تترك الكثير من العائلات الجزائرية السيطرة للولد في البيت وأحيانا حتى لو كان أقل درجة منها، وقد تكون تربية الوالدين هي التي سمحت بترك الابن يتأمر على أخته ويحتقرها إلى درجة أن يضربها، وتعطى للأخ سواء كان صغيراً أو كبيراً عليها حرية التصرف في أخته وفرض شروط عليها بحق وغير حق، إضافة إلى صحبة السوء التي تجعل الذكر يظهِر رجولته أمام أصدقائه وعائلته كذلك، وبأنه هو الحاكم الأول في البيت بعد والده وأحيانا حتى في حضور والده، فمتى ستتحرر المرأة من سلطة الرجل عليها في حياتها، فمن سلطة الأب إلى سلطة الأخ ثم سلطة الزوج؟، هل هي ضريبة تدفعها لكونها أنثى ولا حول لها ولا قوة؟ وهل يستمد الرجل جبروته من قوته، أم من ضعف المرأة؟ شخصيات كهذه هي شخصيات ضعيفة تحاول إظهار قوتها المزيفة بالظلم والضرب لكن للأسف مجتمعنا هو الذي يقوي الظاهرة بوصف الابن على أنه رجل البيت يجب تنفيذ أوامره، ويجب أن يفرض هيبته على أهله وخاصة على أخته كي تخاف منه ولا تخرج دون علمه، ولا تلبس هذا أو ذاك، وتنظف له وتغسل ملابسه وكأنها جارية وليست أختا. رأي الشارع.. ولمعرفة آراء الشارع الجزائري حول الموضوع قامت (أخبار اليوم) بزيارة ميدانية، وكانت البداية مع (نسيمة) الطالبة الجامعية التي تعاني من هذا المشكل فبمجرد طرحنا السؤال عليها تنهدت تنهيدة تخفي وراءها الكثير لتقرر فتح قلبها (أنا أعاني من هذا المشكل منذ كنت صغيرة بسبب أخي الكبير الذي لاتتوفر لديه روح المسؤولية)، مرجعة ذلك إلى الدلال الزائد من قبل الأب حتى أصبح هذا الأخير لا يسيطر عليه، لتضيف قائلة (مع كل دخلة وخرجة ناخد طريحة بدون سبب خاصة إذا طلب مني النقود لصرفهم على الكحول ولم أعطه). أما سامية هي الأخرى تعاني من سلطة الأخ لكن تقول في حدود المعقول (أخي سمير هو الأخ الأكبر في البيت لذا لديه كل الحق حسب والداي في السيطرة علينا نحن البنات متى ندخل ومتى نخرج ماذا نلبس ماذا نأكل فإن تأخرت واحدة منا حتى وإن كان لسبب مبرر تأخذ نصيبها من العصى) لتواصل قائلة إن هذا راجع إلى العادات والتقاليد والثقافة التي تربوا عليها في العائلة. أما (أحمد) هو الأخ الوحيد من بين خمس بنات يقول (منحبش نفتحلهم العين لكن أحبهن وأخاف عليهن ومستحيل أن أمد يدي عليهن لكن أعاتب وأنصح بالكلام وحتى مرات يصل الأمر حتى إلى الصراخ لكن من أجل مصلحتهن). وترى الدكتورة (أمينة .ب) أخصائية في علم النفس الاجتماعي أن أساس هذه المشكلة هي التربية و طبيعة المجتمع الشرقي الذي لا بفضل الولد على البنت؛ لدرجة أن بعض الأولاد يعتقدون أن الفتاة خادمة لديهم، فيلجأ الذكر إلى أن يبرز نفسه وسلطته وقوته أمام أخواته ويزعم بان هذه النظرة مقياسا للرجولة وهذا بالتأكيد أكبر خطأ. وأضافت أن تسلط الأخ قد يدفع الأخت إلى البحث عمن يهتم بها من خارج المنزل، أو قضاء ساعات طويلة أمام وسائل الترفيه بحثاً عن متنفس، مشيرة إلى مسألة مهمة وهي إحجام الفتاة وعزوفها عن الزواج نتيجة تخوفها من أن يكون الرجل الذي سترتبط به له نفس الطباع التي تراها في أخيها المتسلط، أو قد تعمد إلى الزواج من أي شخص لغرض الهروب من الواقع الذي تعيش فيه، داعية إلى زيادة الوعي الأسري وخاصة وعي الوالدين، وأن البنت والولد مكملان لبعضهما، ولا يحق للأخ السيطرة على أخته بأي حال من الأحوال، كما دعت مؤسسات المجتمع بدور أكثر فاعلية في تصحيح مفاهيم الرجولة، وأنها لا تعني السيطرة فقط، كما يجب تفهم طبيعة المرأة وأنها مخلوق مرهف يتعامل بعاطفة وبأخلاق رائعة لأنها هي الأم والمربية وأساس المجتمع لذا لابد من تصحيح مفاهيم الرجولة. وأشارت المتحدثة أن من أهم الأسباب كذلك التدليل الذي يوفر للذكر في بداية طفولته، إما لأنه الصبي الوحيد أو البكر فيدلل الأمر الذي يترك أثرا سيئا في ترسيخ مبدأ الأنانية لديه وبأن من حقه امتلاك الأشياء دون أن يتدخل الغير في ذلك، ولذلك فإن النفسيين يؤكدون بأن التدليل أسوأ من الإهمال، فالإهمال يتيح الفرصة للآخرين بأن يربوا هذا الطفل، أما التدليل فهو يضع حاجزا على الطفل يمنع الآخرين من التدخل في تربيته فيصاب بأمراض كثيرة، ولذلك يفقد علاقاته الحميمة مع أسرته، فغالبية تسلط الابن تبدأ في سن مراهقته وهناك من يستمر في استبداده حتى بعد زواجه فالتدليل أسوا من الإهمال. رفقا بالقوارير.. أسلوب الحوار والصراحة داخل المحيط الأسري أمر في غاية الأهمية باعتبار الأسرة نقطة الانطلاق الأولى التي تعزز ثقة الفرد في التواصل مع الآخرين، بل النواة الأساسية التي يتشكل فيها تعامل الفرد مع الغير، وإذا افتقد هذا الحوار مع أقرب الناس إليه فإنه من الصعب أن يجده لدى الآخرين، وأحيانا تتشكل المفاهيم الإيجابية ووجهات النظر والآراء السديدة من خلال تبادل الآراء واحترام وجهات النظر داخل الأسرة الواحدة، وسيادة مبدأ الإقناع بالحجة والمنطق، وغياب وسائل القهر والإذلال وفرض الآراء بالقوة. الحمد لله أن هذه الظاهرة ليست في كل البيوت الجزائرية، فهناك عائلات يولد فيها الاحترام منذ الصغر، والأخ يخاف ويحمي أخته حتى من نفسه، ولا يؤذيها، خاصة إذا كان متعلما، فالتفاهم بالنسبة له ركيزة الاحترام والتوجيه بالمعاملة الحسنة. حرية المرأة ليست كحرية الرجل، فالمرأة إذا طالبت بحريتها فإنها فقط تطالب بأبسط حقوقها، أما الرجل فلا يطالب بحريته وإنما يفرض عادات سيئة وسلوكات عنيفة فقط لأنه أدرك يوم رشده أنه رجل ...فرفقا بالقوارير.