قرّرت قوى المعارضة في جلّ التشكيلات السياسية بالجزائر دخول التشريعيات المقبلة بقوائم انتخابية حرّة تنافس نظيرتها الرسمية، في سابقة هي الأولى من نوعها في الجزائر، فرضتها الصراعات الداخلية داخل الأحزاب المعنية . وأعلنت ذات القوى التموقّع في القوائم الإنتخابية كمترشّحين أحرار على غرار ما سيلجأ إليه نواب حاليون قطعوا الأمل في الترشّح في القوائم الرئيسية، ما يجعل الأحزاب السياسية التي تعيش صراعات داخلية في مواجهة "شبه أحزاب موازية" لها من خلال تلك القوائم. وتضم القوائم الحرّة لجبهة التحرير الوطني أسماء ثقيلة على غرار عبد الرحمان بلعياط وعبد الكريم عبادة ووجوه أخرى محسوبة على جناح التقويمية، وذلك رغم محاولات جمال ولد عباس الأمين العام للحزب العتيد لمّ الشمل قبل الموعد الاستحقاقي وقطع الطريق على خصوم عمار سعداني الذين قرروا دخول التشريعيات بقوائم حرّة قبل تنحيته، وهو الخيار الذي يتمسّكون به في حال لم يتم التوصّل إلى اتفاق مع ولد عباس، الذي يسابق الزمن لترتيب بيت حزبه قبل الانتخابات،وإطلاق مبادرة مع 12 حزبا سياسيا تحمل اسم "الجبهة الداخلية العتيدة"، وهي المبادرة التي لم يستبعد العارفون بالشأن السياسي علاقتها بالتشريعيات، خاصة أن ولد عباس فتح المجال للجميع. ولم يختلف المشهد السياسي ببيت الأرندي عن غريمه الأفلان، أين قرّر أعضاء في المجلس الوطني للحزب وقادة الحركة التصحيحية الدخول كمترشحين أحرار على غرار نورية حفصي، الطيب زيتوني وأسماء ممن أحيلوا على لجنة الإنضباط الولائية، بعد حراك خصوم اويحي وميلاد حركة تصحيحية جديدة. خلاف عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم وأبو جرة سلطاني الرئيس السابق لنفس الحزب طفا الى السطح قبل التشريعيات، ما يجعل القوائم الحرة أفضل حل يلجأ اليه ابو جرة سلطاني وأتباعه، خاصة أن الاخير، يتهم الحركة بالخروج عن خط المشاركة بعد انضمامها إلى تكتلات حزبية تتمثل في تنسيقية الحريات وهيئة التشاور والمتابعة. ونفس القرار، أعلن عنه معارضو فيلالي غويني رئيس حركة الإصلاح على رأسهم جهيد يونسي، فضلا عن الساخطين على قيادة الأفافاس التي أقصت أسماء قيادية بارزة، نفس الحال يعيشه حزب العمال الذي تتجه فيه الأسماء التي أقصتها لويزة حنون إلى خيار القوائم الحرّة، من جانبه عبد العزيز بلعيد رئيس حزب جبهة المستقبل سيكون أمام مواجهة معارضيه الذين نزلوا إلى القاعدة مبكرا وحشدوا نسبة معتبرة منها لدعمهم في مسعى القوائم الحرة التي سيخوضون بها الاستحقاقات الإنتخابية المقبلة. وعلى ضوء ما سبق ذكره ستشهد الساحة السياسية الوطنية قبيل التشريعيات وبعدها عدة مستجدات ستضرب لا محالة استقرار جل الأحزاب خاصة منها "الكبيرة" التي عاشت طيلة السنوات الماضية صراعات ضربت أوعيتها الإنتخابية على مستوى عدة ولايات.