الجزائرية التي وقفت جنبا إلى جنب مع الرجل في حربه ضد المستعمر، هي اليوم وفي رحلة البناء تقف معه مرة أخرى في نفس الخط رافعة شعار التحدي، مخترقة لكل الحواجز الوهمية والحقيقية، فمن مجاهدة في الجبال الشامخات وفدائية في الطرقات، إلى وزيرة وبرلمانية ومرشحة للرئاسيات، فرغم التمييز وعدم منحها الثقة الكاملة من الطرف الآخر إلا أنها تواصل تتبع خطى الفلاح لطمس معالم التمييز وانتزاع ميدالية التميز والتفوق بجدارة.. "فتيحة": ناشطة في لجنة المرأة العاملة التمييز وانعدام الثقة حصر المرأة في مجال التعليم استطاعت المرأة في الجزائر أن تحترف العمل في مجالات كانت محصورة لدى الرجل، بل العديد منهن تفوقت وظهر تميزها، وطفت المنافسة لتطبع العلاقة بين الزملاء من كلا الجنسين، بعد أن كان التمييز الطابع الأول لها، وتظهر إحصائيات وزارة التشغيل للسنة الماضية، هذا الواقع من خلال الارتفاع الكبير لطلبات الشغل من طرف النساء بالمقارنة مع الرجال، في مختلف المجلات، ولقد وقفت (أخبار اليوم) على هذا النجاح، برصدها العديد من الحالات شاركن في فعاليات ندوة خاصة حول (المرأة العاملة والحوار الاجتماعي) التي أشرفت عليها وزارة التضامن خلال الأسبوع الماضي.. مالية كربوش التقينا بالعديد من النساء اللواتي استطعن اثبات وجودهن ونجاحهن في الميدان، وجمعنا حديث مع العضو في لجنة المرأة العاملة السيدة (فتيحة)، وهي مثال حي للمرأة الناجحة والطموحة، وهي ناشطة وتعمل كأستاذة في كلية البليدة، حيث عبرت المتحدثة ل(أخبار اليوم) عن سعادتها بالمشاركة في ندوة تتحدث عن المراة ألعاملة وظروف عملها، فمثل هذه الندوات التي تقام باسم المرأة تشرف المرأة عموما والمرأة العاملة خصوصا، ومن شأنها أن تعطي دفعا قويا للمرأة العاملة من أجل بدل المزيد من المجهودات، والعطاء أكثر في مجال عملها والتحرر الاقتصادي والاجتماعي لها ويعطي لها قيمة ومحفزا أكبر من أجل اثبات وجودها كي تكون حقا عونا لأخيها الرجل، ما يعطيها دافعا للمشاركة في مجالات صعبة ومحفوفة بالمخاطر، فهذا طموح مشروع لكل إنسان. فمن بين الأهداف التي رغبت السيدة (فتيحة) بلوغها والوصول إليها هي المشاركة في المجال السياسي من أجل خدمة المرأة والمرأة العاملة، وهي أمنية لطالما حزت في قلب ذات المتحدثة على حد قولها قصد الدفاع أكثر على حقوق المرأة العاملة، التي ترى أنها مهضومة، خاصة فيما يتعلق بالقرارات الحساسة والحاسمة في أي مؤسسة من مؤسسات المجتمع، تعود أولا وآخرا إلى الرجل الذي يرى فيه المجتمع أنه القوة العظمى، لذلك يصح له أن يتدخل ويخوض مجالات حساسة في المجتمع، على عكس المرأة التي يرى فيها المسؤولون مصدرا للضعف وبالتالي تنكمش المرأة على نفسها لتصبح مجرد مشروع على ورق لا تقوم بمهامها كما يلزم خاصة في مجالات الإدارة، فالمرأة تعمل أكثر في المجال التعليمي، هذا كله يعود إلى المسؤولين في المؤسسات، إضافة إلى التمييز بين المرأة والرجل، الذي لا يكاد يختفي من المؤسسات العمومية أو الخاصة، فالمرأة العاملة لا تزال تواجه تحديات كبيرة، لمكافحة ظاهرة التمييز، الذي يعتبر بالنسبة لأغلبهن أخطر من التحرش، فالتحرش ظاهرة مقتصرة لدى البعض من المهووسين، أما التمييز بين الجنسين فهو أمر يتواجد في أغلب المؤسسات، ويظهر جليا في الرواتب، وكذا المعاملة التي تطبع علاقة الموظفات بالموظفين من الرجال الأعلى رتبة.. فهذه الصعوبات وعلى رأسها التحرش والتمييز، لم تحد من طموح الأستاذة (أمينة)، فهي تطمح وتعمل جاهدة دون كلل لتبلغ الوصول إلى خدمة مجتمعها من خلال تنصيب أكبر عدد ممكن في لجنة المرأة العاملة محاولة بعث صحوة في صفوف النساء العاملات قصد التفطن إلى التحديات التي تنتظرهن من اثبات وجودهن والخوض في معارك في مجالات شتى، والتشبع بالقيم قصد مواجهتها والوقوف في وجه هذه التحديات. بينما تضيف (فتيحة) قائلة: (إن متاعب ومصاعب المرأة تعود أولا وآخرا إلى البيروقراطية والتحرش بالمرأة التي تطلب العمل من قبل المسؤولين وأصحاب القرار، فهي تواجه جملة من المتاعب مند أول خطوة تخطوها قصد طلب العمل، يضمن لها كرامتها وشرفها، وتقول ذات المتحدثة إن المرأة معرضة للاستفزاز أكثر من أخيها الرجل، باعتبار أنها من الفئات الهشة في المجتمع، بينما