سنواتٌ ونحنُ نجول ونصولْ،قسمناَ أنفسنا إلى قسمين ،قسمٌ يَحُسْ وقسمٌ يُعَبرِ،اتفاقيةٌ بين قِسمين مرفوعةٌ باسم الحب ،رسمنا دوائر دخلنا فيها وأدخلنا فيها من نُريد ،زَيَنَ لنا الحُب أَقوالنا ،يعِدُنا وهو في الحقيقة يتوعدُناَ ،كتبنْناَ وكتبْناَ بشيئٍ مِن الدجالةِ من الزَنْدقة حتى،ليس لشيئ إلا لأننا كُناَ نُحاولُ أن نعيش قصة جبٍ صادقة، سنواتٌ ونحنُ نتعامل في علاقاتنا مع مشاعرٍ ومفاهيم كالصِدق والذات والحُرية والتعبير والشفافية و التمرُد والحُب ،عبَرْنا عنهُ بكُل الأساليب بكُل الُلغات ،لكن في الأخير حصَدِنا خَيْبة كبيرة،هذه النتيجة توصل إليها مُختلف من حدثوني عن سبب فُقْدان الحُب في حياتنا ،في رَدود أسئلة حاولتُ من خلالها أن أوجه أصابع الاتهام للمسؤولين عن قتلِ الحُب فِيْناَ ،فوجدتُ الحب من طرفٍ واحد، والحب المفْتعل ،والحب الخاوي والحب التقليدي ،والحب المُرغمْ، والحب المَنْسِي والمُهَمَشْ , إشكالية غياب الحب الحقيقي في مجتمعنا بدايةُ الحديث عن معني الحب أستهليتُها مع السيد أحمد ل وهو دكتور جامعي قال أن إشكالية الحب المفقُود في مُجتمعنا تعودُ إلى عدم التروي في اختيار علاقاتنا وعدم جديتها وسطحيتها بعدها حاولت ان ابحث عن الحب في عيون الناس من خلال دردشاتهم وحواراتهم ومن خلال عيون الجيل القديم ومقارنتها بجيل اليوم فوجدنا ان الحب مجرد سيرة تروى لدى اغلب الناس إنها حالة نفسية صعبة يعيشها المراهق والرجل واليافع والمرأة الراشدة والمراهقة والشيخ الذي لا زالت الدنيا في قلبه بدل يده بمحل ماميا المشهور بمرطباته اللذيذة والشاي المغربي بقلب ولاية تيارت تكلمت مع السيد أمين م وهو مهندس في البتروكيمياء جاء ليقضي عطلته الصيفية مع أهله بعد مدة من الفراق لقد أعطاني رؤية مختلفة نوعا ما عما حدثني السيد احمد فقد قارن بين الحب الناشئ بمناطق الجنوب مركز عمله وبين الحب في غرب البلاد ووسطها وشرقها آن الرجل في الجنوب والشرق لا يكذب في مشاعره وهو صادق ويتسم بالخوف والحشمة والمرأة قَلَماَ تخدغُ الرجل وتُوهمهُ بالحب على عكسِ رجال ونساء الوسط والغرب ممن انتشر في أوساطهم الخداع والتلاعب بالمشاعر بسبب الحرية والتحرر اللامشروط وعصر الناث والوسائط الاجتماعية الالكترونية وما توفره من مواقع إباحية وقصص وأفلام باقي المجتمعات غير عربية والتي تتسم بالوقاحة لقد تغير الحب من حب إنسان وفي الله إلى جب للمصلحة والفوائد الجسدية الريبية بسبب تبدل العادات والتقاليد ،إِننا في عصر التقاط كل شاردة وواردة ومُجتمع يستهلكُ بالجُملة كُل مشاعر الاستهتار أمام لُعبة الزمن، وعليه فمِن الطبيعي أن يمِِيل الجيل إلى الكذب والملل والتخيُل اللامشروط والنتيجة الوقوع في مخالفاتٍ كبيرة أما محدثتي" السيدة خيرة" فهي تُؤمن بالحب كمشاعر قابلة للتغيير وليست نظرية حتمية، فالحُب على حد رأيها ليس قرأن لا يتغير