المتابع لنشاط وحراك الجبهة الإجتماعية في البلاد يتبادر إلى ذهنه للوهلة الأولى وكأن الإتحاد العام للعمال الجزائريين قد حُلّ أو أنه لا وجود له أصلا، ففي وقت تناضل الطبقة الشغيلة عبر الوطن تحت لواء مختلف النقابات للظفر بحقوقها التي يكفلها القانون، أدارت هيئة عبد المجيد سيدي السعيد، ظهرها لكل ما يحدث من حولها، وتجردت من مهامها المنوطة بها التي إستحدثت من أجلها، سيست توجهاتها وإنساقت وراء "التبزنيس" التي بات ظاهرا للعيان مع منتدى رؤساء المؤسسات ورجال الأعمال الناشطين في كنفه. وجهت جل النقابات خاصة المستقلة منها سهام الإنتقادات إلى UGTA وقيادته الممثلة في شخص الأمين العام عبد المجيد سيدي السعيد، الذي اتهمته باغتصاب مبادئ أكبر تجمع للعمال في البلاد، بل وأعابت عليه أيضا السعي في بعض الأحيان بل غالبا إلى تغليب مصالحه الشخصية على حساب حقوق الطبقة الشغيلة التي باتت مشاكلها آخر هم الرجل الذي اتجه جارا وراءه "هيكل" الإتحاد العام للعمال الجزائريين نحو نفق "التبزنيس" مع رجال المال المتخندقين داخل معسكر ال FCE، طبعا هذا بعدما سُيّست توجهات هذا التنظيم، الذي بات العام والخاص يتساءل خاصة في هذه المرحلة بالذات عن موقعه من حراك النقابات وجدوى وجوده، ولولا الأموال الضخمة الخاصة بصناديق الخدمات الاجتماعية التي طالما أسالت لعاب قيادة UGTA لطلقت الأخيرة هذا التنظيم رسميا وبالثلاث. وعلى ضوء ما سبق ذكره باتت أيام سيدي السعيد على رأس UGTA معدودة، حيث يُحضّر الأمناء الفدراليون المنضوون تحت لواءه كما إنفردت "السلام" بنشره وبالتفاصيل في أعداد سابقة، لثورة مرتقبة ضد الرجل الأوّل على رأس أكبر تجمع عمالي في البلاد، تنديدا بحرصه وتمسكه بمواصلة دعمه "اللامشروط" لرجال المال على حساب الطبقة الشغلية، وهذا بعدما تبلور في أوساطهم إجماع شبه تام بضرورة التصعيد في القريب العاجل، لوقف "تغطرس" سيدي السعيد الذي بات حسبهم - وفقا لما أسرت به مصادر جد مطلعة لجريدتنا- يتجاهل علنا مصالح الطبقة العمالية في البلاد بمختلف شعبها، بحكم إنشغاله بدعم "مجنون" لرجال المال، مقابل مصالح ومآرب مادية شخصية، وعليه برمج الأمناء الفدراليون للإتحاد العام للعمال الجزائريين، لإجتماع في القريب العاجل، لبحث سبل تجسيد إنفجار "ذكي" في وجه سيدي السعيد، لوقف هضم الأخير لحقوق الطبقة الشغيلة في البلاد. من جهة أخرى تدفع الفوضى التي يعيشها التنظيم إلى الطرح السابق الذكر (نهاية سيدي السعيد) خاصة في ظل تأخر تنصيب عديد الهياكل الهامة، فضلا عن تضارب مواقف قادة بخصوص التوجه والمواقف التي بات يتبناها الإتحاد إزاء عديد القضايا الإجتماعية، الإقتصادية، وكذا السياسية، التّي شغلت الرأي العام في الفترة الأخيرة، على غرار قانون المالية 2018، فضلا عن القبضة الحديدة بين نقابات مختلف القطاعات ووزارات وصية على وجه الخصوص والحكومة بشكل عام، يضاف إلى ذلك العديد من الفضائح والقضايا التي أثيرت ضد سيدي السعيد شخصيا، وUGTA بشكل عام ضربت سمعة ومصداقية الإتحاد في أوساط الطبقة العمالية في البلاد، على غرار ملف صناديق الخدمات الإجتماعية، الذي إعتبر بداية نهاية سيدي السعيد على رأس UGTA، إذ باشرت لجنة تحقيق مستقلة رفيعة المستوى تحريات واسعة بخصوص طرق تسييرها وصرف أموالها، هذا إلى جانب المشاكل التي إنفجرت في الأشهر الأخيرة بين النقابتين المستقلتين للطيارين وتقنيي صيانة الطائرات بالخطوط الجوية الجزائرية، وسيدي السعيد، واتهمتاه بزعزعة استقرار الشركة والوقوف في وجه الإصلاحات التي أقرتها وزارة النقل والأشغال العمومية، يضاف إلى كل هذا الصراع القديم الجديد ببن النقابة الوطنية المستقلة لعمال الكهرباء والغاز، والإتحاد أيضا، وكذا قرار عمال شركة المياه والتطهير "سيال" تأسيس نقابة مستقلة للدفاع عن مصالحهم وتحقيق مطالبهم، بعدما طلقوا نقابة الشركة التابعة للإتحاد العام للعمال الجزائريين، التي أكدوا فشلها في تحقيق مطالب العمال والدفاع عن حقوقهم.