الرجل يمثل مصدر القوة في الذهنية والعقلية الجزائرية، وتردف أنه حان الأوان لرفع الستار على هذه الظواهر التي تنغص على المجتمع وتعود به دائما إلى الخلف دون السير إلى الأمام، ورأت كذلك ذات المتحدثة في نفس الفكرة أنه ينعدم الحوار بين المرأة العاملة والمؤسسة، فالمشكل يبقى دائما في أن الرجل الذي يمثل مصدر القوة يصل إلى اتخاذ قرارات حاسمة تخص كل فئات المجتمع لوحده دون الإشراك الحقيقي للمرأة في ذلك. فمن أجل كل تلك المشاكل التي تعاني منها المرأة عموما والمرأة العاملة خصوصا انخرطت (فتيحة) في لجنة المرأة العاملة، من أجل إيصال صوت المرأة إلى السلطات العليا وتبليغ مشاكلها وكل المتاعب التي تواجهها على أمل إيجاد حلول للصعوبات التي تتخبط فيها المرأة بشكل عام من أجل إعطاء المكانة الحقيقية لها داخل المجتمع وإبراز دورها بوضوح في الحركة التنموية والتطورية للمجتمع. يظهر من اعتلائها لمختلف الرتب والمهن الصعبة تطور هام حظيت به المرأة في الجزائر بات دور المرأة فعالا في المجتمع الجزائري وهذا ما نراه جليا في اقتحام المرأة لكافة المجالات العملية، ولم يبق دورها محصورا في حدود الأسرة بل زاحمت أخيها الرجل في جميع ميادين الحياة وصارت مكملة له في حمل بعض المهام الثقيلة والتي لم يسجل من قبل حضور العنصر النسوي في حملها. نسيمة خباجة صارت المرأة الجزائرية حاضرة بقوة في مختلف المجالات حتى الصعبة منها واقتحمت ميدان تفكيك القنابل على الرغم من عدم توافق تلك المهن مع رهافة حس العنصر الأنثوي وطبيعته الخلقية، وخاضت جل الميادين الأخرى وحملت السلاح بالأمس وواصلت حمله في الوقت الحاضر دفاعا عن الوطن والدود عنه فكانت المرأة الشرطية والدركية، واعتلت مهاما رفيعة بالجمارك من دون أن ننسى ميادين أخرى مكملة وذات أهمية في بناء المجتمع وحفظ اتزانه. بحيث تطور وضع المرأة الجزائرية مقارنة عمّا كان عليه الحال من قبل وتمّ منحها العديد من الحقوق كالحق في التعلم والوصول إلى أعلى الرتب، إلى جانب وضع آليات جادة لحفظ صحة المرأة كونها وحسب طبيعتها الفيزيولوجية معرضة للعديد من المؤثرات فهي تحمل من أجل الحفاظ على العنصر البشري، لذلك وضعت الدولة الجزائرية العديد من الآليات التي تكفل حماية الأم الحامل والأم المرضعة بالنظر إلى الواجبات الملقاة على النسوة والتي تستدعي وضع آليات للحفاظ على الأمومة والطفولة وهي من بين الأهداف الرئيسية التي تهتم بها المصالح المختصة في الطفولة والأمومة إلى مستوى القطاع الصحي بدليل الإحصائيات الضئيلة أو حتى المنعدمة المتعلقة بموت المرأة أثناء المخاض، بحيث نادرا ما نسمع بذلك كون أن الصحة عرفت تطورا في ذات المجال اختلف عما كان عليه في السابق. التعليم هو الآخر قطاع لم تهضم حصص المرأة أو الفتاة منه وأضحت تنافس الفتيات الجنس الذكوري في كافة المراحل العلمية ابتداء من الطور الابتدائي وإلى غاية المدرجات الجامعية التي بات عدد البنات يعادل أو حتى يفوق عدد الذكور في بعض التخصصات العلمية، من دون أن ننسى مجال العمل التي اقتحمت فيه المرأة الجزائرية كل الميادين حتى الصعبة منها كالحماية المدنية، والشرطة الجنائية، ومجالات تفكيك القنابل... وغيرها من المجالات الأخرى التي يتعذر حصرها كلها في هذا المقام. ولتقريب وجهات نظر المواطنين في وضعية المرأة في الجزائر اقتربنا من بعض الرجال والنسوة لرصد آرائهن، فيروز موظفة عبرت بالقول أن المرأة في الجزائر تطورت من حيث اكتساب الحقوق التي كانت ومنذ سنوات مهضومة نوعا ما، ذلك ما يظهر من سماع كلمتها والأخذ بآرائها حتى على مستوى أعلى هرم في البلاد وهو البرلمان، بحيث صارت تمثل ثلث أعضاء البرلمان مما سيزيد من مكانتها من خلال إسماع صوتها والإدلاء برأيها في مختلف الميادين الحساسة التي تهم الوطن في إطار الإصلاحات التي تتكفل بها الدولة للرفع من شأن النسوة ومنح الدعم لهن في مختلف المجالات. السيد سعيد كهل رأى هو الآخر أن المرأة في الجزائر لم تعد ذلك الكائن الذي يطبخ ويكنس ويرعى الأولاد بالبيت وخرجت مسؤولية المرأة من حدود البيت لتشغل مسؤوليات ومهام كبيرة تعود بالنفع والخير على الوطن وهو ما يبرز الدور الكبير للمرأة في الجزائر، وحسب رأيه لم تعد تمثل نصف المجتمع بل تمثل المجتمع ككل.