لم يعد الحقل السياسي مقتصرا على العنصر الرّجالي فحسب، بل طال العنصر النّسوي بشكل ملفت للانتباه في الآونة الأخيرة خاصّة، حيث أصبحت هناك تشكيلات وأحزاب سياسية تحت قيادة نساء، كما شهد البرلمان استفادة النّساء من كوطات كبيرة للعضو النّسوي. أوّل من كرّم المرأة هو اللّه عزّ وجلّ الذي أعطاها كلّ حقوقها وكرّسها في الإسلام.. إنها الأمّ، الأخت والزّوجة والنّصف الآخر للرجل، حيث أنها أصبحت تسانده الآن في جميع مجالات الحياة على اختلاف أنواعها ولم يعد هناك مجال ممنوع أن تخوض فيه المرأة، أين كانت مهامها تقتصر على التربية والطبخ والاهتمام بالزّوج، لكن عقب الاستقلال أخذ مسار المرأة منحى آخر وأصبحت الطبيبة والمعلّمة والمهندسة وغيرها، وما شهدناه منذ حوالي 15 سنة هو اكتساحها عالم السياسة من بابه الواسع وقد ساعدتها في ذلك قرارات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي أعطاها كامل الحقوق لتخوض هذا المجال جنبا على جنب مع أخيها الرجل، وبعدما عرف أنه مجال للرّجال فقط بالأمس القريب أصبحت للمرأة الجزائرية كوطات في البرلمان، كما أصبحت رئيسة أحزاب وتنظيمات سياسية وأصبح لها رأي في مجال السياسة وصوت قوي في جميع المجالات دون مبالغة. بوجليطة: "مشاركة المرأة في الرئاسيات تضعها في الواجهة" ترى رئيسة جمعية الإطارات النّسوية الجزائرية من أجل إعادة الاعتبار للتأطير النّسوي وتوسيعه عائشة قوادري بوجلطية أن مشاركة المرأة في الانتخابات الرئاسية في الوقت الرّاهن مؤشّر رمزي أو بصمة تضع المرأة في الواجهة. وقالت قوادري بوجلطية إن نشاطات المرأة الجزائرية في مجال السياسة والأعمال الحالية لم تمكّنها بعد من تولّي مناصب أخذ القرار، وترشّحها للانتخابات الرئاسية يعتبر تمهيدا فقط تقول عائشة بوجلطية محاولة للسيطرة على مناصب وسطى. وأكّدت رئيسة جمعية الإطارات النّسوية الجزائرية أن جمعيتها تعمل على ترقية مناصب المرأة إداريا وسياسيا حتى تتبوأ مرتبة أخذ مناصب القرار، مشيرة إلى أن وضعها الحالي لا يرتقي بها إلى أن تصبح رائدة سياسيا واقتصاديا، وأن المهمّة الرئاسية يجب أن توكل إلى الرّجال دون أن تقصى المرأة نهائيا من المشاركة في الحراك السياسي والاجتماعي. وكشفت عائشة بوجلطية أن جمعيتها ستنظّم قبل الانتخابات الرئاسية القادمة لقاء لإطارات نسوية للمناقشة حول دور المرأة الجزائرية في الإدارة وبصفة خاصّة الإدارة المركزية. زهرة ظريف: "نساء الجزائر قادرات على صنع المستحيل" ترى المجاهدة والسيناتورة زهرة ظريف بيطاط أن نساء الجزائر كنّ ومازلن قادرات على صنع (المستحيل لأجل الجزائر، ولأجل الوحدة الوطنية). وقد أبانت بيطاط عن حكمة كبيرة حين رفضت الدخول في جدل مع أختها جميلة بوحيرد لأسباب تتعلّق بالسياسة، حيث قالت في ردّها عن سؤال الزملاء الإعلاميين: (جميلة بوحيرد أختي ولها حرّيتها في أيّ قرار، هي رمز من رموز أجيال الوطن، وهي أكبر من أيّ مرحلة من مراحل ما بعد الاستقلال)، مضيفة أن المرأة الجزائرية كانت مندمجة مع الملحمة الوطنية والتحدّي