تنتشر في أوساط العائلات الجزائرية بعض العادات والتقاليد التي قد لا نجدها في أسر أخرى، ومن بين الأمور المعروفة التي تنتشر داخل الأسر هو إعطاء الحق عند البعض للابن الأكبر في التدخل وتسيير أمور المنزل عند غياب الأب الذي يعتبر صاحب الكلمة الأولى والأخيرة، فهو الناهي والآمر في نفس الوقت، إلا أن احتلال الابن الأكبر لهذه المكانة له سلبياته وإيجابياته. حيث يلجأ الابن الأكبر داخل الأسرة إلى التدخل في الشؤون الخاصة لأفراد العائلة ليبقى دور الأم بذلك في الظل خارج مجال التغطية بسبب احتلال الابن للمكانة التي يفترض أن تكون فيها بعد غياب الأب، إلا أن التربية والنشأة التي نمى عليها الابن الاكبر من خلال تدليله والسماح له بالتدخل في الشؤون الخاصة لباقي أفراد العائلة قد ينعكس بالسلب في الكثير من الأحيان، حيث يبقى القرار في يد الابن الذي يعتبر نفسه رجل البيت، وأحيانا وفي ظل وجود الأب وقيامه بكل أعباء سلطته على البنات والأولاد يتخذ الأخ الأكبر لنفسه هامشا ما يضيق ويتسع في السلطة، حيث تنتشر هذه الظاهرة في معظم البيوت إذ يتكرر هذا المشهد، فالبنت حبة عين أمها وأبيها تريد الخروج للترويح عن نفسها أو للدراسة أو حتى العمل ليعترضها شقيقها الأكبر أو الأصغر الذي يبدأ في إصدار الأوامر، ممنوع الخروج إلى أين تذهبين؟ وغيرها من الأسئلة الروتينية المعروفة لدى أغلبية الجزائريين ليبدأ سيناريو لمشادة كلامية بين الأخ الأكبر والبنت لينتهي القرار في الأخير للابن بعدم خروج الأخت إلا بإذنه، ويزداد الأمر خطورة لهذا التدخل عندما يكون بحضور الوالدين الذين يلتزمون موقف المتفرج بدل التدخل لحل النزاع وإلزام الابن الأكبر بالتزام حدوده. من خلال خرجتنا الميدانية التي قادتنا إلى جامعة الجزائر ببوزريعة استطعنا أن نحصل على مجموعة معتبرة من الآراء للطلبة الذين كانوا متواجدين بالمكان حول هذه الظاهرة ومنهم الأساتذة أيضا، وحسب ما أفادنا به أحد الدكاترة بالجامعة معلقا برأيه حول الموضوع قائلا: (من المعروف لدينا أن مجتمعنا الجزائري يعلي شأن الذكر ويفضله على الأنثى ومعظم الأسر تغرس هذه النظرة مما يجعل الولد ينظر إلى أخته بنفس المعيار على أنها مخلوق أدنى منه، نفس الشيء لدى البنت تعتقد أنها أدنى من أخيها وأنه أفضل منها،حيث تزداد حجم السلطة مع زيادة انشغال الأب، إذ يشعر الأخ هنا أنه رجل ويجب أن تطيعه أخته سواء كانت أصغر منه أو أكبر منه لأنه يحمل امتيازات كونه الذكر وهي الأنثى ولذلك يمارس سلطته بنوع من الاستبداد والديكتاتورية، وفي حين أن البنت تسعى للتخلص من كافة الضغوط والقيود بينما يسعى الشاب لفرض سيطرته على شقيقاته ليشعر في أعماقه بأنه كبر وأصبح رجلاً له كلمة مسموعة، وتزداد الأزمة في تدليل الوالدين لابنهما وتماديه في السلطة، كذلك لا ننسى إن كان الولد لديه خبرات سيئة في تعاملاته خارج البيت لأن في هذه الحالة سيكون متشددا مع شقيقته قاسيا معها من منطلق حرصه على ألا تكون مثل الأخريات اللواتي يعرفهن، لذلك كثيرا ما ترفض البنت الإذعان وإن اضطرت تحت الضغط فإنها ستفعل ما تريد في الخفاء). في هذا الشأن تقول (هديل) طالبة بجامعة بوزريعة: (باعتباري الابنة الوحيدة في البيت وسط اخوتي فإنني أتعرض للضغط الشديد بسبب المراقبة المبالغ فيها من طرف العائلة، حيث يفرضون علّي قيودا كثيرة، خاصة في غياب والدي الذي يتفهمني كثيرا ولا يقبل مثل هذه التصرفات علي في حضوره) مما أوجب على الآباء ألا يتخلوا عن مسؤوليتهم ودورهم، ولا يجب أن يتمادى الابن في سلطته ولا يتجاوز حده في ذلك، وإذا تجاوزها يجب إيقافه عند حده، وإعطاء البنت حقها بحيث لا تكون ناقمة على الأسرة ككل لعدم تقديرهم لمشاعرها.