"برنار ليفي"، شخصية ارتقت بكل قوة على أجساد آلاف من الضحايا الأبرياء في العالم العربي، فلقد تحول في ظرف قصير إلى الرجل الخفي الواقف عند كل زلزال يضرب الأراضي العربية المسلمة، الى حد أطلق عليها البعض شيطان الربيع العربي، والآن في خضم الأحداث المتسارعة التي تعرفها ليبيا والتي من المكن أن تؤدي إلى انقسام الدولة، عاد للظهور من جديد للوقوف عل أشلاء الشعب الليبي ومن ثمة توسيع دائرة التناحر إلى حدود الدول المجاورة. نصير الثورة الليبية برنار هنري ليفي ونصير الانقسام العربي، أطلقت عليه أوصاف عدة منها "مهندس الربيع العربي"، "عراب الربيع العربي"، "مرشد الثورة الليبية"، فيما حرص مناوئوه على لقب واحد هو "شيطان الربيع العربي". أما هو فيطرب إلى "لورانس العرب"، في استحضار للشخصية البريطانية التاريخية في جزيرة العرب قبل تشكلها الحديث. صدرت أخبار الزيارة من طرف واحد، هو أنصار "عملية الكرامة"، ولم تظهر شخصية واحدة من القائمين على الحكم في طرابلس تؤكد خبر زيارة أكثر شخصية أجنبية ارتبطت بثورة 17 فبراير، فلم يؤكد مسؤول ليبي واحد نبأ زيارة الفرنسي برنار هنري ليفي العاصمة الليبية طرابلس، بعد اندلاع "معركة الكرامة" من بنغازي شرقاً وقفزها سريعاً إلى طرابلس غرباً. اسم برنار هنري ليفي لا يغيب كثيراً عن النزاعات الكبرى. ونجمه العربي صعد سريعاً مع الثورة الليبية، بعد أسابيع قليلة من اندلاعها في فبراير 2013. وساعد قربه من الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي، الذي تولى الملف الليبي شخصياً، في تعزيز حضوره الإعلامي والسياسي، ونقله من مجرد مفكّر ومراقب لصعود الثورة إلى وسيط وحامل رسائل ومنسق لقاءات بين قصر الرئاسة الفرنسي وبنغازي ومن ثم مصراته فطرابلس. وُلد برنار هنري ليفي لأسرة يهودية في 5 نوفمبر قبل 66 عاماً، في بلدة جزائرية صغيرة مطلّة على البحر الأبيض المتوسط. بلدة بني صاف لا تضم سوى 50 ألف نسمة خلال مرحلة الاستعمار الفرنسي، وعلى الطرف المقابل مدينة كان، التي يفضّل ليفي قضاء وقت طويل فيها.. وفي هذه المدينة الفرنسية الساحلية الساحرة كان له لقاء مع ضباط من ثوار ليبيا بعد اندلاعها، وقبل إسقاط معمر القذافي، وفي كل بؤرة توتر في الأمة يقف شيطان العربي ليؤجج الفتنة من جديد ويخرج سالما بطلا بلا منازع.. ووَرِث ليفي الكثير من المال بعد رحيل والده قبل عقدين. ولكن المال الوفير جداً لم يشغله عن اهتمامات بدأها في ال23 من عمره، عندما قرر الذهاب إلى بنغلاديش صحافياً، لتغطية حرب انفصالها عن باكستان عام 71، وواصل دراساته الأكاديمية في الفلسفة، وجدّد تجربة العمل الميداني مرة أخرى في البوسنة، وكان أحد دعاة خلاص الحرب اليوغسلافية بالتدخل العسكري، الذي جاء متأخراً سنوات أي ان اللجوء الى العنف كان راسخا في نفسيته منذ شبابه واستمر ليشمل العرب ألذ أعدائه. وهو على خلاف بقية الفلاسفة الانطوائيين، يعيش حياة النجوم بتفاصيلها، بلباس فاخر وقميص مفتوح الصدر وشعر ثائر، وانضباط مفرط في مناسبات النجوم.. أما عن دوره في الوساطة في ليبيا ، فكشف حينها عن مباحثات غير مكتملة بين القذافي والثوار والرئيس الفرنسي عبر مناسبتين: الأولى في باريس، والثانية في جنوبفرنسا، عندما تقدم سيف الإسلام بمقترح اتفاق أولاً، وأتبعه والده معمّر بمقترح آخر، غير أن المباحثات كانت تنتهي سريعاً؛ لأن الشرط الوحيد للمجلس الانتقالي كان بمغادرة القذافي وأسرته. الكثير من الجدل يحيط بشخصية ليفي، وأكثر ما يثيره الجمهور العربي، إيمانه بإسرائيل وصهيونته التي يخفيها في ضوء عينيه، والتي تظهر في الإطراء على جيشها عندما وصفه ب"الديمقراطي". وفي أحاديثه الصحافية حافظ على موقفه بالقول إن "جميع الجيوش تقوم بأعمال قذرة بالطبع ومنها الجيش الإسرائيلي"، غير أنه لم يرَ في حياته "جيشاً يطرح على نفسه هذا الكمّ من الأسئلة الأخلاقية"، ويحاسب القائمين عليه. هذا ليس كل شيء عن برنار هنري ليفي، "لورانس والشيطان في ليبيا"، الذي فور نهاية معمّر القذافي وحكمه تنبأ بصراع شرس ينشب بين طرفي الثورة: المعتدلين والمتشددين، تجلّت صورته في "معركة الكرامة" اليوم، والتي ربما هي من أعادته إلى طرابلس وسيطاً أو حامل رسالة أو مجرد مراقب، إن صدق نبأ زيارته.