الآفة تتضاعف في موسم الصيف بسبب استعمال المكيفات الهوائية الإمام قسول: هي سلوكات غير أخلاقية يحرّمها الإسلام يعتبر فصل الصيف من أصعب الفصول في السنة على الإطلاق وذلك نظرا للحر الشديد الذي يميز هذا الشهر، لذلك يلجأ الكثير من الجزائريين إلى اقتناء المكيّفات الهوائية الكهربائية منذ بداية حلوله ولكن وبعد مرور فترة على استغلال الجهاز وبعد الإحساس بنعومة البرودة، يأتي بعدها مباشرة الشعور بلهيب غلاء فاتورة الكهرباء التي تدفع بالعديد من أرباب العائلات فيما بعد إلى البحث عن العديد من الحيل التي يتمكنون خلالها من إيقاف العداد الكهربائي عن العمل، واستعمال الطاقة الكهربائية مجانا لتوفير قسط من المال. عتيقة مغوفل الماشي في شوارع العاصمة يلاحظ الكم الهائل من المكيفات الهوائية الموجودة على جدران الشرفات بالعديد من العمارات، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط فقد توسعت الظاهرة حتى وصلت البيوت القصديرية والشاليهات، فمن خلال الخرجات الميدانية التي قادتنا للعديد من هذه المواقع في تغطيات سابقة، لاحظنا عددا هائلا من هذه المكيفات، ولعل ما شد انتباهنا كثيرا وجود مكيف هوائي من الحجم الكبير في بيت قصديري مساحته2 متر مربع، وأدهى ما في الأمر أن كل شخص يكسب مكيفا يشغله في درجات باردة جدا، فبعض الناس يحبون أن ينعموا ببرودة الشتاء في فصل الصيف فيشغلون هذه المكيفات في درجة 16 درجة مئوية، وهذا يعني استهلاك الطاقة بكميات كبيرة، و(الكونتور يدور) على حد تعبير الشارع الجزائري ما يجعله يسجل فاتورة غالية الثمن يصعب تسديديها في كثير من الأحيان. فواتير الكهرباء بأسعار خيالية بسبب المكيفات أردنا في بداية موضوعنا أن نرصد آراء بعض المواطنين الذي يستعملون المكيفات الهوائية في منزلهم من أجل التبريد، وذلك حتى نعرف قيمة الفواتير التي تصل إلى هؤلاء. وكان أول من قابلنا السيد (يوسف) الذي يبلغ من العمر 56 ربيعا متزوج وأب لأربعة أطفال، سألناه إن كان يملك مكيفا هوائيا فأجابنا أنه يملك واحدا ومن الحجم الكبير، اقتناه منذ سنتين يستعمله من بداية شهر جوان إلى غاية أواخر سبتمبر، فقد أصبح في البيت ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، عدنا وسألنا السيد (يوسف) مرة أخرى عن سعر فاتورة الكهرباء التي تصله بعد الاستهلاك الكبير للطاقة الكهربائية من استعمال المكيف الهوائي بكثرة، فرد علينا أن أرخص فاتورة وصلته بلغ سعرها 5500 دج، وقد أضاف السيد (يوسف) أن فاتورة الكهرباء في بيته خلال فصل الصيف لا يمكن لها أن تقل عن 5000دج، ولكن وعلى حد تعبيره لا يهمه الأمر ما دام فصل الصيف ثلاثة أشهر فقط، فسعر فاتورة الكهرباء خلال هذه الفترة لا يشكل له عائقا بقدر ما يهمه الحصول على البرودة المطلوبة. أما السيدة (فاطمة) فهي الأخرى تكسب ثلاثة مكيفات كهربائية في بيتها، فهي تعيش في شقة متكوّنة من خمس غرفة كل غرفة نوم بها مكيف كهربائي وهذا يعني استهلاك كبير للطاقة الكهربائية، ما دفعنا لسؤالها عن سعر فاتورة الكهرباء التي تصلها خلال موسم الصيف فأجابتنا أنه تصلها فاتورة لا تقل عن 12 ألف دج، وذلك لأن أولادها لا يمكنهم أن يستغنون عن المكيّفات الكهربائية فلا يمكن لهم أن يمضوا يوما دون تشغيلها، عدنا وسألناها مرة أخرى (وهل تجد صعوبات في دفع مستحقات فواتير الكهرباء الخاصة باستعمال المكيفات، فأجابتنا أن أولادها يقومون بتقسيم ثمن الفاتورة بينهم وكل واحد منهم يدفع القسط الذي يجب عليه). ومن جهة أخرى هناك بعض المواطنين الذين يتفننون في سرقة الكهرباء من خلال إيقاف العدد عن التشغيل، و بالتالي يصبحون يستغلون الطاقة بالقدر الذي يريدونه دون أن يدفعوا فواتير باهضة. طرق وحيل للاستفادة من البرودة بالمجان وهو حال أحد الشباب ويتعلق الأمر ب(عدلان)) الذي يتفنن في سرقة الكهرباء من خلال إيقاف العداد عن التشغيل، مستعملا في