حين أطلعت ذات مرة على ملف حول نفقات البرلمان وحصيلته أصبت "بسكرَة" وهو الذي شهد أكبر رشوة سياسية حين زادت رواتب النواب فجأة ..بالإضافة لمضاجعة سرية ونشوز علني بين النواب وبين الحكومة... مما جاء في الملف أن النائب يكلف الشعب عفوا الخزينة 65 مليون سنتيم شهريا بين الراتب والتعويضات، وأن النائب النائم والسارح في ملكوت الله فيهم له الحق في قرض بدون فائدة لشراء سيارة رغم أن ذات نواب صوتوا ذات مرة لصالح إلغاء القروض الاستهلاكية بالنسبة للمواطنين لكنهم سمحوا و أبقوها لأنفسهم.. وفي الوقت الذي ينسى فيه حتى بعض نواب المعارضة أنهم ممثلي الشعب يجهل آخرون ذلك تماما..وإن كان الشعب لا يؤمن بالتقارير حول حصيلتهم وتدخلاهم واستجواباتهم وطلبات الإحاطة فذلك لأنه يعلم حجم ومعنى الإستنواب وما يؤدى إليه... فعلينا نحن " الفقاقير" أن نعذر صمتهم لأنهم يتعبون من كثرة التصفيق فيصومون عن الكلام المباح أو غير المباح . وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه المواطنين الغلابى من عامة هذا الشعب في الجنوب والشمال تحقيق مطالبهم الاجتماعية من سكن وشغل وعدالة اجتماعية، تفاجأ الجميع بمطالب النواب للسلطة لكن في اتجاه أخر برفع رواتبهم و أحسنوا هذه المرة الضغط وأوفوا بتعهداتهم أيام الحملة الانتخابية بحمل انشغالاتهم و العمل على تجسيدها..منذ أشهر قررت إدارة المجلس الشعبي الوطني ترشيد النفقات في سياق حملة تقشف و تخفيض ميزانية المجلس بنسبة 15 بالمائة، والجميع حينها أستغرب قرار المجلس في ظل وجود نواب دخلوا المجلس أصلا للاستفادة من الامتيازات و الراتب، لم يحركوا ساكنا لكن مرور فترة أكتشف أن الضغوط لم تتوقف لحظة للعدول على قرار التقشف لأنه سيضرب مشروع العهدة الرابعة في الصميم وهم الذين استثمروا كل ما يملكون للوصول لقبة البرلمان..قد يفهم أن الزيادة في رواتب ممثلي الشعب في هذا الظرف هو رشوة سياسية يراد منها شراء صمتهم ..باريت كانوا باعوا صمتهم ، نوابنا لم يتكلموا يوما وهناك من عاش ومات دون أن يقول كلمة واحدة باستثناء طلب الطعام و البدلات و التوسل للاستفادة من رحلة للخارج في إطار مهام البرلمان. وحتى لو تحدث هؤلاء الموقرون فلن يقولوا شيئا أكثر مما يقولوه بصمتهم ..السلطة تعرف جيدا نفسية ومكونات هذا البرلمان وسترضخ لمطالب هذه الكائنات ليس خوفا من طلبات الإحاطة أو الإستجوبات و التدخلات أو لجان التحقيق الذي تنتظر التحقيق في اختفاء تقاريرها، بل لأن غالبية هؤلاء النواب من ذوات الدم البارد ووجب مكافئتهم على جهلهم السياسي بما هم فيه و لكي يستمروا في حالة فقدان الوعي التي سيستفيقوا منها على كارثة أكيدة.