أيام قليلة تفصلنا عن عيد الأضحى أو العيد الكبير كما يطيب للمسلمين حول العالم تسميته، غير أنه لم يعد للأضحية قيمتها في المجتمع الجزائري كما في السابق، رغم أن الشريعة الإسلامية أولتها مكانة خاصة، إلا أن ما نراه قبيل عيد الأضحى بأيام يخالف الأخلاقيات الإنسانية قبل مخالفته النصوص الدينية، من خلال تكريس ثقافة السخرية من الأضحية، فقد تجردت قدسية واحدة من شعائر الدين الحنيف باعتبارها إحياء لسنة النبي إبراهيم الخليل عليه السلام بسبب هون التربية الاجتماعية. حسيبة موزاوي ويبدو أن الاحتفال بعيد الأضحى في الشهر الذي يكون فيه الحج إلى البقاع المقدسة بدأ يبتعد شيئا فشيئا عن خاصيته الروحية ودخل في متاهات، حيث شاهدنا العديد من الشباب يجوبون أحياء العاصمة بأضاحي بقصات غريبة وألوان مختلفة كرسم رايات مختلف الأندية الرياضية الجزائرية والأروبية والتي تعبر عن ثقافة غريبة عن المجتمع الجزائري، كما يطلق بعض هواة تربية الكباش بعض الأسماء المستوحاة من كنيات بعض اللاعبين المشهورين أو شحصيات معروفة أو دلالة على بعض السلوكات والمواصفات التي تخص بعض الأشخاص أو الأشياء. داعش من أبرز الأسماء التي حملتها الأضاحي وتعد تسمية (داعش) من أبرز الألقاب التي حملتها الأضاحي هذا العام، داع ش هو اسم أحد الكباش الذي شاهدناه في أحد إسطبلات بيع الكباش بالحراش، ولمعرفته أكثر اقتربنا منه فوجدناه كبشا ضخما، رأسه أسود وحوافره سوداء، يحمل بقعا سوداء في بعض المناطق من جسمه، وحسب صاحب الإسطبل فإن ثمن هذا الكبش يفوق 7 ملايين سنتيم، مشيرا إلى أنه يتغذى بنوع خاص من الشعير يكسبه الوزن في العضلات وبدون الشحوم الزائدة، وتتطلب عنايته أموالا معتبرة مخصصة لغذائه وصحته، كما أنه يحتجز في غرفة مظلمة سنة كاملة ليخرج إلى النور وبعدها يجز صوفه ويبدأ التحضير لتدريبه على القتال والمصارعة ومع حلول عيد الأضحى يتم نحره تطبيقا للشعيرة الدينية، غير أن هذه الأفعال خالية من التقدير لشعيرة عظيمة. المصارعات.. وجه سلبي آخر والغريب في الأمر أن بعض المصارعات اتخذت نغمة خاصة بها مستوحاة من بعض أغاني الراي، من باب إعطاء جو مرح على وقع إيقاعات نالت إعجاب الناس المتفرجين، حيث يردد بعض الشباب والأطفال هذه الأغاني مع كل نطحة وحركة فنية توحي بالرشاقة والإثارة، وهو ما أعرب عنه بعض المواطنين أن هذه الظاهرة تدخل في إطار القمار، معتبرين ذلك منافٍ للشريعة الإسلامية، والتي أصبحت تُظهر انعدام الحماس الكافي لتطبيق الشعيرة على أحسن وجه، وعدم إيلائها الأهمية التي تستحقها. لا يقف الأمر عند السخرية المبطنة التي يظهرها بعض الشباب حول التسمية، الكل يتذمر حول أسعار الأضاحي، ومن ثم فجأة ودون مقدمات نرى أهل البيت الواحد يتفاخرون بعدد الأضاحي التي اشترونها والتي ستنحر باسمهم هذا العام، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم نحر أضحيتين، واحدة عن نفسه وآل بيته والأخرى عن غير القادرين من أمته. الأضحية محل سخرية عبر الفايسبوك لتتطور الأمور على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي وتأخذ الأضحية محل الاستهزاء والسخرية، حيث أصبح لهاته الكباش صفحات خاصة على بعض مواقع التواصل الاجتماعي، على غرار الفايسبوك، حيث اتخذ كثير من الشبان هذا الموقع التواصلي لأغراض بعيدة عن الجانب العلمي والثقافي، لنشهد تعليقات ساخرة حول كل قضية سياسية، اقتصادية، اجتماعية، بل أصبحت لنشر فيديوهات وصور جذابة تعرض مشاهد قتالية وفنية في منتهى الإثارة، وذلك من باب الإشهار بهاته الكباش مع إمكانية ترويج البعض منها وبأسعار خيالية، وحتى التعليقات التي لم تسلم الأضحية منها، حيث يتم تداولها من باب الترويح عن النفس، مثلما قاله لنا أحد الشباب، ليكون هناك كم هائل من الصور التي تعبر عن مشهد محاولة هروب الكبش قبل نحره ببضع دقائق مثلا، أو ادعائه المرض حتى لا يشترى لعلمه أنه سيذبح. تصرفات تتنافى وقيم الشريعة الإسلامية في حين اعتبر الأئمة أن مثل هذه التصرفات تتنافى وقيم الشريعة الإسلامية، وأنه انتهاك لحرمة الأضحية، وأن السخرية منها هو تماما مثل السخرية من الإنسان، فالأضحية شعيرة من شعائر الدين والاستهزاء بها محرم منافٍ لتعظيم للشعائر الذي أمرنا به، فإن الله تعالى يقول في محكم كتابه (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّه)، ويقول تعالى (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ).