تعدّ صحراء النمامشة التابعة إقليميا لبلدية بابار ولاية خنشلة الكنز الذي لا يفنى، والذي تعوّل عليه الجزائر بأكملها، حيث حقّقت هذه السنة رغم الجفاف الذي ضرب المنطقة المرتبة الأولى في إنتاج الحبوب وبالأخصّ القمح الموجّه للبذور، كما تعد بالخير الكثير والإنتاج الوفير لو وجدت الدّعم الكامل من طرف الدولة، خاصّة وأن أغلب الفلاّحين انتهجوا سياسة الدولة الرّامية إلى استصلاح الأراضي والنّهوض بقطاع الفلاحة الذي يعدّ من أولى أولويات برنامج رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، وكذا اتّباع التوصيات والنّصائح الصادرة من طرف مديرية المصالح الفلاحية للولاية والداعية إلى تكثيف زراعة الحبوب وغراسة النّخيل وأشجار الزيتون، أضف إلى ذلك تدعيم الدولة للسقي والرشّ المحوري الذي يهدف إلى الحفاظ على منسوب المياه الباطنية وتوزيع الثروة الطبيعية بشكل عقلاني ومفيد· وقد انصبّت جلّ اهتمامات الولاية على هذه الرّقعة الجوهرة من الأرض التي يستثمر فيها فلاّحون من ثلاث بلديات هي بابار المسيّرة للصحراء إداريا وبلديتا المحمل وأولاد رشاش، وهي البلديات الممثّلة لعرش النمامشة أكبر عرش بالمنطقة، خاصّة بعد إنجاز سوق الجملة للخضر الفواكه بعقلة لبعارة الذي استهلك الملايير قصد التخفيف من معاناة الفلاّحين أثناء تسويقهم لمنتوجاتهم إلى الولايات المجاورة· وقد قسمت هذه الأرض بين الأعراش منذ العصور الغابرة قبل حتى مجيء الاستعمار وخاصّة ما يسمّى بالنفائظ التي قسمت على أساس أنها عبارة عن قطع أرضية أطلق عليها مصطلح الحبال لكلّ فرد من عائلات هذه الأعراش حبل منها، وقد منحت الدولة أراضي للاستثمار خارج محيط هذه النفائظ، أي فوق ما يسمّى بالدومان أراضي الدولة وحدّدت النفائظ التابعة للعرش بمعالم وحدود فرضت على كلّ مستثمر احترامها· غير أن جشع وطمع بعض هؤلاء المستثمرين دفع بهم إلى تخطّي المعالم والاستثمار داخل هذه الأراضي المسمّاة بالنفائظ، ممّا أثار حفيظة الأعراش والمواطنين عبر هذه البلديات الثلاث باعتبار أن كلّ فرد منهم له الحقّ في النفيظة التابعة لعرشه وقاموا بعدّة محاولات خلال السنوات الفارطة لردع هؤلاء الانتهازيين وذلك بردم آبارهم المحفورة داخل النفائظ وإتلاف محاصيلهم لجعلهم عبرة لغيرهم· وقد أدّت هذه الأعمال إلى تعطيل عقود الملكية للفلاّحين نظرا لكثرة المشاكل من هذا النّوع، ممّا دفع بالسلطات المحلّية والتنفيذية إلى تجميد إمضاء عقود الملكية وتوقيف عمليات المسح لأراضي هؤلاء الفلاحين· وهذه المرّة وكسابقاتها من المرّات قامت مجموعة من المستثمرين يتعدّى عددهم الخمسة أفراد بالاعتداء على الأراضي التابعة للعرش، أي ما يسمّى بالنفيظة التابعة لأعراش بلدية المحمل وحفروا فيها آبارا إرتوازية وقاموا بغراسة النّخيل والزيتون عليها وكذا إنشاء البيوت البلاستيكية، ممّا دفع بحوالي ألف و200 شخص من أعراش بلدية المحمل إلى الإحتجاج والتهديد بردم هذه الآبار، غير أن أعيان البلدية قاموا بتهدئتهم بعد أن نظّموا اجتماعا بمقرّ بلدية المحمل صباح أوّل أمس ترأسه رئيس المجلس البلدي لبلدية المحمل الذي وعدهم بنقل انشغالهم للسلطات المحلّية والتنفيذية للولاية قصد اتّخاذ التدابير اللاّزمة لإخراج هؤلاء المستثمرين من أراضي العرش· من جهته، رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية بابار المسؤولة إقليميا وإداريا عن المنطقة وفي اتّصال هاتفي معه أكّد استقباله لأعيان بلدية المحمل وإجراء مناقشات حول الوضع خلصت إلى وعده إيّاهم بتشكيل لجنة من طرف البلدية لدراسة الوضع والتنقّل رفقة الأعيان إلى عين المكان والقيام بإخراج كلّ من تعدّى الحدود والمعالم التي وضعتها الدولة لتحديد أراضي العرش والمسمّاة بالنّفائظ تفاديا لحدوث بعض المشاكل والانزلاقات الخطيرة بين الأعراش·