البحث عن الكنوز الدفينة رغم أن الطريق لولوج عالم البحث عن الكنوزمحفوف بالمخاطر حيث يحاط بسرية كبيرة وتتحكم فيه الخرافة و كل شيء مباح داخله إلا أننا من باب تنوير القارئ فضلنا الكشف عن عمق الجهل الذي يتخبط فيه أشخاص همهم الجري وراء سراب بكل الطرق للوصول لثراء وهمي لو بوسائل غير مشروعة وعبر مغامرات غير مضمونة تكون بعض نهاياتها ارتكاب جرائم. - البداية كانت بإحدى المقاهي المعروفة بوسط مدينة تيسمسيلت والتي تعد المكان المفضل لصائدي الكنوز المدفونة أو الأمانات أوالقلة كما تسمى" نسبة للجرة التي تحوي الكنز" أين تعقد الصفقات و تضرب المواعيد لرحلات البحث وتتدارس بها أخر المستجدات في ميدان وسط سرية كبيرة ولأننا غرباء و لسنا من مرتادي هذه المقهى فقد كان من الصعب التوغل داخل هذه المملكة إضافة لعامل السن الذي كان عائقا في البداية وهو ما حتم علينا أن نرتاد المقهى أكثر من مرة في اليوم ولمدة أسبوع حتى نظهر وكأننا من المهتمين بالكنوز وذلك بالتقرب التدريجي من أباطرة البحث الذين يصعب كسب ثقتهم كون اغلب مرتادي المقهى يعرفون بعضهم البعض وحتى وإن انضم شخص جديد فتبقى نظرة الريبة تحوم حوله لحين التعود عليه وضمان ولائه وهذا قد يستغرق مدة وجملة من الاختبارات وكأنك بصدد الانضمام لعصابة أو لجهاز استخبارات. كان لابد علينا أن ندعي الخبرة في مجال البحث عن الكنوز والإلمام ببعض المصطلحات والتقنيات المستعملة وكذا معرفة بعض أسماء" الطلبة والمشعوذين " حتى نكسب صفة العضوية داخل هذا النادي إن صح التعبير. وبالفعل نجحنا في الوصول للهدف وذلك لضفر بمكان ضمن الرحلة المقبلة والتي لا ندري متى ولا أين تنطلق المهم أننا أثبتنا أنه بإمكاننا تقديم العون وذلك باختلاق أسماء وهمية لبعض "الطلبة " و قصص نروي فيها كيف شاركنا في عمليات حفر كثيرة . خرافات وطقوس الطلبة والمشعوذين تتكون أغلب شبكات البحث عن الكنوز المدفونة من مجموعات صغيرة تضم فردين إلى أربعة أفراد ويكون البحث عن مكان الكنز بادئ الأمر وذلك بمختلف الوسائل كالخرائط أو عن طريق أجهزة رصد تسمى السكانير مهمتها الكشف عن المعادن النفيسة من ذهب وفضة في باطن الأرض ثم محاولة إيجاد"طالب صحيح" ويحبذ لو يكون من مناطق معينة خصوصا من المغرب أو ولايات الصحراء كأدرار وبشار أو تلمسان حيث يكون لطلبة هذه المناطق باع طويل في المجال وكفاءة كبيرة لذا كان لابد أن نستمل البعض لنكون فرقة وهذا ما حصل فكان اتفاقنا أن نلتقي كالعادة داخل المقهى المعتاد ومنه تكون الانطلاقة لوجهتنا والتي كانت بإحدى المناطق الريفية التابعة لبلدية من ولاية تيارت وذلك في سيارة ملك لصاحب الأرض الذي تحوي في باطنها الكنز الموعود وبالفعل انطلقنا تحت جنح الليل وبحوزتنا معدات الحفر رفقة الطالب أو الشيخ كما يسمونه رغم انه في الواقع ليس سوى مشعوذ وما إن وطئت أقدامنا المكان حتى بدأ الطالب في طقوسه بعد تعيين المكان المحتمل للحفر والذي يكون في غالب الأحيان عن طريق الشك وذلك في غياب وثائق أو مخطوطات تثبت وجود الكنز والتي تكون من شروط التي يطلبها الطالب للتعامل معك والتي تسمى"بالمطلب" وهي عبارة عن خريطة ويحبذ لو تكون مكتوبة على قطعة جلد حتى تصبح ذات مصداقية بالنسبة للطالب في ظل وجود مطالب وخرائط مزيفة تتداول بكثرة بين رواد البحث عن الكنوز. وقبل بدء الحفر أقدم الطالب على رش المنطقة المحيطة بسائل مجهول وقراءة طلاسم و حرق بعض العقاقير لغرض إبعاد الجن أو حرقه كما يدعى يحدث كل هذا في جو مخيف ليس من غضب الجن أو رد فعله بل خوفا من إنكشاف الأمر من طرف الأهالي ووصول الخبر لمصالح الدرك . تناوبنا على الحفر في المكان المزعوم لمدة على عمق حوالي متر وبانقطاع ثم آمرنا الطالب بالمغادرة فالكنز غير موجود في رأيه كونه يدفن على عمق لا يزيد عن 80 سنتمتر فحملنا معداتنا وعدنا أدراجنا و من معنا يجر أذيال الخيبة. اللبان والزئبق أو الطريق نحو الثراء - عند ولوجنا لهذا العالم سمعنا كثيرا من مهوسي البحث عن الثراء عن ما يمكن أن يفعله اللبان والزئبق الأحمر و قدرتهما الفائقة في ترويض الجن وجعله تحت الطلب واستغلاله في جمع مال كبير وقصص أخرى عن أناس وكيف سطع نجمهم بعد حصولهم على بعض من هذا اللبان وحالات ثراء فاحش كثيرة بفضل الزئبق الذي يعد حسبهم صعب المنال حيث يصل الغرام الواحد من اللبان إلى مليار سنيتم هذا إن وجد أما الزئبق فهو نادر جدا حيث تصل هوس البحث عنه لدرجة الهستيريا والهذيان به .والحقيقة التي اكتشفناها داخل هذه الشبكات انه لا أحد ممن إلتقيناه سبق له رؤية هذه المواد أوإمتلاكها وتكاد تكون ضرب من الخيال والأمر لا يعدوا أن يكون حمى الثراء وأحلام يقظة تغذيها حكايات وخرافات . جرائم ترتكب بأوامر من الجن - يعتقد أغلب الباحثين عن سراب الكنوز أن للجن الدور الحاسم في منح هذه الكنوز كونه حارسها وأن أوامره يجب تطبيقها حتى ولو كانت لدرجة إزهاق أرواح بريئة وذلك بمثابة منحه أضحية و قربانا مقابل الحصول عن المبتغى حيث عرفت مناطق تيسمسيلت وتيارت أين يسود هذا الاعتقاد بكثرة عدة جرائم بشعة راح ضحيتها أشخاص في سبيل وهم اسمه الكنز كان أخرها معلم و ببلدية مدرسية بولاية تيارت وجدت جثته مرمية وبجانبها بعض العقاقير والطلاسم التي تدخل في استخراج الكنز حسب المعتقد السائد والذي ينتشر بقوة في الأرياف أكثر من المدن بفعل السذاجة والجشع والطمع وعن جهل نتيجة غياب الوعي والوازع الديني . مروان.ح