بموتِ أعظمِ السلاطِين العثمانيين عام ستةٍ وستين خمسُ مائةٍ وألف وأطولُهُمْ حُكْمًا وأوسعُهُمْ ملْكاً سُليمان القانوني، بدأت أركانُ الدولةِ العثمانية تهتزُ بفعْلِ الصِراعات داخل الجيش التي أنتجتْها مصالحُ دوائر السلطة المتضاربة،مِمَا فتحَ الباب أمام بعضِ المتمردين في بعض الولايات مثل" أماسيا "و"اليمن هذه الأخيرة التي عرفت حركةَ تمرُدٍ سنة سبع وستين خمسُ مائةِ و ألف والتي لم يتمً السيطرةَ عليها إلا بعد عامين على الرٌغْمِ من قوةِ الدولة في تلك الفترة وإستراتيجيتها الرامية إلى كسبِ المزيدِ من المناطقِ خصيصًا البحار،حيث خطط قادتها لمشروع قناةِ السويس الرابطةِ بين البحرِ الأبيضِ والبحرِ الأحمرِ، والشُرُوع سنةَ تسعٍ وستين خمسُ مائة وألف في الربطِ بين َالبحرِ الأسود وبحر" القز وين" فأصبحت بعد ذلك زعيمة ثًلث بحار العالم. بُغيةَ مواجهةِ مَدِّ التحالًف الصليبي تكاتفت جُهودُ الجيشِ العثماني كلُها بمختلف ولاءاتها للوقوف كسدٍ منيعٍ أمامَ العُدْوان المنتظر فكانت معركةُ " ليبانت" التي وقعتْ العام ألفِ وخمسُ مائةٍ وواحدٍ وسبعين بسواحلِ اليونان بين الدول الصليبية والأسطول العثماني المدعمِ بالبواخر الجزائرية . المعركةُ انتهت بهزيمةِ الأسطول العثماني لكن » الرايس علج" علي حولها إلى انتصار لأسطوله الجزائري بعدما أنقذ كل سفن الأسطول التي كان يبلغ ُ تعدادها أربعين سفينة حربية إضافة للغنائم التي خلفها التحالف الصليبي وراؤه بعدما هرب من رياس البحر الجزائريين. ومن هنا تأكدت قوة الأسطولِ الجزائري كعملاقٍ بحرّي اسطوري ،قوّي بانتصاراته ومغانمهِ الواسعةِ،وشُهرتَه الرائجة التي حققها بقهره للعديد من الإمبراطوريات على أيادي رياس البحر اللذين تعودُ أصولهم إلى جزيرة " ميدلي " ببحر إيجا بتركيا بداية أسطورة رياس الابحر 1- الحديثٌ عن رياس البحر يقودُنا للوقوفِ على الأحداث التي مهدت لظهُورهم الذي طبع بداياتِه الإخوة بربروس اللذين ساهموا في رسمِ تاريخِ الجزائر وحوضِ البحر الأبيضِ المتوسط على مدى أكثرِ من ثلاثة قرونٍ . وبسُقُوطُ غرناطة على يد ِ الملوك الأسبان "إيزابيلا و فردينوند' سنةَ ألفٍ و أربعِ مئةٍ واثنتين وتسعين ونهايةُ حكمِ المسلمين سجل مرحلةً مهمةً في التاريخ حيث رافق السّقوطَ بروزُ المخاوفِ من غزوٍ إسلاميٍّي جدِيدْ يأتي من الجنوب . خوفُ عززتهُ ثوراتٌ محلية للمسلمين سنة .ألفِ وخمسِ مئةٍ و واحد. الأرمدة الاسبانية انطلقت كوحشٍ كاسرٍ حاقدٍ على كُلِ ما هو مسلمٍ... لتحتل وِهران المرسى الكبير وبجاية سنةَ ألفٍ وخمسِ مئةٍ وخمس ، فيما فرضَت الإتاوة على موانئ دلس شرشال ومستغانم. أما أهل الجزائر ' بني مزغنة ' فقد راسلو " بيدروا نفاروا' ليُعْلِمُوه بقبُولهم دفع الضريبة ومنحه جزيرة صغيرة بني عليها حصن ' بيلون" المطل على المدينة . هذه الأحداث الخطيرة فتحتِ البابَ أمام المتطوعين من أصحاب السفن لخوض معارك البحر ضد الغزاة ومن هنا ظهر الإخوة اللذين بدأت بهم قصة الجزائر المحروسة ورياس البحر سادة المتوسط بربروس.... ‘عروج،إلياس،إسحاق وأصغرهم الخضر الملقب بخير الدين. سنة 1501 كانت سنةً فارقَة في حياة الإخوة حيث هاجمهُم فرسان "رودس" خلال غزو بحري شرق المتوسط، وفرسان رودس هُم فرسان القديس يوحنا الذي تأسس هيكله التنظيمي