" البايرة" مصطلح شعبي عامي ويقصد به كل فتاة تأخرت عن الزواج وقد شبهها البعض بالأرض البور الفاسدة التي لم تعد صالحة للزراعة بحكم أنها تجاوزت سن محدد للزواج ولا تستطيع الإنجاب أو على الأقل تكون خصوبتها ضعيفة ومن تم يتبرم الشباب من الزواج بها. والمجتمع الجزائري يحدد سن العنوسة بالنسبة للفتاة في المجتمع القروي ب20سنة أما في المجتمع الحضري فقد يصل إلى سن 30سنة نظراً إلى أن الفتاة يجب أن تتم تعليمها قبل الارتباط والإنجاب. ومن بين الأسباب المساهمة في تفشي هذه الظاهرة الخطيرة التحولات الاجتماعية والتفافية كانتشار التعليم بين الإناث وطول المدة الدراسية وغياب ثقافة الجمع بين الدراسة وتكوين الأسرة وسيطرة الأنانية وحب الذات والرغبة في الاستقلال المالي والمعنوي. كما ان هناك عوامل أخرى ليست اقل أهمية مما ذكرنا كغياب وسائل الإعلام على صعيد التوعية بأهمية الزواج كما ان لوسائل منع الحمل دورا فعالا في نشر الفاحشة تجعل من الشباب يعزفون عن الزواج لأنهم وجدوا البديل الذي يعفيهم من الالتزامات المادية .زيادة على ذلك انتشار البطالة وغياب الوازع الديني لدى شريحة كبيرة من الشباب دون ان ننسى غلاء المهور والمبالغة في مصاريف الزواج. وهناك عامل آخر للمعضلة لا يمت بصلة إلى السكن أو الدخل وهي الأحكام الشائعة لدى الشباب حول المتخرجات من الجامعة وغالبا ما تكون المتخرجات قرويات وبالرغم من عدم وجود نسبة عزوبية كبيرة بها مقارنة بالمدن الكبرى إلا ان الريفيون يعزفون عن الزواج بهم بحكم سوء سمعة الجامعيات وتدهور الأخلاق واقتراف البعض لسلوكيات منحرفة وذالك بعيدا عن رقابة الأهل. وحسب آخر الإحصائيات الخاصة بنسبة العنوسة بالجزائر حيث قدر عدد العازبات على المستوى الوطني ب11 مليون عازبة من بينهم 5 ملايين فوق سن 35 سنة وهو رقم مرتفع جدا بالنظر لعدد سكان الجزائر البالغ 35.7 مليون نسمة وتعزو الدراسات التي قام بها المعهد الوطني للإحصاء ارتفاع العنوسة لدى النساء الجزائريات إلى عزوف الشبان المتواصل عن الزواج نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وعلى المستوى الاجتماعي يشير إخصائيون إلى إن للعنوسة نتائج خطيرة على الفرد والمجتمع إذ يمكن ان تؤدي إلى أمراض نفسية وتدفع العديد من الشباب إلى الانحراف الخلقي كما أنها مصدر أساسي لليأس والإحباط خاصة بالنسبة المرأة التي تعاني أكثر من الرجل. وتعد العنوسة آفة تهدد استقرار فارتفاع المستمر في نسبة العوانس من شأنه أن يعصف ببنية المجتمع وذالك لأن الآثار المترتبة عنه لا تمس المرأة فقط بل المجتمع ككل. ولعل من أهم الآثار ناجمة عن التعنيس تهرم السكاني بالإضافة إلى انتشار مختلف أنواع الانحرافات. من هنا أضحى التفكير بإيجاد حلول مناسبة للحد من كارثة العنوسة وذلك بتعدد الزوجات وعدم مغالاة في المهور والزواج المبكر لكلا الجنسين والتقليل من الطلبات غير الضرورية ومساهمة الإعلام بالتوعية بضرورة الزواج. وقد انتشرت في الفترة الأخيرة الجمعيات الخيرية التي تنضم أعراساً الجماعية وذلك بهدف تقليل مصاريف العرس وحتى تشجع الشبان الراغبين بالزواج وتحد من العنوسة لكن هذه المبادرة ما زالت محتشمة وتحتاج إلى تشجيع ودعم من طرف الدولة.