سنوات، وهو ما حدث بالفعل، حيث سلطت عليه عقوبة الحبس لمدة ثماني سنوات. وقبل أن نختم حديثنا إلى «أم ايمن»، سألناها عن حالة «أيمن»، فأخبرتنا أنه قد تأثر نفسيا وأصبح يتجنب الخروج، وأنها أخذته إلى أخصائية نفسية من أجل مساعدته على الخروج من هذه الحالة. وللأسف الشديد فإن هذه الاعتداءات الجنسية على الأطفال قد طالت أيضا المحيط العائلي، حيث أن الطفل «سامي» صاحب العشر سنوات تعرض لاعتداء جنسي من قبل ابن عمه الذي يكبره بخمس عشرة سنة، حيث أخبرتنا أخته الكبرى «خديجة» عن الأمر، قائلة أن أخاها «سامي» كان دائم الجلوس مع ابن عمه الكبير، بل كان يرافقه إلى الأماكن التي يقضي فيها معظم وقته. وباعتبار «خديجة» الأخت المقربة من «سامي»، فقد كان يحكي لها كل ما يفعله مع ابن عمه وأصدقائه، إذ قالت أنها لم تكن تتوقع أن يأتي «سامي» إليها في يوم ما ويخبرها بتلك الحادثة الغريبة إذ تقول أنه جاء إليها شبه منهار يبكي بحرقة وأخبرها أن ابن عمه أخذه إلى غابة تقع بالقرب من البيت، وقام هو وأصدقاؤه بتجريده من ملابسه ولمس عضوه الذكري وقاموا بالاعتداء عليه جنسيا بالتناوب. «خديجة» علقت قائلة: «أي بشر هؤلاء من يستمتعون بالتعدي على براءة أطفال لم يقترفوا أي ذنب في حقهم»، وواصلت قائلة أنها وعند مواجهة ابن عمها، أنكر الأمر، أما عمها وزوجته فقد قاما بتكذيبها هي وأخيها. وهذا ما أدى إلى قطعهم للعلاقة مع عمهم. «آمال»، كانت شاهدة عيان في واقعة كانت ضحيتها طفلة صغيرة لا يتعدى عمرها الثلاث سنوات، حيث أن جارها البالغ من العمر عشرين سنة كان يستميلها إليه ببعض حبات الحلوى من أجل أن تتعلق به، وتقول آمال أنها رأته في أحد الأيام من النافذة دون أن ينتبه إليها وهو يلمس نهد الطفلة «ريهام» ويقبلها وكأنها شابة في مثل عمره، وواصلت «آمال» قائلة أنها أصبحت تشمئز من ذلك الجار ولا تتحدث إليه في كل مرة تلتقيه في الشارع، كما قامت بتنبيه أم «ريهام» إلى الأمر من أجل أن لا تترك ابنتها معه أو مع غيره من الشباب الذين أصبحوا لا يؤتمنون. يصنف الكثير من الأخصائيين النفسانيين هذه الفئة من الأشخاص الذين يعتدون على الأطفال بأنهم مرضى نفسيا ويجب عليهم اتباع علاج نفسي مكثف من أجل الخروج من هذه الحالة المستعصية. يستمر الاعتداء الجنسي على الأطفال، فكثيرا ما نسمع بأطفال تعرضوا لهذا النوع من الحوادث، وهنا تكمن أهمية تواصل الآباء مع أبنائهم وضرورة كسر حاجز الممنوع الذي أحاط به مجتمعنا موضوع الجنس، من أجل أن ينتبه الطفل أكثر للتصرفات غير العادية التي قد تصدر من بعض الأشخاص ذوي الأنفس الضعيفة.