بالقدس . العام 1291 نقل الفرسان نشاطهم إلى جزيرة قبرص حيث بقوا هناك إلى غاية سنة 1309 لينتقلوا منها إلى جزيرة رودس ،ومع فتح الجزيرة على يد العثمانيين سنة 1522 منحهم شارل الخامس مالطا فانتقلوا إليها سنة 1530 وبقوا بها حتى سنة 1798 أين أنهى "نابليون بونارت" وجودهم العسكري ليتحولوا فيما بعد إلى جمعية أخوية خيرية برعاية البابا. حكاية الرايس عروج خلال معركة الإخوةِ مع فرسان "رودس" استُشهِد إلياس وأُسِر عروج وتم تم إلحاقه بسفينةٍ واستعملوه كجداف ضد الأتراك، وبعد تغلُب الأسطول التركي على فرسان رويدس تم تحريره مقابل دفعِ فدية من طرف أبوه وهناك قصة أخرى تقول انه استطاع الفرار بعد ان رمى بنفسه من السفينة في عرض البحربعد أربعِةِ سنواتٍ من أسره فرَّ عروج و انتقلَ رِفْقَةَ إخوته نحو غربِ البحر الأبيض المتوسط تحديدًا إلى جزيرة "جربة" التي اتخذُوها مركزًا لانطلاق جهادهم البحري بعد الاتفاقِ مع الملك الحفصي بإشراكه في الغنائم. ليباشرُوا بعدها حملاتِهِم لإنقاذ مسلمي الأندلس من الاضطهاد الذي طالهُم بعد سقوط غرناطة على يدِ الملوك الأسبان ،ممّا أكسب عروج متطوعين جدد ورفع عدد أسطوله إلى 12 سفينة تعود ملكيتها إلى البابا عام ألف وخمس مئة وعشرا. بعد محاولتين لتحرير بجاية لم تُكَلَلا بالنجاح قرر الأَخوَيْنْ عروج وخير الدين الاستجابةَ لطلباتِ سُكان جزائر بني مزغنة وشيخِهِمْ سالم التومي بالقدوم وإنجادِهِمْ مِن التهديدات الاسبانية .و تمكن من دخول الجزائر سنة ألف وخمس مئة وست عشر . وقع خلاف بين عروج وسالم التومي بعد أن رأى الأخير أن حُكْمَهُ قد ذهب ،حيث اتهم سالم التومي جماعةَ عروج وإِخوته بالمختلِين العسكرين وحَرَّضَ ضدهُم شُيوخ الثعالبية اللذين دخلوا في اتصالاتٍ مع الأسبان ،ولمَّا أدرَكَ عروج ذلك عَمِلَ عَلَى إرجاعِ سالم التومي إلى الجزائر مُظْهِرًا لهُ الولاء ثم شَنَقَهُ بقُماشِ عمامتِه وهو في الحمام.وَرَوَجَ عروج حسب روايةِ بعض المؤرخين أنَّ سالم التومي قد اختَنَقَ داخل الحمام .اما ابن سالم التومي الذي كان في الحاديةَ عشرا مِنْ عُمْرِه فقد غادر خفية الى وهران.بعدها تزّعَمَتْ هيئة التُجار الكبار في الجزائر ثورةً ضد عروج فقام بإغلاق الجامع عند وقت الصلاة، وتم شنقَ إثنَا وعشرون شَخْصًا من جماعة المتمردين ،وبذلك بسط نفُوذه الكامِلِ وسلطتِه على الجزائر وأعلن ربط مدينة الجزائر بالدولة العثمانية في رسالةٍ بعث بها الى السلطان سليم الأول قام عروج بقيادة حملاتِ توسُعٍ شملت مليانة ،المدية ، شلف ،جبال الونشريس وشرشال وُصُولًا إِلى الغربِ على مشارفِ تلمسان ووِهران وهو التوسُع الذي أَقْلَقَ الأمراءْ الصغارْ من العربْ، فَتَشَكَلتْ عُصبَةَ تحالُفٍ بينهم وبين العرب القادمُون من الأسبان وحاصرُوه بتلمسانَ عام ألف وخمس مائة وثمان عشر و تمَّ أسْرُ أخِيه في تلمسان،
وبعد 6 أشهر استسلمت مدينة تلمسان وتمكن عروج من الهروب لكنه وقع في الأسر هو ورجاله من الأتراك بالقرب من "واد المالح" وتم قتله من طرف ضابط إسباني يدعى "غارسيا دُو تينيوا " حيث قام بقطعِ رأسِه ووضعِه في معطفِه وأرسلهُ الى حاكم وهران الذي أرسلهُ إلى القديس جيروند في قرطبة حيث زيَّنَ به حائط بهو التعبد والذي ضل يعرف لزمن طويل ببهو بربروس..... يتبع