أصبحت الساحة الليبية تمثل معركة الفصل بين القاعدة والدولة الاسلامية "داعش" في ليبيا، بحسب ما نستطيع قراءته من خلال التسجيل الصوتي الأخير لزعيم التنظيم في بلاد المغرب عبد الملك دروكدال المدعو أبو مصعب عبد الودود. بعد قرب إعلان هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي في ليبيا بعد الردة القوية لجماعة حفتر والحكومة على معاقل "داعش" بإسناد عسكري جوي غربي، تتموقع القاعدة لأن تكون الممثل الحيد للجماعات المسلحة في ليبيا وتطرد "داعش" إلى شرق مصر والعراق وسوريا حيث يتلقى تنظيم البغدادي ضربات قاتلة. ففي ظل الضربات التي تلقاها تنظيم الدولة، أعلنت القاعدة في تسجيل صوتي لزعيم التنظيم في بلاد المغرب أبو مصعب عبد الودود زعيم قاعدة الجهاد في المغرب الإسلامي، أنها المسيطر على ما يسمونه جهادا بالمنطقة الممتدة من شمال إفريقيا إلى الساحل الإفريقي. وأكد دروكدال في شريط عنوانه "بنغازي ومعركة الصبر"، أن التنظيم باق في ليبيا وفي بنغازي وعلى كل أنصاره الهجرة إلى الجماهيرية لمناصرة التنظيم في معاركه ضد قوات المشير خليفة حفتر. "بنغازي" المدينة الواقعة في الشمال الشرقي للجماهيرية، يسيطر عليها ما يسمى بتنظيم شورى مجاهدي درنة، التابع لتنظيم القاعدة، بعدما أعلن انتصاره على تنظيم "داعش" أوائل العام الجاري، وهو ما دفع قوات حفتر إلى مواصلة ضرباتها لعناصر التنظيم في المدينة. وفسر الصحفي التونسي، مباركي نور الدين، الباحث في شؤون الحركات الجهادية، أن تنظيم القاعدة يبحث عن معركته الخاصة في ليبيا بعد اقتراب سقوط سرت، التي كان يسيطر عليها "داعش"، واختار مدينة بنغازي لخوض هذه المعركة لعدة اعتبارات أهمها تواجد القواعد المتحالفين مع ميليشيات أخرى في هذه المدينة، بخلاف القيمة الرمزية للمدينة عند التنظيم. وأضاف أن دعوة زعيم التنظيم إلى النفير في بنغازي يفهم منها الكثير، وأن المرحلة القادمة ستشهد حركة تنقلات من تونس والجزائر في اتجاه ليبيا استجابة لدعوة النفير تلك. والملفت في الشريط أن زعيم قاعدة الجهاد لم يتحدث عن "داعش" ولا عن سرت، وأنه تجاهلهم تمامًا، وكأنه يقول لهم كما قال أيمن الظواهري للبغدادي أن تنظيمه يفتقد إلى التفاف الناس من حوله وأنه يحملهم على الاندماج تحت رايته بالقوة والإكراه وهذا يختلف تمامًا عن خطابات جبهة النصرة في سوريا الموالية للقاعدة التي لا تفوت أي مناسبة دون الحديث عن "داعش" وإبراز دوره السلبي تجاه الاسلام والمسلمين. إضافة إلى محاولات استمالة القبائل الليبية وادخالها في هذه المعركة تحت عناوين الشرف، وهذا امتداد لمنهج القاعدة ولتوصيات ايمن الظواهري بعد 2011، حول الحاضنة الشعبية.