أدت الأطماع الانتخابية وظهور تشكيلات حزبية جديدة إلى انشطار معظم المنظمات وروافد الأحزاب في المجتمع المدني، والغريب أن أحزابا طلبت من نشطاء في جمعيات ومنظمات موالية لها بالبحث عن تموقعها في أية قائمة انتخابية، للتقليل من الضغط الناتج عن التنافس الداخلي على تصدر القوائم الانتخابية. تشتت روافد الأحزاب السياسية في المجتمع المدني وانشطارها، طال هذه المرة كل التنظيمات الطلابية وتلك الناشطة خارج أسوار الجامعة على غرار الاتحاد الوطني للنساء الجزائريات واتحاد الفلاحين، والمنظمة الوطنية لأبناء الشهداء ومنظمة أبناء المجاهدين. وشمل الانقسام الداخلي بشكل غير مسبوق المنظمة الطلابية التاريخية الموالية لحركة مجتمع السلم «الاتحاد العام الطلابي الحر» الذي وجدت قياداته ظالتها في أكثر من حزب سياسي، حيث تشير أصداء من هذه المنظمة الأكثر تأطيرا للطلبة داخل الأحياء الجامعية والمعاهد المختلفة، إلى توزع قياداتها سواء في القيادة العامة بالعاصمة أوبالمكاتب والفروع الولائية على مختلف الأحزاب السياسية، فعلاوة على الانقسام البين الموزع بين الحركة الأم «حمس» والمنشطرة عنها »جبهة التغيير« التي يرأسها خريج مدرسة الاتحاد الطلابي الحر عبد المجيد مناصرة، استقطب كل من حزب جبهة التحرير الوطني وكذا التجمع الوطني الديمقراطي عددا من نشطاء هذا التنظيم، عبر عديد الولايات. وأرجع متبعون هذه الحالة من هجرة المناضلين لحالة العطالة السياسية التي يواجهونها داخل الأحزاب المؤطرة لتنظيماتهم وانشغال القيادات الوطنية بمصالحها وتموقعها والصراعات وحسابات التموقع، حتى لم تعد تحظى تنظيماتها بالأولوية، سيما بعدما بدأ اختراقها من طرف منخرطين ومناضلين غير مشبعين بالفكر النضالي الإخواني ل»حمس». وفي صورة أخطر أعلنت قيادة الرابطة الوطنية للطلبة الجزائريين الموالية تاريخيا لحركة النهضة التحاقها بحزب جبهة التحرير الوطني، حيث شوهد أمين عام هذه المنظمة الطلابية التي لا يقل تأثيرها في الساحة الجامعية عن تأثير الاتحاد الطلابي الحر، يشارك في عديد الأنشطة والتجمعات التي ينظمها أمين عام الأفلان عبد العزيز بلخادم. وأكد مصدر في النهضة انشقاق أمين عام هذا التنظيم عن الحزب وهروبه بالمنظمة لوجهة مجهولة، لكنها منسلخة عن تاريخها وجذورها كتنظيم طلابي مشبع ذي أدوار رسالية وتربوية في الجامعة الجزائرية. وتشير مصادر موثوقة بالاتحاد الوطني للنساء الجزائريات إلى أن الأمينة العامة للاتحاد نورية حفصي، أعطت الضوء الأخضر لقيادات نسوية وطنية بالبحث عن مكان لها في أية قائمة انتخابية، حتى لو كانت خارج الأرندي الذي تكن له بالولاء المطلق. واشترطت الأمينة العامة لهذا التنظيم على القيادات النسوية من حولها فقط، إبلاغها المسبق عن النية في الترشح لأية قائمة انتخابية من أجل التنسيق وضبط الأمور من الفلتان في أطر من العمل الرامي لخدمة المصلحة المشتركة للمنظمة. ولم تمانع منظمة اتحاد النساء حتى من الالتحاق بحزب الطاهر بن بعيبش وهو من غرماء ومعارض أويحيى غداة تأسيس الأرندي. وطالت حمى هجرة نشطاء تنظيمات المجتمع المدني بشكل أكبر مناضلي ومنخرطي اتحاد الشبيبة الجزائرية المنقسمين بين حزب جبهة التحرير الوطني بما فيه الحركة التقويمية والتجمع الوطني الديمقراطي وحتى حركة مجتمع السلم، ويستقطب الحزب الوطني للتضامن والتنمية لرئيسه طالب الشريف -بحسب مصادر السلام- عددا معتبرا من الإطارات الشبابية والنسوية المهاجرة من أحزابها الرئيسية بحثا عن التموقع في القوائم الانتخابية.