ذلك طريقة الإبرة والخيط، فقط تكلم عدلان وقال ألا تعرفين طريقة الإبرة والخيط لإيقاف العداد الكهربائي، لنقوم بعدها بالإلحاح عليه حتى يطلعنا على طريقة استعمالها، ضحك قليلا ثم رد قائلا (خذي إبرة كبيرة الحجم تلك التي يستعملها الطراح حين يطرح مطارح الصوف، وركبي بها خيطا، بعدها اقطعي الكهرباء من الفاصل وقومي بالطرق بشكل خفيف فوق الإبرة بعد أن تضعيها فوق العداد الكهرباء مستعملة مطرقة صغيرة، وعندما تحدثين الثقب، حاولي أن تدخلي الإبرة فيه ثم أوقفي القرص المعدني الذي يدور داخل العداد من أجل تسجيل كمية الكهرباء المستعملة، وحينما يتوقف تصبحين بهذه الطريقة تستغلين الكهرباء دون أن تحصلي على فاتورة غالية الثمن، فقط أنبهك أن تعيدي العداد إلى عمله الطبيعي بنزع الإبرة منه، عند يقترب تاريخ قدوم أعوان سونلغاز من أجل مراقبة العدادات وكميات الاستهلاك ومن ثمة إعداد الفواتير)، بعد أن أنهى عدلان كلامه إلينا استغربنا كثيرا من الطريقة والحيلة التي وجدها هو وغيره في سرقة الكهرباء والتبريد بالمكيفات مجانا طوال فصل الصيف، وهو الأمر الذي سيّكلف مؤسسة سونلغاز خسائر فادحة أكيد، وعلى ما يبدو فإن الكثير من الجزائريين يقومون بسرقة الكهرباء على غرار عدلان، وهو الأمر الذي تأكد لنا بعد الحدث الذي جمعنا مع السيدة دليلة واحدة من سكان القصبة العتيقة والتي تملك في بيتها عدادا كهربائيا من النوع القديم، ما جعلها تسرق منه الكهرباء وبطريقة بسيطة جدا، فهي لا تحتاج سوى لورقة من صورة الأشعة التي يحصل عليها المرضى في المستشفيات، لتقوم بعدها بوضعها بين العداد والجدار، ما يؤدي إلى توقف عجلة العداد عن الدوران، وبالتالي تكون فرصة سانحة للسيدة دليلة لاستعمال كل الأجهزة الكهربائية التي تم اختراعها في العالم دون أن تدفع دينارا واحدا. الإمام جلول قسول: "ما يقوم به الجزائريون تصرف غير ديني وغير أخلاقي" وحتى نواصل البحث أكثر في موضوعنا مع علمنا أن ما يقوم به الجزائريون يفسر في خانة السرقة، ربطت (أخبار اليوم) اتصالا هاتفيا بالشيخ الإمام جلول قصول مسؤول النشاط المسجدي بوزارة الشؤون الدينية من أجل معرفة حكم الدين في الموضوع، وقد رد علينا الشيخ أن ما يقوم به الكثير من الجزائريين وللأسف من خلال سرقتهم للكهرباء يعتبر فعلا غير ديني ولا أخلاقي، فمن يقوم بهذا الفعل يستعمل شيئا ملكا للجميع، ليس ملكا للدولة فقط، ففي يوم القيامة سيحاسبه كل الجزائريين على فعلته، وهو أبعد وأخطر من التبذير حسب اعتقاد الكثيرين الذين يعتقدون بتصرفهم هذا أنهم يوفرون مال فاتورة الكهرباء، لذلك فهو حرام على الشخص القيام به، لأنها تعتبر كبيرة من الكبائر، وحجة غلاء الفاتورة عذر أقبح من ذنب على حد تعبير الإمام، وراح يحدثنا عن طريقة يستعملها بعض الأشخاص في إحدى المؤسسات بالشرق الجزائري والذين يقومون بتوقيف العداد الكهربائي عن العمل بواسطة جهاز التحكم عن بعد مستغلين في السرقة أحدث التقنيات التكنولوجية، وعندما يقترب تاريخ قدوم أعوان السونلغاز من أجل المراقبة يقومون بتشغيل بعض الأدوات الكهرومنزلية حتى يسجل العداد قليلا، وبعد مرور هؤلاء الأعوان يعيدون الكرة ويقطعون الكهرباء. وقد أكد لنا الإمام جلول قصول أنه قام في العديد من خطبه بنهي الناس على مثل هذه الأفعال التي تخل بالنظام الاجتماعي كله لخطورتها على المال العام. مديرية توزيع الكهرباء للعاصمة لا ترد على الهاتف حديثنا للإمام جلول قصول الذي أكد على خطورة الظاهرة، دفع ب(أخبار اليوم) إلى ربط اتصال هاتفي بالمديرية العامة لسونلغاز من أجل الحصول على إحصائيات مضبوطة حول عدد الحالات المسجلة في سرقة الطاقة الكهربائية، التي سجلتها ذات المصالح، إلا أنه تم توجيهنا إلى مديرية التوزيع بالجزائر الوسطى، هذه الأخيرة لا ترد على الهاتف، وهو أمر تعود عليه الإعلامي الذي يلقى دوما صعوبات في الحصول على المعلومة الصحيحة.