لم يعد يفصلنا عن موسم الصيام أكثر من شهر ونصف، ولأن الجزائر لم تستطع فك عقدتها مع اللحوم الطازجة التي بقيت وستبقى من الكماليات بالنسبة لمتوسطي الحال فما بالك بأصحاب الدخل المتواضع أو أصحاب اللادخل، فإن الوجهة الوحيدة الممكنة هي اللحوم المجمدة التي عرفت ارتفاعا في الآونة الأخيرة ونافست اللحوم الطازجة.. وتبدو كل قرارات الحكومة في قضية اللحوم بأنواعها مثارا للجدل، فالوجهة الهندية حركت مستوردي اللحوم المتعودين على وجهة أمريكا الجنوبية والبرازيل بالخصوص الذين بدأوا يشككون في اللحوم الهندية ويقولون أنها غير متوفرة على الشروط الصحية الضرورية.. وكانت وزارة الفلاحة قد فتحت في 16 ماي الماضي باب الاستيراد وتنويعه من الهند ومن الدانمارك وبقي حبرا على ورق قبل أن يتم مؤخرا تحديد ثلاثة مذابح هندية تعمل تحت الوصاية الصحية والشرعية ويمكنها أن تنزل سعر الكيلوغرام من اللحوم المجمدة دون 400 دج، أي أقل مما هو متوفر حاليا، حيث لا ينزل عن سعر 550 دج للكيلوغرام الواحد.. ويعود المنتقدون للوجهة الهندية إلى الجدل الذي أحدثته اللحوم الهندية منذ حوالي ثلاثة أشهر في دول الشرق الأوسط عندما تأكدت إصابتها بدودة الساركوسيست وكتبت عن ذلك عدة صحف مصرية طالبة بمقاطعة اللحوم الهندية ومنها صحيفة الوفد والأهرام المصريتين والنهار اللبنانية اللتين قالتا أن الهند نفسها اعترفت بإصابة لحومها بهذه البكتيريا التي تنتقل إلى الإنسان رغم أن هذه الدودة لا توجد إلا في اللحوم الطازجة، ومعروف ومؤكد علميا أنها لا تعيش في اللحوم المجمدة، لأن هذه الدودة لا تعيش في درجة حرارة تقل عن 10 تحت الصفر وأيضا في حالة الطهي عندما ترتفع درجة الحرارة إلى الستين مئوية، وكانت رابطة مستوردي ومصنعي وموزعي اللحوم المجمدة بمصر قد أصدرت بيانا أمضاه رئيسها علاء رضوان دافع فيه عن خيار الهند، وقال أن الوجهة الهندية تلجأ إليها معظم الدول العربية ومنها المملكة العربية السعودية والإمارات والأردن وسوريا ولبنان، وتستورد مصر 10 آلاف طن من اللحوم الهندية المجمدة شهريا.. وتقوم الدول الإسلامية من دون استثناء بإرسال وفود دورية مكونة من بياطرة ورجال دين إلى هاته المذابح للتأكد من سلامة اللحوم ومن شرعيتها الدينية، وهو ما يجب أن تقوم به مؤسسة آيكر الألمانية المنسق الوسيط بين السوقين الجزائري والهندي الذي يملأ الأسواق الجزائرية باللحوم الهندية خلال شهر رمضان وما بعد الشهر الفضيل. ومازالت الجزائر تحتل مراكز متأخرة في استهلاك اللحوم على المستوى العالمي، حيث لا يتعدى استهلاك الفرد الجزائري 15 كلغ لحما في السنة وهو رقم مجهري مقارنة بما يستهلكه سكان حوض البحر المتوسط ومنهم إسبانيا التي بلغ الإستهلاك بها رقم 128 كلغ في السنة للفرد الواحد وفرنسا 110 كلغ للفرد الواحد وإيطاليا 91 كلغ للفرد الواحد واليونان 86 كلغ للفرد الواحد، بينما يعتبر الفرد الجزائري من أفقر الشعوب تناولا للحوم التي مازالت عقدته معها بكل أنواعها بما في ذلك المجمد.