لا يزال كتاب المعيار المعرب لأبي العباس أحمد الونشريسي بأجزاءه الاثنى عشر موضع اهتمام من طرف الباحثين و الجامعيين ، ذلك ما ينطبق على جهود الدكتورة عفيفة خروبي من جامعة الجزائر و التي أخذت على عاتقها استخراج الأصول التي اعتمد عليها الونشريسي في المعيار الذي جمع فيه حوالي ألفين و مآتين و خمس وثلاثون فتوى . و الكتاب في الأصل رسالة جامعية تقدمت بها الأستاذة لنيل شهادة الدكتوراه بكلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر . يقع الكتاب في جزأين بمجموع تجاوز 800 صفحة و هو صادر عن دار البصائر للنشر و التوزيع ، و قد نشر بدعم من وزارة الثقافة في إطار تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011 . تضمنت الدراسة فصلا تمهيديا و وأربعة أبواب حيث تطرق الفصل التمهيدي إلى المفاهيم المرتبطة بالفتاوى و أصولها ، والاجتهاد و القضاء ، وكل ما يتعلق بشروط الفتوى و آدابها . أما الباب الأول فقد خصص الفصل الأول منه إلى عصر الونشريسي بخصائصه السياسية و الدينية و الاجتماعية و الاقتصادية و العمرانية وذكر بعض أعلام الجزائر في هذا العصر ، بينما خصص الفصل الثاني إلى حياة الونشريسي وشيوخه و تلاميذه و مؤلفاته. تضمن الباب الثاني في فصله الأول استدلال الونشريسي بالأدلة الأصلية في فتاويه و التي منها القرآن الكريم و السنة النبوية و الإجماع مع تقدين نماذج لاستدلاله بهذه الأدلة من المعيار . أما الفصل الثاني من الباب الثاني فقد خصص لاستدلال الونشريسي بالأدلة التبعية مثل القياس و استصحاب الحال و المصلحة و العرف و العادة ، واستدلال الونشريسي بمذهب الصحابي و الاستقراء ، و مواطن حضور هذه الاستدلالات في المعيار . احتوى الباب الثالث على فصلين خصص الأول لاستدلال الونشريسي بالأصول الخاصة في فتاويه مثل استدلاله بالتخريج على أصول المذهب و القواعد الفقهية واحتوى الفصل الثاني على استدلال الونشريسي بالاعتماد على التخريج على نصوص المذهب و القياس على النوازل المشاكلة . وخصصت الباحثة الباب الرابع إلى تطبيقات من فتاوى الونشريسي في المعيار في العبادات و غير العبادات . خلصت الباحثة في ختام دراستها إلى بعض النتائج العلمية والتي نذكر منها : - تميز عصر الونشريسي باضطرابات سياسية و ظهور حركات دينية مختلفة . - بداية ظهور التصوف في عصر الونشريسي في المغربين الأوسط و الأقصى . - تأكيد الونشريسي على ضرورة اعتداد الفقهاء بتغير العوائد عبر الأزمنة لتقرير الأحكام الشرعية . - بلغ عدد المسائل التي علق عليها الونشريسي أكثر من 256 مسألة . - امتاز المعيار بالدقة في طرح السؤال مما أعطى الفتوى قيمة علمية كبرى . - يعتبر الونشريسي ناقدا فقهيا بصيرا و ليس مجرد ناقل ة هذا ما اكسب المعيار قيمة علمية كبيرة .