بوداود: نحتاج إلى استراتيجية عمل جادّة أحدث انهيار بنايات في كلّ من وهرانوالجزائر العاصمة في أقلّ من أسبوع قلقا واستياء كبيرين لدى قاطني السكنات الهشّة عبر التراب الوطني والمقدّر عددها -حسب الوزارة الوصية- بألف بناية، في الوقت الذي أحصت فيه مكاتب المراقبة التقنية للبناء ما يزيد عن 46 ألف بناية مهدّدة بالانهيار بين لحظة وأخرى في العاصمة وحدها. كشفت تقارير المراقبة التقنية للبناء عن وجود آلاف البنايات الهشّة عبر عدّة مناطق، ممّا يستوجب ضرورة ترميمها أو هدمها كلّيا، خاصّة وأن التقارير تشير إلى أن مجرّد سقوط قطرات المطر أو هزّة أرضية حتى ولو كانت ضعيفة أو ارتدادية تكون كافية لإحداث الانهيار، لكن رغم ذلك يضطرّ قاطنوها إلى العيش فيها لاستحالة إيجاد بديل أو عجز السلطات عن القضاء على الظاهرة بشكل جذري. 05 قتلى و03 جرحى في انهيار بنايات بالعاصمة ووهران في أسبوع ما تزال العمارات الآيلة للسقوط تحصد أرواح قاطنيها، حيث فزع الجزائريون في ظرف أسبوع بوفاة 05 أشخاص ومحاصرة 03 آخرين بسبب انهيار منازلهم، حيث سُجّل حادثان بوهران، الأوّل تسبّب في وفاة 04 أفراد من عائلة واحدة تحت الأنقاض بحي (كارطو) بسبب انجراف التربة بجبل صخري مجاور في ال 08 جوان الجاري، وهو ما خلّف احتجاجات عارمة قبل أن يستيقظ سكان حي (سيدي الهواري) بنفس الولاية أوّل أمس على خبر انهيار جزئي لبناية هشّة أدّى إلى محاصرة ثلاثة أفراد من عائلة واحدة داخل غرفة إلى أن تدخّلت مصالح الحماية المدنية وقدّمت لهم يد المساعدة وقامت بإنقاذهم. وكان الانهيار على مستوى شارع (مسعودي عبد القادر)، إذ تحطّمت السلالم الرّابطة بين الطابق العلوي والطابق السفلي وأدّت إلى إصابة الضحايا بجروح خفيفة، من بينهم عجوز طاعنة في السنّ أغمي عليها، وقد تمّ إسعافهم نحو مصلحة الاستعجالات وإزالة ركام الانهيار لإنقاذ باقي العائلات. والعاصمة هي الأخرى سجّلت في ال 09 جوان الجاري انهيار بناية بحي (ميسونيي) في قلب بلدية (سيدي امحمد) أدّى إلى وفاة امرأة في العقد السابع من عمرها بعد صراع دام أزيد من 24 ساعة مع آلام الكسور التي أُصيبت بها بعد انتشالها من تحت الأنقاض، والتي كانت جدّ بليغة على مستوى الجمجمة والرجلين. هذه الحادثة التي وقعت في حدود الساعة التاسعة إلاّ ربع صباحا، خلّفت ذعرا في أوساط المارّة وأصحاب المحلاّت والسكنات المجاورة، كما تضرّرت سيّارات كانت مركونة بجانب المبنى. وزارة السكن تحصي ألف بناية هشّة عبر الوطن سيتمّ ترحيل قاطنيها قريبا أفاد وزير السكن والعمران عبد المجيد تبّون مؤخّرا بأن عدد البنايات الهشّة في الجزائر لا يفوق ال 100 بناية سيتمّ التكفّل بقاطنيها نهائيا خلال عملية الترحيل التي ستنطلق في ال 21 جوان الجاري، مرجعا التأخّر في التكفّل بها إلى (صعوبات تقنية وقانونية)، مشيرا إلى أنه في العاصمة يوجد ما بين 15 و20 عمارة هشّة بحاجة إلى الترميم أو الهدم من بين 75 عمارة شرع في التكفّل بها منذ سنوات، حسب الوزير. وذكر الوزير في هذا الإطار أن عمليات الترميم والهدم انطلقت منذ سنوات في الكثير من الولايات، لكن مشكل اِلتصاق العمارات ببعضها ومشكلة الملكية صعّبا من تقدّم العملية، مشيرا إلى أن نسق النّسيج العمراني بالنّسبة لبعض الأحياء كباب الوادي حال دون التمكّن من هدم العمارات الآيلة للسقوط والمصنّفة منذ 10 سنوات في الخانة الحمراء. بوداود: ليست لدينا استراتيجية عمل جادّة.. وأرقام الوزارة بعيدة جدّا عن الواقع أكّد عبد الحميد بوداو رئيس المجمّع الجزائري لخبراء البناء والمهندسين المعماريين في اتّصال هاتفي مع (أخبار اليوم) أن الأرقام التي تحدّث عنها وزير السكن بعيدا جدّا عن الواقع، قائلا: (لو تحدّثنا بلغة الأرقام والتاريخ ففرنسا عندما غادرت الجزائر تركت مليون و800 ألف وحدة سكنية موزّعة كالآتي: 600 ألف وحدة بالجزائر الوسطى، 435 ألف وحدة