جاء تعيين التقني البوسني وحيد حليلوزيتش بعد موجة من الشد والجذب ووسط تضارب في التقارير الصحفية حول هوية المدرب القادم للخضر بعد إقالة سابقه عبد الحق بن شيخة تبعا لمهزلة مراكش. ترددت أسماء كبيرة مثل الهولندي هيدينك أو الإيطالي ليبي ليقع الاختيار في الأخير على مدرب كوت ديفوار السابق وحيد حليلوزيتش. تردد أسماء ثقيلة جعل تعيين حليلوزيتش لا يلقى الصدى الكبير، وتوقع الجميع أن يكون له نفس مشوار سابقيه من المدربين الأجانب، الذين مروا على الخضر كالبلجيكيين ليكنس وواسيج إضافة إلى الفرنسي كافالي، الذين لم يجلبوا معهم سوى الهزائم. وحيد الذي يملك سجلا حافلا على المستوى الإفريقي أكد أنه عاشق للتحديات، وأنه قادر على إعادة قطار الخضر إلى السكة. «تعادل سلبي في لقاء تطبيقي كاد يعجّل برحيله” مباشرة بعد تعيينه وفي أول تربص له مع الخضر، نظم الناخب الوطني مباراة ودية بين اللاعبين ليرى مدى جاهزيتهم، لكنه اكتشف حقيقة أن المنتخب الذي يشرف عليه ليس الذي رسم له صورة في مخيلته منذ لقاء كابيندا، والذي حرمه فيه الخضر من بلوغ نصف نهائي الكان، وعجّل بطرده من المنتخب الإيفواري. مشاهدة وحيد لمباريات الخضر السابقة مع المغرب وإفريقيا الوسطى جعله يفكر جديا في التراجع؛ لأنه ليس ساحرا بل مجرد مدرب ولا يمكنه أن يغيّر فريقا لا يستطيع التسجيل حتى في اللقاءات التطبيقية، إلا أنه تراجع عن الأمر؛ كون الناخب الوطني معروف عنه روحه القتالية وحب التحدي وشخصيته القوية، وهو الذي تحدى الموت في حرب البوسنة. حقق في لقاءين ما حققه غيره في أربع مباريات تعيين وحيد جاء من أجل أن يصحح ما أفسده من سبقه، وأن يعيد الروح الغائبة عن منتخب الخضر، الذي أصبح سهل المنال داخل وخارج أسوار ملعبه. وحيد استلم المهمة والمنتخب الوطني يتذيل الترتيب بفوز وتعادل وهزيمتين كارثيتين بأتم ما تحمله الكلمة من معنى، لكن هذا المنتخب ذاته مع البوسني بدا مغايرا واستطاع شحن بطارية الفريق وتغيير نهجه؛ حيث تمكن من حصد أربع نقاط في لقاءين، أي نفس ما حققه المنتخب قبل قدومه في أربع لقاءات، وتمكن المنتخب من تسجيل ثلاثة أهداف، أي بهدف زائد عما سجله من قبل في قرابة سنة! ورغم خروج المنتخب من التصفيات وغيابه عن كأس إفريقيا 2012 إلا أن بوادر الأمل بدأت تدب في صفوف كل متتبعي الخضر بعودة الروح إلى محاربي الصحراء وبعهد جديد للمنتخب بقيادة هذا الساحر الأبيض. «الثرثار الذي يحرج الآخرين بصراحته” منذ تعيينه على رأس المنتخب الوطني لم يتوان المدرب الوطني عن كشف الحقائق. كلام حليلوزيتش جاء خاليا من الدبلوماسية وبعيدا كل البعد عن تصريحات من سبقوه، ففي كل مرة لا يتوانى عن ذكر الأسماء وكشف المستور بعد أن كانت كواليس المنتخب لمن استطاع إليها سبيلا، ولا يمكن للشارع الرياضي معرفة ما يجري فيها، فلحد الآن لم يعرف أي متابع للخضر ما حدث قبل لقاء مصر بأنغولا ولا ما حدث بعد مهزلة مراكش، وحيد تكلم عن كل شيء أمام الصحفيين وكان صريحا في إيجاباته، ولم يقدّم تبريرات واهية كما حدث من قبل في حادثة لموشية، بل جميع تبريراته واقعية، وآخرها أسباب إبعاد زياني بسبب غضبه من تغييره في تنزانيا. شجاعة وحيد تُحسب له، لكن كثرة تصريحاته؛ إذ لا يمر يوم إلا ونجد له تصريحا في وسيلة إعلامية، جعله يبدو ثرثارا وكثير الكلام، وهذا ما جعل الجميع يهاجمونه بعد استدعائه لبوعزة البعيد عن المنافسة رغم أنه أكد عديد المرات أنه لن يستدعي إلا من يشاركون أساسيين مع فرقهم. خطأ وحيد لم يكن في خياره و إنما في كثرة تصريحاته، ورغم ذلك فإنه الثرثار الذي أسكت الجميع بعمله لا كمن سبقوه بالكلام وفقط. «الجنرال الذي أعاد الجميع إلى الصف” ربما تكون كلمة “الجنرال” في غير محلها لكنها الكلمة الأنسب للتقني البوسني، والذي استطاع في ظرف وجيز، فرض نظام عسكري داخل المنتخب وكشف عورة من سبقه فيما يخص الانضباط الذي كان ينقص الخضر. وحيد استطاع أن يزيح أسماء كانت من قبل تُعد ركائز، وكان عند كلامه؛ أنه لا يوجد عنده في القاموس هذه الكلمة، وأنه سيستدعي من يحتاج ولا يوجد مبدأ “الشرعية الثورية” من أجل الحصول على مكانة أساسية. «المنتخب في مرحلة تجريبية ولايزال عمل كبير” المنتخب الوطني بشكله الجديد رفقة الناخب الوطني الجديد، لازال في مرحلته الأولى، أو كما يسمى مرحلة BETA، المنتخب الوطني وإن تحسن من حيث الاستحواذ على الكرة واللعب المباشر وتعدد الفرص، والأهم من هذا نهاية أكبر مشكلتين كان يعاني منهما من قبل، وهما العقم الهجومي ومشكل الانضباط، ورغم نشوة الفوز إلا أنه لا يجب أن نغفل عن بعض الأخطاء التي وقع فيها رفقاء عنتر يحيى، فدفاع المنتخب الوطني لايزال بعيدا عن مستواه السابق، فقد بدا في لقاء أمس غير منسجم وظهره مكشوف، فرغم سيطرة الخضر إلا أن جل الكرات التي كان يصل بها مهاجمو المنتخب الغامبي كانت خطيرة على المرمى. هجوم المنتخب الغامبي ليس بالقوي ومع ذلك فقد أحرج الخضر، وعلى الناخب الوطني التحرك من أجل سد هذا المشكل؛ لأن المنتخب مقبل على تحديات أقوى، وقد يواجه فرقا تحسن التعامل في الهجوم.