محاولات عدة خاضها مؤرخون ونواب برلمان وشخصية وطنية جزائرية تهدف إلى تجريم الاستعمار مع التعويض تقف لها فرنسا الرسمية بالمرصاد، ففي الوقت الذي اعترفت فيه إيطاليا بجرائمها في ليبيا وعوضت الليبيين عن سنوات الاستعمار، تقف فرنسا متقمصة شخصيتها الاستعمارية في استكبار ضد أي محاولة لتجريمها على جرائم فاقت في وحشيتها جرائم البيض في حق الهنود الحمر، والغريب في حكاية فرنسا الرسمية أنها تتنكر لكل الجرائم التي ارتكبتها في الجزائر وتطالب بالمضي قدما مع طي صفحة التاريخ، وتطمح بأن تحقق مصالح اقتصادية لكن بعيدا عن حكاية التاريخ التي صارت شوكة في حلق الرسميين في فرنسا، ومعه الأسف رغم تغير طبيعة الأنظمة الاستعمارية في العالم في هذا العصر ومحاولة طي صفحتها الإستعمارية والتصالح مع الشعوب التي احتلتها عن طريق التعويض والاعتذار، فإن فرنسا ما تزال تفكر بعقلية الإستعمار، وما تزال تنظر إلى الجزائر مصدر لمصالحها الإقتصادية، لدرجة أن زيارات المسؤولين الفرنسيين بداية من الرئيس نيكولا ساركوزي ومرورا بوزراء الخارجية في عهده وصولا إلىمستشاريه، ونهاية بسفيره في الجزائر كلهم يرفضون الإعتراف عن جرائم فرنسا في الجزائر ويفضلون الحديث عن المصالح الإقتصادية المشتركة، وفي واقع الحال هي ليست في الواقع سوى مصالح أحادية تخدم فرنسا أكثر من خدمة الجزائر، ومع اشتداد الأزمة الإقتصادية وخنقها فرنسا، ما تزال باريس تحاول يائسة الإستنجاد بالجزائر اقتصاديا لانقاذ ما يمكن انقاذه ولكنها تصر بشكل غريب على رفض الإعتراف بالجرائم وعدم تعويض الجزائريين، والسؤال إلى متى سينفع فرنسا البحث عن تعاون اقتصادي وتحقيق مصالح مادية دون أن تفتح ملفات التاريخ وتفقأ فيها الدمامل بشجاعة كي تتخلص من عقدة الجزائر إلى الأبد ويمكنها بعدها مد جسور التعاون الإقتصادي خارج الجغرافيا والتاريخ.