بوهران، 600 ألف وحدة بقسنطينة و154 ألف وحدة بالجنوب)، موضّحا أن (العاصمة وحدها يوجد بها مليون و736 ألف عمارة منها 1888 شيّدت سنة 1850). وأوضح ذات المتحدّث أن التأخّر في التكفّل بالبنايات الهشّة يعود إلى صعوبات تقنية وقانونية، مؤكّدا أن العاصمة وحدها توجد بها سبع بلديات مهدّدة بخطر الانهيار وهي القصبة، باب الوادي، بولوغين، سيدي امحمد، بلوزداد، المدنية، حسين داي، الحرّاش والقبّة، حيث سجّلت آخر التقارير وجود 2400 وحدة سكنية في الجزائر الوسطى، 1226 وحدة في بوزريعة، 2090 وحدة في الأبيار، 2563 في حسين داي، 1484 في القبّة، 1942 في الحرّاش و2880 وحدة في بولوغين، كلّها تشكّل خطرا على حياة قاطنيها. وأوضح بوداود أن غياب استراتيجية عمل جادّة حال دون القضاء على هذه الظاهرة، مؤكّدا أن الدولة مطالبة اليوم بإيجاد حلول لهذه البنايات، مبيّنا أن تخصيص ميزانية ضخمة تقدّر ب 50 ألف مليار دينار للقضاء على هذه البنايات ليس حلاّ، بل لابد من خطّة عمل مشتركة بين جميع بلديات القطر الوطني المقدّر عددها ب 1541 بلدية من أجل القيام بعملية إحصاء ومسح حقيقي لهذه البنايات حتى يتمّ إعداد دفتر صحّي لكلّ بناية من طرف الخبراء والمهندسين المعماريين، فالأميار هم من تقع على عاتقهم مسإولية التكفّل بهذه السكنات الهشّة على مستوى كلّ البلديات لتسهيل عملية تحديد الاحتياجات المادية اللاّزمة لهدم أو إعادة تأهيل أو تمتين تلك الوحدات). وصف رئيس المجمّع الجزائري لخبراء البناء ارتفاع عدد ضحايا الانهيارات باللاّ شيء في نظر السلطات الجزائرية، موضّحا أن وفاة خمسة أشخاص في انهيار بناية بولاية وهران لم يكثرت لها أيّ مسؤول، فسعرهم سعر القطط -حسبه-، داعيا السلطات إلى ترك سياسة (البريكولاج) والعمل بجدّ في إحصاء هذه السكنات التي ستتسبّب في كارثة إنسانية لا محالة في حال عدم التكفّل السريع بها، خاصّة وأنها لا تعني فقط العمارات السكنية، بل تدخل في دائرتها بعض المؤسسات العمومية والوزارات والؤسسسات التربوية. وفيما يخص تحجّج الوزارة بملكية العمارات للخواص فقد أوضح المتحدّث أن الحكومة باستطاعتها سنّ مرسوم تنفيذي يفضي للوصول إلى اتّفاق مع الخواص لهدم البنايات وإعادة بيعها مع تقاسم نسب ملكيتها بين الطرفين، مشيرا إلى أن الجزائر بحاجة إلى خبرة الدول الأجنبية في هذا المجال من خلال عقد شراكة معها، من بينها فرنسا، تركيا، يوغسلافيا، إسبانيا، اليونان، وغيرها، حيث لابد من العمل معها من أجل تكوين اليد العاملة الجزائرية حتى نكون قادرين على الاستثمار في هذا المجال دون وجود شريك أجنبي. العاصمة في المرتبة الأولى ب 65 ألف بناية كشفت تقارير الهيئة الوطنية للمراقبة التقنية للبناء أن العاصمة تحتلّ المرتبة الأولى من حيث عدد البنايات الآيلة للسقوط ب 65 ألف بناية كلّها تعود إلى الحقبة الاستعمارية، تليها وهران ب 54 ألف بناية، ثمّ ولاية المسيلة، حيث مسح ما لا يقلّ عن 23 ألف مسكن يدخل في خانة المساكن غير اللاّئقة والآيلة للسقوط، حسب إحصائية تعود إلى عام 2007. وقالت ذات المصادر إن أغلب هذه المساكن هي عبارة عن أحياء عتيقة موزّعة على أنحاء متفرّقة من إقليم الولاية، لتحتلّ ولاية المدية المرتبة الرّابعة بأزيد من 15 ألف وحدة سكنية، 6661 وحدة سكنية هشّة عبر ولاية مستغانم، منها ما يزيد عن 1000 وحدة سكنية هشّة بالنّسيج العمراني الحضري بمستغانم لوحدها وما يفوق 500 وحدة توجد في مرحلة متقدّمة من التآكل جرّاء نسبة الرطوبة وتسرّب مياه الأمطار وانزلاق التربة وتصاعد مياه الصرف الصحّي، تليها ولاية سطيف بأزيد من 06 آلاف سكن هشّ و5400 عائلة في سعيدة في سكنات هشّة، ثمّ غرداية ب 140 بناية ومسكن آيل للسقوط في 5 أحياء بعاصمة الولاية، لتحتلّ ولاية عنابة المرتبة الأخير ة بعدما أحصى الديوان البلدي لترميم الأحياء القديمة بعنابة 83 بناية آيلة للسقوط بالمدينة القديمة.