سجل تزايد "ملحوظ" في معدلات الإصابة بأمراض الحمى المالطية لدى الإنسان (البريسيلوز) والليشمانيا الجلدية في 2016 بولاية غرداية مقارنة بالسنوات السابقة حسبما أشارت إليه مديرية الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات. وبلغ عدد الإصابات بمرض الحمى المالطية التي تنتقل إلى الإنسان بالاتصال المباشر بالمواشي واستهلاك الحليب الطازج أو مشتقاته سيما منها الجبن التقليدي المعروف محليا ب"الكمارية" 1.546 حالة في 2016 مقابل 427 في 2015 (277 إصابة في 2014 و116 حالة في 2013) حسب ما تضمنته حصيلة للوضعية الوبائية إلى غاية نهاية السنة الفارطة التي أعدتها مديرية القطاع. وتعود عوامل ارتفاع حالات الحمى المالطية لدى الإنسان بغرداية إلى عدم احترام قواعد النظافة والصحة ورفض بعض المربين تلقيح قطعان مواشيهم بحجة أن التلقيح (بدون أدلة) يتسبب في إجهاض لدى رؤوس قطعان الإناث واستعمال من قبل العديد منهم حيوانات التخصيب (تيوس) حاملة للبكتيريا مثلما كشف تحقيق وبائي أنجزته مصالح البيطرة بغرداية. كما يشكل الحليب ومنتجاته التي تسوق في الفضاءات الموازية بالمنطقة من العوامل التي ساهمت أيضا في زيادة معدلات الإصابة بداء البريسيلوز بغرداية يضاف إلى ذلك تمادى المواطن في الاعتقاد بفائدة الحليب الطازج واستهلاكه دون غليه كما تمت ملاحظته. وسجلت الحصيلة القياسية المؤسفة للإصابة بداء البريسيلوز في 2016 عبر أربع بلديات بسهل ميزاب (938 حالة) متبوعة ببريان (205) ومتليلي (184 حالة) والقرارة (150) وفق ما أوردته حصيلة مديرية الصحة. كما سجل ارتفاع "محسوس" في معدلات الإصابة بمرض الليشمانيا الجلدية (جنس من الطفيليات التي تصيب جلد الإنسان) تنقلها "ذبابة الرمل" والتي تم تشخيصها بولاية غرداية خلال السنة الماضية بعدد 385 حالة مقابل 254 إصابة في 2015 (134 حالة في 2014 و226 أخرى في 2013 و384 إصابة في 2012) إستنادا إلى ذات الوثيقة. "ويتوافق توزيع حالات الليشمانيا الجلدية أيضا مع الوضعية الوبائية للسنوات الخمس الأخيرة بالولاية وفي مقدمتها منطقة القرارة (320 حالة) ومتليلي (22) وبريان (17) وغرداية (9 حالات) " مثلما أوضح مدير القطاع عامر بن عيسى. هذا النوع من الأمراض الجلدية يظل منتشرا بهذه المنطقة على الرغم من وضع جهاز مكافحة ضد ناقلات الأمراض بهدف القضاء على البؤر والعوامل التي يحتمل أن تساعد على تطور ناقلات الأمراض الوبائية إلى جانب إنجاز شبكات الصرف الصحي وغيرها من محطات تصفية المياه المستعملة بتلك المناطق وفق ما أشار نفس المسؤول. وكشف بن عيسى في ذات السياق عن تسجيل أيضا في ذات السنة حالتين لليشمانيا الحشوية إحداها بغرداية وأخرى بالمنيعة. وتظل هذه الأمراض من التحديات التي تواجهها الصحة العمومية والمشكلات الصحية التي تتسبب فيها وتثقل كاهل الجماعات المحلية بفعل ما ينجم عنها من تفشي ظاهرة الغياب بقطاعات النشاطات الاقتصادية وما تكلفه من أموال باهظة يتطلبها التكفل بالمرضى كما ذكرت مديرية الصحة. وأصبحت هذه الأمراض وباستمرار أكثر انتشارا بسبب تدهور المحيط وإطار الحياة وتفشي ظاهرة التعمير الفوضوي والتي تشكل "عامل ذو أخطار" بمنطقة غرداية ويضاف إلى ذلك التنامي المتزايد للقطاع الموازي في تسويق منتجات الاستهلاك دون إمكانية تعقب هذه الأنشطة ومراقبتها بالطرق العمومية حسب ذات المسؤول. وتظل مسألة تحسيس المواطنين حول ضرورة استهلاك المنتجات المراقبة وغلي الحليب في جميع الحالات وكذا مكافحة تدهور الوسط الحضري ملحة ومن أفضل الوسائل لاستئصال تلك الأمراض الحيوانية دون اللجوء إلى التلقيح مثلما حذر المسؤول ذاته.