الكبير، (ولمّا افتككنا الاستقلال كانت الإرادة الشعبية موحّدة والمصير مشترك، وبعد الثورة المجيدة جاءت مؤشّرات الحراك الوطني وعشنا كلّ تلك المراحل وصولا إلى كلّ المكاسب المحقّقة رغم انطلاق جيل الاستقلال من نقطة الصفر ودفعنا ضريبة الاستقرار في عشرية الدم، والحوار كفيل بإخراج أيّ نقطة خلاف إلى ناصية الصواب.. لازملنا نكونو يد واحدة وعلى ربّي نسلكو من النعرات والفتن). المجاهدة التي ركّعت المستعمر الفرنسي رفقة حرائر الجزائر وجّهت رسالة إلى الجيل الحالي قائلة إن التغيير يحدث لكن بالذهنيات (لازم الجيل الجديد يحب بعضه البعض). وأكّدت المجاهدة زهرة ظريف بيطاط يوم الأربعاء الماضي بالجزائر العاصمة أن المرأة الجزائرية لها دور هامّ في تنمية البلاد على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية، وعليها أن تقتحم جميع قطاعات النشاط. وأبرزت بيطاط خلال ندوة متبوعة بنقاش حول (دور المرأة في تنمية المجتمع الجزائري) الذي نظّمته يومية (ديكا نيوز) أن (مكانة المرأة في المجتمع الجزائري ومساهمتها في تنمية البلاد تظهر في جميع المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية)، واعتبرت أنه ينبغي على المرأة أن تكافح من أجل ازدهار الجزائر من خلال التعليم والجدّية والمثابرة ولفرض نفسها في جميع الميادين باعتبارها مواطنة لها حقوقها وواجباتها، أين ذكّرت بأن الدستور الجزائري كرّس المساواة بين المرأة والرجل منذ 1962 ولا يمكن لأحد أن يشكّك في ذلك، وأردفت تقول في هذا السياق: (إنني أثق في الأجيال القادمة من النّساء اللاّئي سيحقّقن إنجازات جنبا إلى جنب مع أشقّائهن الرّجال من أجل بناء دولة قوية)، مشيرة إلى أن المرأة حقّقت الكثير من المكتسبات منذ 1962 وينبغي عليها أن تواصل العمل لانتزاع حقوق أخرى. في هذا الإطار، ذكّرت بيطاط بمشاركة المرأة الفعّالة إبّان حرب التحرير الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي، حيث (لا يمكن لأحد أن ينكر هذا الواقع)، وفيما يخص الانتخابات الرئاسية المقبلة اعتبرت أنه (من البديهي) أن تكون هناك اختلافات في وجهات النّظر، محذّرة في هذا الشأن من خطر (التهديدات الأجنبية) التي تحدق بالجزائر، داعية المواطنين الجزائريين إلى التحلّي ب (الحذر واليقظة). من جهتها، دعت النائبة سمّية فرفاني النّساء إلى التضامن والعمل إلى جانب أشقّائهن الرّجال (لبناء دولة قوية ومتطوّرة)، مؤكّدة على دور المجتمع المدني في الحفاظ على (استقرار البلاد). وأمّا السيناتورة زهية بن عروس، عضو في مجلس الأمّة، فقد أعربت عن أملها في أن تساهم المرأة الجزائرية بفعالية في الحياة السياسية، داعية إلى تمثيل أكبر للمرأة في البرلمان، وقالت إنه يجب على المرأة أن تقتحم جميع المجالات المهنية وإسماع صوتها أكثر فأكثر. ونعود لنقول إن كلّ من يظنّ أن المرأة الجزائرية لا تعي ما تفعل وليست قادرة على خوض غمار الرئاسيات عليه أن ينظر إلى العديد ممَن رفعن راية الجزائر حاملات الدم النوفمبري في عروقهن أمثال المجاهدات ك (جميلة بوحيرد).