غلام اللّه يتّهم الصحافة بتأويل تصريحاته دعا عبد الفتّاح زراوي حمداش، زعيم حزب جبهة الصحوة الحرّة الإسلامية السلفية (غير المعتمد)، بوعبد اللّه غلام اللّه إلى المسارعة بالتوبة إلى اللّه والاعتذار عن إهانة الحجاب بعد تصريح (صادم) أدلى به هذا الأخير اعتُبر تقليلا من قيمة الحجاب وإهانة للمحجّبات، وهو الأمر الذي أثار ردود أفعال غاضبة، ما دفع الوزير غلام إلى اتّهام الصحافة بتأويل تصريحاته التي نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية الرّسمية. شجّب حزب الصحوة الحرّة السلفي في بيان له تصريحات غلام اللّه وصنّف الأمر في خانة (محاربة الحجاب الذي فرضه اللّه على المؤمنات)، داعيا وزير الشؤون الدينية إلى (التوبة والاعتذار عن كلامه المخزي). ووصف الحزب الذي يتزعّمه عبد الفتّاح زراوي حمداش كلام غلام اللّه بالدعوة الصريحة إلى العُري والتبرّج والسفور، (فحسبنا اللّه ونِعم الوكيل فيه، فسبحان اللّه كيف يحارب الحجاب في بلاد الحجاب وبلاد الإسلام؟). وصنعت تصريحات صادمة أدلى بها وزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد اللّه غلام اللّه الحدث في الأيّام الأخيرة، حيث لم يتردّد الوزير الذي من المفترض أن يكون في طليعة المدافعين عن الحجاب والمحجّبات في إهانة مرتديات اللباس الشرعي للمرأة المسلمة حين قلّل من أهمّيته وبدا كأنه يعتبره غير ضروري أبدا، الأمر الذي يشكّل صدمة ليس للمحجّبات فقط، بل لعموم الجزائريين الذين يعرفون أن الحجاب فرض على كلّ امرأة مسلمة. وفوجئ الجزائريون وهم يتابعون إجابة وزير شؤون الدين غلام اللّه على سؤال طرح عليه حول رفض بعض الإدارات توظيف النّساء المتحجّبات، حيث قال: (الحجاب الحقيقي هو حجاب الأخلاق)، مضيفا أن (لكلّ وظيفة لباسها وعلى النّساء احترام ذلك)، وهو تصريح يعدّ إهانة مباشرة للمحجّبات، بل ويعدّ أيضا تطاولا على الشريعة التي تفرض الحجاب على النّساء، ورأى البعض أن تصريحا من هذا النوع يمكن توظيفه لتبرير التبرّج واللباس غير المحتشم الذي يغزو الجزائر. ووسط حالة من الانشغال بموضوع الانتخابات الرئاسية المقرّرة يوم 17 أفريل القادم وصراع المترشّحين لم نسمع الكثير من أصوات التنديد بتصريحات غلام اللّه، حيث اقتصر الأمر على كلّ من حزب حركة مجتمع السلم (حمس) وحزب الصحوة السلفي غير المعتمد. وكانت حركة مجتمع السلم قد قالت في بيان لها: (نتأسّف على مثل هذه الردود من مسؤول في الدولة الجزائرية الذي نص دستورها في المادة الثانية على أن الإسلام دين الدولة وكرّس المساواة بين الجزائريين والجزائريات من دون تمييز). وجاء في بيان (حمس): (نؤكّد على أن منع الجزائريات من التوظيف في بعض الإدارات والمؤسسات الجزائرية بسبب لباسهن هو خرق للدستور وقمع للحرّيات وهو تمييز بين النّساء الجزائريات). وللإشارة، فإنه لا يوجد نصّ في قانون العمل الجزائري يمنع المحجّبات من التوظيف، لكن عددا غير قليل من النّساء والفتيات يؤكّدن رفض توظيفهن في إدارات وشركات محلّية وأجنبية بسبب ارتدائهن للباس الشرعي للمرأة المسلمة، وهو أمر لا يحدث حتى في بعض البلدان الغربية. في سياق ذي صلة، احتجّ عدد من البرلمانيين وقيادات في حركة مجتمع السلم أمام مقرّ وزارة الشؤون الدينية ردّا على تصريحات بوعبد اللّه غلام اللّه. وشارك في الاحتجاج عدد من النّسوة اللاّئي رفعن شعارات مدافعة عن حرّية وأصالة المرأة الجزائرية وردّدن شعارات ضد التمييز بين النّساء في الوظيف بسبب الحجاب وبوجوب احترام الدستور. بعدها طلب الوزير مقابلة ممثّلات عن الحاضرات فكان له ذلك، ودخلت إليه كلّ من الأمينة الوطنية وعضو المكتب الوطني والأخت النائب وقد استقبلهن بحفاوة وتمّ الاستماع إلى انشغالهن، وذكر أن الكلام الذي نشر في الصحافة إنما هو كلام جرائد. وقد سلّم له البيان وخرجت الأخوات ليلتقين بالصحفيين الذين كانوا في المكان وتليْن عليهم البيان، ثمّ انصرفن وقد أديْن واجب النّصح والدفاع عن هوية المرأة وحقّها في أن تعيش في وطنها أبية مصونة الجانب. وسلّمت المحتجّات للوزير عريضة احتجاجية جاء فيها: (تعتبر مثل هذه التصريحات خرقا للدستور الذي نصّ في مادته الثانية على أن: دين الدولة هو الإسلام وإهانة للمنصب كوزير للشؤون الدينية والأوقاف وتجاوز لثوابت الشعب الجزائري وهويته العربية الأمازيغية الإسلامية، وتعتبر مثل هذه التصريحات إهانة لقطاع كبير من النّساء الجزائريات ومساس بمشاعرهن ودوس على تضحيات الشهيدات والشهداء وقيم أوّل نوفمبر، نؤكّد أن منع النّساء الجزائريات من التوظيف في بعض الإدارات والمؤسسات الجزائرية بسبب لباسهن هو خرق للدستور وقمع للحرّيات وتمييز بين النّساء الجزائريات وندعو وزير الشؤون الدينية والأوقاف إلى الاعتذار لكافّة الجزائريات وأن يكفّ عن المساس بالمشاعر والحرّيات الفردية التي كرّسها الدستور). ونفى الوزير خلال استقباله لعدد من المحتجّات ما نُسب إليه، وقال إن الصحافة أوّلت كلامه، ووعد بنقل انشغالات المحتجّات حول اشتراط بعض الوظائف الالتزام باللباس الرّسمي إلى الحكومة. للتذكير، فقد جاءت تصريحات الوزير في ردّ له عن رأيه في منع بعض النّساء من مزاولة وظائف معيّنة (الجيش، الأمن، الجمارك، الطيران، الحماية المدنية) بسبب لباسهن للحجاب، وكذا رفض صورة (القاضية) بالحجاب في البطاقة المهنية.