اعتز سيدي السعيد، في مناسبات سابقة بوصف الاتحاد العام للعمال الجزائريين ب”نقابة السلطة”، نظير ما قدمته على طبق من ذهب للسلطة وليس ما حققته لبقايا الشغيلة الذين بدأوا ينسحبون تباعا من تكتل عمالي (رسمي) نحو النقابات المستقلة، امتص غضب مطالب الطبقة الاجتماعية طيلة عقود. السلطة التي تركت المجال مفتوحا لبروز العشرات من النقابات المستقلة إلى السطح خلال الأعوام الأخيرة، منها المعتمدة وكثير منها لم تنل بعد رضا الحكومة، احتفظت لنفسها ب”مفتاح تفاوضي” ممثلا في نقابة سيدي السعيد لإخماد نيران الطبقات العمالية رغم ما قيل ويقال عن اتحاد قل تمثيله لهم، لقاء ما جناه الشغيلة من مكاسب اجتماعية ”ضئيلة” على رأسها الرفع من الأجر القاعدي ورفع أجور العمال والموظفين في القطاعين العام والخاص، إذ بدأ فعليا تفعيل الحكومة لأداة سياسية كانت ”ناجعة إلى حين” في امتصاص غضب ”الكادحين” عبر ما يعرف ب”الثلاثية”، حيث انطوى عمل الاتحاد العام للعمال الجزائريين على تكسير شوكة الخروج إلى الشارع، ومقارعة الحوار الأمر الذي شرع الأبواب لظهور تصدعات في البيت النقابي لسيدي السعيد بعد ظهور مبادرة عمالية مؤخرا يقودها عدد من إطارات الاتحاد تؤكد هذه الرؤية، ففي عهده لم يسجل التاريخ أنها نظمت احتجاجا وطنيا واحدا، فيما الزيادات في الأجور لم تكن نتيجة تفاوض وإنما بقرار سياسي أي من طرف رئيس الجمهورية، ناهيك عن عدم تمكنها من تخفيض الضريبة على الأجر الوطني أو ما يعرف ب”إي. أر. جي” التي تستنزف جيوب الموظفين الجزائريين. كما أن الأمين العام للنقابة يحث العمال على اتخاذ خيارات ‘'معقولة'' للمطالبة بالحقوق بدل اللجوء إلى خيارات تصعيدية كالإضراب والاحتجاج والاعتصام و.. و... وفي هذا الإطار تتهم نقابة سيدي السعيد بتحولها إلى ”قفة بلا يدين” لدى الموظفين ممن أسست للدفاع عن حقوقهم، فمن خلال عقد الاتفاقيات الجماعية التي انطلقت سنة 2006 وتجددت في 2010 بالنسبة للقطاع الاقتصادي الخاص يظهر أن الرفع من الأجر القاعدي أو رفع الأجور لم يكن سوى متنفسا لتجنيب الجبهة الاجتماعية الانفجار الوشيك في كل مرة، لكن مع ذلك أخفقت في احتواء الوضع إذا وضع في الحسبان عدد النقابات المستقلة ”المتمردة” التي تنشط في قطاعات التربية والتعليم العالي والصحة.. بعدما ظهرت أنها صعبة ”المراس” مع نجاحها في ”تجييش” شارع المعلمين والأساتذة والأطباء والعمال لتحقيق مطالب اجتماعية ووظيفية يرون أنه لا بد منها. ورغم تعاطي الحكومة مع هذه النقابات بواقعية أكثر مؤخرا، إلا أن نقابة سيدي السعيد لازال ينتظر منها لعب أدوار أخرى في الساحة الوطنية تتعدى تحقيق مطالب عمالية، هذا إذا استمعنا إلى ما يردده زعيمها من شعارات ”فضفاضة” وبالعودة إلى تاريخ تأسيس الاتحاد العمالي وذكرى تأميم المحروقات 1971 وتمرير قانون المحروقات 2013 قبل أسابيع تحت قبة البرلمان أمام مرأى المركزية النقابية، رغم ما شابه من لغط إعلامي وسياسي - باهت - حول بنود قانون أعطى الضوء الأخضر لاستغلال الممنوع في أوروبا فوق الأراضي الجزائرية والمقصود ”الغاز الصخري”.