تقطّع حبل الثقة بين النقابات وتنظيم سيدي السعيد كنتيجة حتمية لتراكمات سلبية حملتها السنوات الأخيرة، وصلت العلاقة بين نقابات مختلف القطاعات خاصة المستقلة منها والإتحاد العام للعمال الجزائريين إلى طريق مسدود عقب تقطع حبل الثقة، وباتت الطبقة العمالية ترفع شعار "حقوقنا تأخذ بنضالنا الشخصي.."، بعدما وصلت إلى قناعة مفادها أن مصلحتها ليست في بيت UGTA. فقدان الثقة بين طرفين مهما كانت طبيعتها يعني الطلاق كنتيجة حتمية، وهو ما حدث فعلا بين UGTA ونقابات مختلف القطاعات، وعندما نقول النقابات نعني العمال بطبيعة الحال، واقع حال تُرجم في حراك الجبهة الإجتماعية بصفة عامة في الفترة الأخيرة الذي جاء على عكس خُطط سيدي السعيد وبرنامجه مع الأطراف التي يتشارك معها مصالح عدة طالما كان العمال خارجها، وعلى سبيل المثال لا الحصر، الغليان الذي يسود المديرية العامة للحماية المدنية، هذا السلك الذي طالما تميز بالهدوء والاستقرار حتى على مستوى نقابته (نقابة أعوان الحماية المدنية)، ولكن بحكم الضرر المسكوت عنه منذ فترة والذي مس المنتمين إليه، خرج صباح أمس عشرات من أعوان الأمن بالحماية المدنية، في وقفة إحتجاجية سلمية بجوار مقر المديرية العامة في العاصمة تنديدا بإقصائهم من الترقية، مرددين شعارات تعبر عن رفضهم مغادرة المكان دون الحصول على ضمانات ملموسة بوقف هذا الإقصاء الممارس في حقهم، مؤكدين أنهم حائزون على شهادات جامعية في الشعب الأدبية، ومن حقهم الاستفادة من الترقية على غرار نظرائهم الحاصلين على شهادات في الشعب العلمية والتقنية، وفقا لما نص عليه القرار الوزاري المشترك المؤرخ في 29 نوفمبر 2014، والذي يكرس الترقية في جميع التخصصات دون استثناء، وعليه تنقل مصطفى لهبيري، المدير العام للحماية المدنية، إلى عين المكان لتهدئة الأوضاع، وطالب المحتجين بضرورة وقف الإحتجاج، ووعدهم بإيجاد حل لتسوية وضعيتهم، هذا قبل أن يطالب بتعيين ممثلين عنهم يبحث معهم سبل الاستجابة للانشغالات هذه الفئة.
النقابات تُشدد اللهجة ضد سياسة اللامبالاة وتُحضر لتأسيس كونفدرالية وطنية شددت النقابات المستقلة مؤخرا اللهجة للتصدي لتضييق السلطات العمومية الخناق على حرية ممارسة عملهم النقابي وكذا سياسية اللامبالاة التي تنتهجها الوزارات، سيما بعد موجة الاحتجاجات التي نظمتها العديد من القطاعات، للمطالبة بتحسين الأوضاع ومنحهم حقوقهم، وسط المضايقات التي يتعرضون لها في كل مرة من طرف مصالح الأمن، حيث أعلنت عن تشكيل تكتل نقابي يتكون من 13 تشكيلة نقابية في عدة مجالات منها الصحة، التربية، البريد والتعليم العالي، والسعي نحو تأسيس كنفدرالية وطنية. وأعلن تكتل النقابات الجديد عن تحديد تاريخ 11 ديسمبر المقبل كموعد لتأسيس الكونفدرالية الوطنية للنقابات المستقلة لمختلف القطاعات وتحضير التفويض من المجلس الوطني للانضمام للكنفدرالية، وتعيين 03 أعضاء من كل نقابة ليكونوا أعضاء مؤسسين لها، وهذا بعد اجتماع التكتل في مقر الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين "الانباف" الأسبوع المنصرم لأجل دراسة إستراتيجية الحركات الاحتجاجية المقبلة لحماية مكتسبات العمال وتحقيق مطالبهم المشروعة، سيما بعد المضايقات التي يتعرضون لها في كل مرة من طرف مصالح الأمن في مختلف الولايات أثناء اعتصامهم للمطالبة بحقوقهم. وكان قد قرر تكتل نقابات المستقلة إلغاء اعتصامه الذي كان مقررا بداية الأسبوع الجاري بالعاصمة، وهذا بعد منعهم من طرف قوات الأمن التي أوقفت عددا من قادة نقابات التكتل، المتشكل من 13 نقابة مستقلة، في إطار تأكيد النقابات على تمسكها بالملفات الثلاثة المتعلقة بقانون العمل، التقاعد وملف القدرة الشرائية والحريات النقابية، وندد التكتل بالمناورات المحاكة ضدّ العمال من خلال التعدي على قوانين العمل خدمة لأرباب العمل، معلنا رفضه لسياسة استمرار السلطات العمومية في التضييق على حرية ممارسة العمل النقابي، واللجوء إلى فصل ومحاصرة الممثلين النقابيين بالتعدي على قوانين الجمهورية الجزائرية والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، كما استنكر التكتل تعنت الحكومة في غلق أبواب الحوار مع النقابات المستقلة ومواصلتها لسياسة المساس بمكاسب العمال الاجتماعية.