اليوم تمسك الحرائق بخناق المنطقة العربية وينتشر الدمار وانتهاكات حقوق الإنسان في سورياوالعراق واليمن وغيرها "لكن حمزة لا بواكي له" وتلك عبارة قال الرسول صلى الله عليه عندما مر بنساء عبد الأشهل يبكين هلكاهن يوم أُحد، فقال عليه الصلاة والسلام: "لكن حمزة لا بواكي له"، وكان يعني أن عمه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ليس له كثير قرابة في المدينة، فاليوم أطفال وحرائر العراقوسوريا واليمن لا بواكي له.. بعد حروب عبثية واقتتال تنبهت دموي واشنطن واستيقظت وقالت على لسان سفيرتها لدى الأممالمتحدة نكي هيلي، في جلسة لمجلس الأمن، إن إيران هي "السبب الرئيسي" للنزاعات في الشرق الأوسط، متوعدة بالعمل مع شركاء واشنطن لمطالبتها بالالتزام بقرارات الأممالمتحدة، وتحدثت السفيرة بوضوح عن دعم إيران للرئيس السوري بشار الأسد وإمدادها الحوثيين في اليمن بالأسلحة، وتدريبها ميليشيات شيعية في العراق ودعم حزب الله في لبنان، وقالت وليس القول هنا قول حزامي وحدها: "إن هذه النشاطات مزعزعة للاستقرار". في اليمن، بلد يفتت ويعاد تكوينه وفق رؤية سقوط فكرة الدولة وإحلال رابط جديد يتفوّق على رابط المواطنة، وهو دور يقوم به الحوثيون بدعم إيراني صريح وهو ما سيعطي دفعا جديدا لتنظيم القاعدة هناك،وفي سوريا احتكرت الطائفة والعائلة السلطة،. وبقيت إيران في ظل الأزمة الحالية ممسكة بدمشق باعتبارها حلقة مركزية في مشروعها التوسّعي المرتكز على المذهبية. كان إسقاط النظام في العراق عام 2003 بدعاوى تتالت الاعترافات بكذبها، أكبر مفاصل التحولات التي يشهدها اليوم الوطن العربي والتي مهدت للفوضى الخلاقة. لقد حوّل سقوط النظام العراقي استقرار المنطقة النسبي إلى حريق لا يبقي ولا يذر، وباتت طهران التي مكنت لها واشنطن في العراق في وضع أقوى وتلخّصت الوصفة الأمريكية للعراق باللجوء إلى كلّ ما من شأنه إثارة الغرائز المذهبية بما يخدم المشروع الإيراني في المنطقة. لاحقا وصفت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قائد "قوات القدس" في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ب"الشريك الخفي" للولايات المتحدة في المنطقة، ونوهت الصحيفة إلى أن سليماني يعمل من خلال توجيه ميليشيات شيعية محلية. ونقلت "هآرتس" عن ريان كروكر سفير الولاياتالمتحدة السابق في بغداد قوله إن الشراكة بين الولاياتالمتحدة وسليمان بدأت عام 2003 بعد احتلال الولاياتالمتحدة للعراق، بل إن الولاياتالمتحدة تشاورت مع الرجل عندما قامت بتعيين أول رئيس وزراء مؤقت للعراق عام 2003،وذات الرجل استجاب لطلب واشنطن وأوعز لقوات "المهدي" التابعة لمقتدى الصدر بالتوقف عن مهاجمة القوات الأمريكية في العراق. وقالت "هآرتس" أن سليماني عكف على إرسال رسائل "SMS" لقادة الجيش الأمريكي، حيث كتب مرة لقائد المنطقة الوسطى في الجيش الأمريكي الجنرال ديفيد باتريوس: "أنا قاسم سليماني، من يدير سياسات إيران في العراق، لبنان، غزة، أفغانستان، السفير الإيراني في العراق يتبع قوات القدس، والسفير الذي سيخلفه سينتمي لنفس القوات". بعد كل ذلك التعاون الآثم الذي حول المنطقة لكتلة من الجحيم والفوضى، تقول لنا السفيرة هيلي ويا للعجب من قولها: إن الولاياتالمتحدة وحلفاءها سيعملون بشكل أقوى لتعطيل الدعم الإيراني للجماعات الإرهابية والمتطرفة، في ظل تصعيد في وتيرة الاتهامات المتبادلة بين واشنطنوطهران بدعم "الإرهاب". منذ العام 2008 وضع الرئيس الأمريكي باراك أوباما سياسة جديدة تجاه إيران تتجاوز وصف "الشيطان الأكبر". ثم رويدا رويدا أنجز الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة "5+1" بزعامة واشنطن في أبريل 2015، والذي دشن مرحلة التعاون العلني بين إيرانوالولاياتالمتحدة ليبقى الباب مشرعًا أمام علاقات طبيعية وربما تحالفًا مسنودا بتوافق المصالح. ولأسباب قد تبدو معقدة أو عصية الفهم تجد طهران مؤازرة ودعم واشنطن في مقابل مواقف سلبية تجاه تركيا العضو في حلف الناتو والدولة الديمقراطية. بل قادت واشنطن حملة ضد أنقرة تتهمها بدعم الإرهاب. هل واشنطن اليوم في حالة صحوة لتصحيح المواقف السابقة؟ ربما وعسى ولعل ..؟.