فقد يحدُث أن يتصَاغر أو يكْبُر أو يندثر لكنه موجود بدليل قصة الحب التي تعيشها مع زوجها منذ سنوات والتي تخللتها الكثير من الانكسارات والى ذلك حدثتني صديقتها" فتيحة" التي قالت أن كل شيء تغير في روابطنا فإذا جاءت الجدة تؤنب حفيدتها الساهرة مع أبطال غراميات الأفلام المكسيكية وغيرها تصرخ الحفيدة في وجهِها وتتهمُها بالتخلُف والأكثر حين تقفُ الأم مع ابنتها بحُجة التقدُم ومُتطلبات الزمن, أغلب من حدثتهم اتفقوا تقريبا على سبب تغيير الحُب في النقطة المُتعلقة بالبرامج التلفزيونية وشبكة الشبكات وما تعرِضه، فالرجُل لا يستطيعُ أن يبني قصة حب مع فتاة عادية لا تتوفر على الشروط الموجودة عند نجمات الشاشات العربية والغربية فلا يكادُ يجلس مع رفيقتِه حتى تتصور بذهنه جينيفر لوبارس او هيفاء وهبي فينصرف عن واقعه ويمل ممن أمامهُ ويذهب باحثاً عن أخرى والمرأة نفسها تتصور مهند وعمار الكسوفاي وتُقارن بين من تُحب وبينهم حتى اصبحت تحب الرجل الوسيم ذو الخلق الذي يساندها في كل الأحوال وإن أخطأت وأجرمَت والرجل الرومانسي الذي يَكْسرُ قواعد المُجتمع ويتعدى على أمه وأسرته من أجلِها، إِن غِياب الاحترام والكذب في الحب داخل أَُسرِنا تقُول" السيدة ليلى" هُو غلطة بمسؤولية مشتركة بين الأولياء والأبناء ومن هذا الباب تقُول مُحدثتي :لقد تغيرتْ مشاعرنا ونظرتنا لمُحيطنا حتى صار المُعلم مستَضعفاً مَسكِينا أَمام سفُور بعض تلميذاته وطالباته، وأصبحنا نرى القُبل على الهواء في الثانويات والجامعات والمدارس ومراكز التكوين والمؤسسات الإدارية والمستشفيات وحتى في وسائل النقل الجماعية، إِن كلامُنا عن الحب الخاوي والفرق السائد بينه وبين الحب الحقيقي الذي لا يؤذي أطراف العلاقة ويحكُمه الوازع الديني فائدةٌ لا بُد أن نُعرج عليها، ذلِك لأن التاريخ الاجتماعي هو ذِكرُ للأخبار الخاصة بعصر أو جيل في كل ما يتعلق بجوانب حياته فالعُمران والاقتصاد متعلقان بأخلاق ومبادئ وشؤون الأسرة والدولة، ولا يُقاس فقط بحجم معادن الذهب وإنما يُقاس أيضا بحكم وقُوة ومكانة العلاقات الإنسانية ومدى الحب فيها التناقض بين الحب و المحبة في الإطار المصلحي قادني الفضول الى الحديث عن خلفية هذا الاتهام فتكلمت مع السيدة نوال ح وهي ربة بيت على قدر كبير من الثقافة والتفتح والمطالعة تكلمنا عن مستوى ومضمون حب مراهقات ونساء هذا الزمن ،فالمرأة باعتبارِها مصدر للحب والحنان تقول "السيدة نوال" مُولعة بحُب الثناء و مُتطلعة إلى الدُنيا النرجسية وتُحب الرجل ذو الثروة الحِسية والمادية وتَتَنافسُ عليه ،لذلك لا زالت في نزر العديد من الرجال السبب فيما طرأ على الحب من تغيرات بالغرم من أن وجهات نظر عديدة تتهم الرجل المُتسِمْ في الكثير من الاحيان بالقسوة اتجاه رفيقته مما يُولدُ لديها حالة من النفور اتجاهه فتبرد مشاعرها وتُصبحُ عدائية طريقة المد والجزر واحدةٌ من الأسباب التي تَحُولُ الُحب إلى عاهة غير مرغوب فيها فبعض الأطراف يلجئون إليها معتِمدين على سياسة "الرجل حين تهرب المرأة يتبعُها وحين تجري وراءه يهرُب والعكس" فتحوَلَتْ العلاقة بينهُما إلى ميدان للركض والاستخفاف والاسترخاء ، وهي عادات خارجة عن المألوف وفِيها الكثيرُ من المُراوغة وبعيدة عن الصراحة والتصرفات الفطرية،كما أن للخِداع والكذب دورا مهماً في اندِثار هذا الشعور اليوم، فتجد الرجل يعقد علاقات مُختلفة والمرأة أيضا وعند انكشاف الخيانة تتحطمُ الصُورة الجميلة وتتكسر مِرآة الجمال وتظهر العيوب المصْلحة هي الأخرى سبب في فُقدان الحب العظيم فحتى الزواج الرابطة العظمى في حياة الأسر لم يعد يُبنى على الحب مثلما حدثتنا عنه الآنسة نادية والتي قالت أن عدد خُطابها في تزايد بعد استفادة عمال المؤسسة التي تعمل بها من شراء سكنات فاخرة بالتقسيط بمنطقة ساحلية مؤخرا إضافة إلى صيغة بيه السيارات السياحية وغيرها من المزايا فتجدُ كل من تقدم لها يهدف إلى تحقيق مصلحته المادية ثم الإنسانية، وهُناك نقطة أخرى مهمة وهي اهتمام النساء مثلا بماديات فهن يُحِْبذن السيارة والبذلة الأنيقة والمنصب العالي على تقاسُم مشاعر الحُبو مقابل مُشكلة قلة الإمكانات والفقر الذي يؤدي إلى زوال مشاعر الحب الإرادي، أما بعض الرجال فأصحبوا اليوم يُقدمون حب سطحي لا يهمهم من المرأة سوى الجسد الفتان وحين يشبعُون يلتفتُون إلى عُيوب المرأة الجميلة لينفجرَ العُمق بالخذْلان والندم, عامل اللاثقة ُمهم، فهُناك من الأفراد ممن أصبحوا بفعل تجاربهم المؤلمة لا يثقون في هذا الشعور ويتجنبون الحديث عنه أو تكرار التجربة لذلك فترى فتاة جميلة جدا على عتبتة الثلاثينات والمثل بالنسبة للرجل بدون أن تكون لهم علاقة غرامية شرعية او غير شرعية وفي هذا الصدد فان من بين الأسباب المساهمة في تغييب الحب هي العلاقات الغرامية الخاوية في حد ذاتها فالرجل العربي لا يرضى بغير أدوار البطولة ولا يُحب أن ينكِح امرأة أمضى أسْفَل رقبتِها ألاف الرجال وتنصلوا بدون حياء , جيل اليوم كما حدثني باحث التاريخ السيد محمد بحريز جيل تعْقدُه بِبَعْضِهِ البعض مشاعرُ الاعجابِ النابعِ من إحساس العادة ،أضحى اليوم الجار لا يجب جاره مثلما كان جيل والده ولا الصداقة واللباقة وحسن التصرف والحس تميز أغلب علاقاتنا اليوم, نهايةً ، الحب اخذ شكلا عنيفا وُأسلوبا ماجنا حتى في الفن فأغاني الراي وباقي الُطُبوع باتت تقدم كليبات مُروعة للحصول على عواطف البشر والفن السينيمائي والتلفزيوني اخذ شكلا مغايرا وأصبح يتعرض لمشاكل الناس بوقاحة ويتهم الحب بإثارة مشاكل الحياة ومن كل هذا فان الحب كارثة تتهدد الجميع فهو اعتبار قادر أن يُنزل من مُستوياتنا أو يرفعها، قادر على تغيير مباِدئنا و رُزنامة مواعيدنا وأفكارنا والعيب في النهاية ليس في الحب بل فينا نحن البشر